الصدر يقلب الطاولة في بيت العامري: لاتوافق ولا فصائل

بغداد/ تميم الحسن

أسدل زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر الستار على الفصل الاخير من مسرحية “التوافق” التي يدور الحديث عنها منذ نهاية اقتراع تشرين الماضي.
الصدر حقق امنية بدأت منذ أشهر بإعلان “موت التوافق” صراحة على اسماع القوى الشيعية، وتأكيده على “حل الفصائل”.

وبحسب مصادر مقربة من الصدر، ان الاخير “رفض دعوات اختيار رئيس وزراء توافقي، واقتسام الوزارات بحسب احجام القوى السياسية، وبقاء الفصائل المسلحة”.

وجاءت تلك التسريبات عقب انتهاء الاجتماع النادر للقوى الشيعية منذ ولاية رئيس الحكومة السابق نوري المالكي الاولى في 2007. واضافت المصادر التي تحدثت لـ(المدى) شريطة عدم ذكر هويتها ان “الصدر في الاجتماع تجنب الحديث مع المالكي او زعيم عصائب اهل الحق قيس الخزعلي”.

وكان المالكي قاد حملة عسكرية شاركت فيها القوات العراقية والاميركية عام 2007 ضد جيش المهدي التابع للتيار الصدري وأنصاره ومؤيديه. وبدأت الحملة في البصرة وانتقلت الى مدن اخرى، ما ادى إلى مقتل المئات منهم واعتقال مئات اخرى ما زالوا يقبعون في السجون وقد حكم على عدد منهم بالإعدام.

واتهم الصدر المالكي في وقت سابق بالنكث بوعود قطعها له بالافراج عن المعتقلين وإغلاق القضايا المتهمين بها. وأكد الصدر في 2010 تعرضه لضغوطات سياسية خارجية في اشارة الى ايران للقبول بترشيح المالكي لولاية ثانية.

واظهرت مقاطع فيديو بعد الاجتماع الذي جرى في منزل هادي العامري زعيم منظمة بدر، فتور العلاقة بين الصدر والمالكي من جهة والخزعلي من جهة اخرى.

وكان مايعرف بـ”جيش المهدي” الذي دعا الصدر الى اعادة هيكلته في 2013، قبل عام من ظهور “داعش”، قد اشتبك في ذلك العام مع عصائب اهل الحق التي يقودها الخزعلي في عدة مناطق في بغداد.

الصورة قبل الاجتماع

وروجت مجموعة مايعرف بـ”الاطار التنسيقي” وهي القوى الشيعية المعترضة على نتائج الانتخابات، قبل الاجتماع بان وجود الصدر في اللقاء سيضع نهاية لـ”التظاهرات” المستمرة منذ نحو شهرين امام بوابات الخضراء. لكن ماجرى بعد ذلك ان هذه المجاميع التي تعترض على نتائج الانتخابات اندفعت الى بوابات المنطقة الحكومية وحاولت اسقاط عدد من الحواجز الكونكريتية، بعد فشل “الاطار” في اقناع الصدر بالمضي في حكومة توافقية.

وتمضي المصادر المطلعة بالقول “طلبت جماعة الاطار من الصدر ان يدعمها في الخروج بحلول من ازمة الانتخابات، ومنها اختيار رئيس وزراء توافقي”.

واكثر الاسماء المتداولة في الايام الاخيرة للمنصب ضمن مايروج له الاطار التنسيقي، الذي تحول “توافقيا” بعد ازاحة ابراهيم الجعفري في 2016 وتنصيب المالكي، هو اسعد العيداني، محافظ البصرة.

وظهر العيداني الذي يقود تجمعا سياسيا وهو “تصميم” الذي حصل في الانتخابات الاخيرة على 5 مقاعد، فيما يبدو “جلسة صلح” مع زعيم تيار الحكمة عمار الحكيم، احد اقطاب الاطار الستراتيجي. والعيداني الذي دخل تجمعه ضمن الاطار ايضا، كان في 2017 مرشحا عن تيار الحكمة لمنصب محافظ البصرة قبل ان ينقلب على الاخير ويتحول الى تحالف النصر بزعامة حيدر العبادي، الذي انقلب عليه فيما بعد ليصطف مع تحالف الفتح.

