مؤسسة بحوث أميركية: ماذا تعني حكومة يقودها الصدريون؟

ترجمة/ حامد أحمد

ذكرت مؤسسة هيريتج فاونديشن The Heritage Foundation الأميركية للدراسات والبحوث في تقرير لها عن الأوضاع السياسية الراهنة في العراق لما بعد انتخابات 10 تشرين الأول 2021 وما يشكله ذلك بالنسبة لسياسة الولايات المتحدة الخارجية إزاء البلد، ان أميركا لها هدفان رئيسان في العراق هما: مواجهة نفوذ ايران ومحاربة التنظيم المتطرف المتمثل بداعش. ولحسن الحظ فان النتائج الرسمية للانتخابات العراقية قد خلقت فرصة للولايات المتحدة بان تتقدم في سعيها إزاء هذه الأهداف.

الفائز الأول في هذه الانتخابات تمثل بتيار رجل الدين، مقتدى الصدر، الشخصية الوطنية البارزة. وعزز التيار الصدري رصيده في هذه الانتخابات بالفوز في 20 مقعدا إضافيا لما كان يملكه من مقاعد البرلمان السابق ليصل رصيده الى 73 مقعدا من مجموع 329 في البرلمان الجديد، في حين خسر ائتلاف الفتح بزعامة هادي العامري، الذي يضم ممثلين عن فصائل مسلحة ضمن الحشد الشعبي 31 مقعدا لينخفض رصيده عما كان يشغله في البرلمان السابق الى 17 مقعدا فقط في البرلمان الجديد.

وكانت نتائج انتخابات 10 تشرين الأول قد أثارت ردود فعل مباشرة من فصائل مسلحة أدت الى حدوث توترات ورافقتها الشهر الماضي محاولة اغتيال لرئيس الوزراء مصطفى الكاظمي بهجوم طائرات مسيرة على مكان اقامته في المنطقة الخضراء. ولكن مفوضية الانتخابات العراقية اكدت الثلاثاء نتائج الانتخابات. وهذا ما جعل التيار الصدري يعتبر بمثابة الكتلة الأكبر بدون منازع وله القول الفصل بتشكيل الحكومة القادمة.

ويشير تقرير مؤسسة هيريتج للبحوث الى ان الصدر معروف جيدا بالنسبة لصناع القرار في أميركا منذ ان كانت قواته تحارب القوات الأميركية في الأيام الأولى لحرب العراق والغزو الأميركي. وكون ان التيار الصدري قد اصبح وفق نتائج الانتخابات بمثابة بيضة قبان تشكيل الحكومة فانه قد يلجأ لتجديد دورة رئاسية ثانية للكاظمي الذي يحظى بقبول الاميركان.

خلال الأوضاع الأمنية الصعبة التي حلت بالعراق عام 2014 اثناء فترة حكم رئيس الوزراء السابق نوري المالكي واجتياح تنظيم داعش لمساحات واسعة من العراق واقتراب تهديداته للعاصمة بغداد أصدرت المرجعية العليا فتوى تشكلت بموجبها قوات الحشد لمواجهة داعش وحقق التيار الصدري شعبية واسعة عبر مشاركة جناحه العسكري سرايا السلام في مواجهة تنظيم داعش الإرهابي ومساعدة القوات العراقية في التصدي له. وعقب الهزيمة التي حلت بتنظيم داعش عام 2017 تلى ذلك اتخاذ قرار بدمج قوات الحشد بالمؤسسة العسكرية العراقية تحت اشراف الحكومة بضمنها قوات سرايا السلام تحت سيطرة مباشرة من قبل رئيس الوزراء. في حين بقيت هناك فصائل معينة ترفض الانصياع لاوامر الجيش وتتصرف خارج سيطرة الحكومة.

وتذكر المؤسسة البحثية انه رغم مواقف الصدر المناوئة للتدخل الإيراني وقربه من الكاظمي، اللذين يشكلان عاملين يساندان اهداف اميركا في سياستها الخارجية تجاه العراق، فان هذا لا يمنع من وقوف التيار ضد التواجد الأميركي. ولكن هناك مؤشرات تظهر بان الصدر اصبح براغماتيا أكثر. فقد صرح بان جميع السفارات الأجنبية مرحب بها بضمنها الولايات المتحدة، طالما انها لا تتدخل بشؤون العراق الداخلية وتشكيل الحكومة.

وشجع الصدر من ناحية أخرى إقامة علاقات افضل مع العربية السعودية ودولة الامارات المتحدة اللذين لديهما روابط صداقة مع الولايات المتحدة. وكرر أيضا الدعوات لكبح المجاميع المسلحة التي لا تستجيب لأوامر الحكومات المتعاقبة والتي تدعو لحصر السلاح بيد الدولة فقط.

وكان الصدر قد أوضح سابقا بان وجود فصائل مسلحة لا يشكل عاملا جيدا لبناء دولة ولهذا يجب دمجها ضمن اطار القوات الأمنية لخلق عراق موحد متماسك اكثر.

ويخلص التقرير الى انه يتوجب على الولايات المتحدة ان تتخذ نهجا مدروسا دقيقا في سياستها الخارجية تجاه العراق، البلد الذي تكتنفه تحديات اقتصادية واجتماعية وسياسية والذي يقع في واحدة من اكثر مناطق العالم تعقيدا.

موقف الصدر المعارض لتنامي نفوذ إيراني في العراق والغالبية السياسية التي يتمتع بها في البرلمان القادم تجعل منه شريكا حاسما لارجاع الكاظمي ومنحه فرصة دورة رئاسية ثانية. وبالتالي فان الكاظمي قد يتخذ خطوات لارجاع العراق لمكانته كبلد مستقل يكافئ ايران كدولة الى دولة، بدلا من ان يصبح تابعا لها.

• عن مؤسسة هيريتج فاونديشن

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here