ماذا طلب الإطار؟

وتشير المصادر الى ان “الاطار طلب في الاجتماع ان يُحافَظ على الأصوات الانتخابية لكل مجموعة في حصص الوزارات كأحد الطرق للخروج من الانسداد السياسي، وهو ما رفضه الصدر”.

الصدر غرد بعد اللقاء بكلمات قليلة اكدت ذلك الموقف، وقال في تغريدة خطها بيده على “تويتر” :”لا شرقية ولا غربية.. حكومة أغلبية وطنية”. وكانت مجموعة “الإطار” قد اصدرت بيانا عقب الاجتماع، وقالت انها “استقبلت في منزل هادي العامري لمناقشة القضايا العالقة وآخر مستجدات الوضع الراهن، تعزيزا لروابط الوحدة والإخاء بين أبناء الوطن الواحد وبما يخدم مصلحة الشعب العراقي التي هي أولوية لجميع الأطراف”.

وأضاف البيان، أن “المجتمعين ناقشوا عددا من القضايا الرئيسة، ومنها اتخاذ الخطوات العملية اللازمة لمحاربة الفساد ومحاسبة الفاسدين وإيقاف الهدر المتعمد بالمال العام، والتأكيد على خروج القوات الأجنبية وفق الجدول الزمني المعلن ووضع آليات كفيلة بحصر السلاح بيد الدولة”.

وتابع البيان “كما اتفق على حماية الحشد الشعبي ودعمه وتنظيمه بما يعزز دوره في حفظ الأمن في العراق وتجريم التطبيع وكل ما يتعلق به، والعمل المشترك للحفاظ على ثوابت الشعب العراقي في التصدي للانحرافات الأخلاقية والاجتماعية وفق الأطر القانونية، والعمل على رفع المستوى الاقتصادي للمناطق المحرومة وإبعاد التنافس السياسي عن كل المشاريع الخدمية ورفع المحرومية عن هذه المناطق”.

وأكد البيان، أن “الطرفين اتفقا على استمرار الحوارات والمناقشات وصولا إلى وضع معالجات واقعية للانسداد الحاصل في المشهد السياسي”.

موقف الصدر

لكن المصادر المقربة من الصدر اكدت ان الاخير “لم يتراجع عن موقفه بتسليم سلاح الفصائل الى هيئة الحشد واعادة هيكلة تلك المجاميع تمهيدا لدمجهم مع القوات الامنية”.

وكشف مسؤول مقرب من رئيس التيار الصدري مقتدى الصدر عن ان الاجتماع الذي جرى في منزل العامري كان بطلب من الاول.

وقال رئيس الهيئة السياسية للتيار الصدري أحمد المطيري، في بيان ان “دعوة السيد مقتدى الصدر للإخوة في الإطار التنسيقي في بغداد بعدما رفضوا المجيء إلى النجف (….) دليل على شفافيته ونقاء قلبه…”.

وأضاف المطيري أن “الصدر شدد خلال اللقاء على أنه في حال رغب قادة الإطار التنسيقي الدخول في الحكومة فعليهم تسليم سلاح الفصائل المسلحة للحشد الشعبي ومحاسبة الفاسدين”. وأوضح أن “الصدر لم يذهب لمنزل العامري من أجل تفاهمات حكومية وإنما لسد الذريعة على من يقولون إن السلم الأهلي قد يتعرض للخطر”.

وتابع رئيس الهيئة السياسية للتيار الصدري أن “الصدر أكد للحاضرين أن السلم الأهلي خط أحمر على الجميع، كما ذكر أن المرجعية الدينية في العراق لم تلتق بالسياسيين منذ مدة طويلة، وهو ما يشير إلى عدم رضاها عن الكتل السياسية”.

ومضى قائلا “دعا الصدر الجميع إلى إرسال رسالة أبوية ومحبة واعتذار للمرجعية والشعب، ولنتقدم بحكومة أغلبية سياسية وطنية لننقذ العراق”.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here