من هو الزعيم ؟!

من هو الزعيم ؟!

من الأدب الساخر: نبيل عودة

أعزائي الطلاب، ارجو ان عطلتكم لم تنسيكم ما تعلمناه في الفصل السابق. تحدثنا عن زعماء الدول، وبينا ان بعضهم مجرد اسم او صورة بلا قيمة، وبعضهم يفرضون أنفسهم على مجموعة من القطيع هم أعضاء حزبهم.

ومن هنا يفرض هذا السؤال نفسه، واريدكم ان تفكروا وتجيبوا على سؤالي: من هو الزعيم. او ما هو الزعيم؟

فاجأ استاذ العلوم السياسية طلابه بهذا السؤال المباغت، وأربكهم بإضافة السؤال الذي لم يخطر لهم على بال منذ بدأوا دراستهم، واضاف الأستاذ: كيف تجدوا القاسم المشترك مثلا بين زعيم وقرقعة؟

اشغلهم بتفسيرات كادت تشعرهم بالندم لاختيار موضوع العلوم السياسية. تساءلوا ما العلاقة بين العلوم السياسية وهذه الدوامة التي أدخلهم بها استاذهم؟ كيف يقارنوا بين زعيم وقرقعة؟ ما علاقة القرقعة بالحياة السياسية؟ كيف يمكن الربط بين قرقعة وشخصية زعيم تملأ أخباره وصورة وسائل الإعلام المحلية والدولية؟ بينما القرقعة تعيش في الوعر والزعيم ينشأ داخل حزب سياسي؟ القرقعة تتغذى على النبات والزعيم على الهبر والطيبات من أجود انواع اللحوم؟ قيمة نعل الزعيم مصروف عائلة من عشرة أنفار لشهر كامل وبيت فاخر وفيلات وفنادق والقرقعة تجيء لعالمنا وبيتها على ظهرها؟ تنظيف بيت الزعيم هو ميزانية نظافة لسلطة محلية كبيرة. الزعيم متزوج من زعيمة تبتلع يوميا زجاجة شمبانيا على الأقل قيمة كل زجاجة أكثر من ألف دولار؟ الزعيم له مؤهلات تجعله يتبوأ الصدارة بين مجموعة من الناس او داخل حزب ما، وهناك مميزات أقرب للخيال عن رحلات الزعيم وزوجته بغرف خاصة في الطائرات؟ الزعيم يحصل على غرف فنادق بقيمة تكلفة يومية للغرفة تكفي لإقامة أحسن حفل زفاف لعشرة عرسان؟! الزعيم لا يتنازل حتى عن الزجاجات الفارغة التي ثمنها بعض القروش ولا تكفي لشراء عشرة ساندويشات شوارما لأولاد جائعين، فكيف نربط بين قرقعة لا حول ولا قوة لها وبين جبار يده تطول ما لا يطوله نصف جميع أعضاء حزبه سوية؟

المستهجن كما عبر أحد الطلاب هو ان المقارنة هي بين عنصرين لا شيء يربط بينهما. رد الأستاذ:

– انا متفاجئ من تفكيركم الضيق.. افتحوا أدمغتكم وفكروا بأسلوب ابداعي وليس بطريقة تقليدية من داخل صندوق مغلق. اخرجوا الى شمس الفكر، الى التفكير الإبداعي، لا تخافوا من الخطأ، بدون خطأ لا تقدم في التفكير، ستظلون تجتروا التقليد.

وارتبك الطلاب: من هو الزعيم اذن وما علاقة ذلك بقرقعة؟

حاول الطلاب مناقشة جميع جوانب الموضوع. أحدهم ادعى انه لكي تصبح زعيما سياسيا يجب ان تكون غنيا. آخر قال المال لا يصنع الزعيم، يجب ان يكون وراءه حزب قوي. طالب ثالث ادّعى ان الزوجة هي التي تصنع الزعيم، بتوفيرها للجو المناسب كي ينشط ويتقلد المناصب المرموقة. طالبة ادّعت انه يجب ان يكون مثقفا وخبيرا في قضايا السياسة والمجتمع. طالبة اخرى قالت انه يجب ان يكون ذكيا وسريع الخاطر. طالب اعترض ان الاستقامة هي ابعد ما يكون عن الزعماء.

أستاذ العلوم السياسية سخر من هذه التفسيرات ووصفها بالصبيانية والتقليدية والخارجة من صندوق مغلق.

تحمّس طالب وقال ان السبب باعتقاده هو تمتع الزعيم بجينات خاصة ترفع من شانه. ضحك المعلم وقال ان اكثرية الزعماء المطلقة أغبياء، وربما يداروا عن طريق رجال أقوياء ووضع الزعيم بينهم مشابه للقرقعة، الرجال الأقوياء هم الحكام الحقيقيين والزعيم واجهة، قرقعة، واضاف ان معظم الزعماء هم أشخاص من مستويات متوسطة، وصلوا بالصدفة الى منصب هام بعد ان فرغ من زعيم سابق بسبب مواهبهم في التملق. وان الموضوع لا يعبر عن ذكاء او استقامة او حسن ادارة للسياسة.

طالب لم يعجبه قول استاذه فقاطعه: كيف يمكن مقارنة زعيم يتصرف بمصير الملايين بقرقعة؟

قال الاستاذ ان هذا الكلام يليق بصفوف ابتدائية وليس بطلاب جامعة.

– اذن ما الجواب؟

سألته طالبة.

– هذا ما اردت ان اسمعه منكم، ان يكون لكم جواب غير تقليدي.

– تذكرني بجدي الذي يقول ان الزعيم مثل القرقعة على عامود.

– الآن دخلنا في علوم السياسة، هذا جواب هام لكنه ناقص، نريد ان نسمع تفسيرا عن التشابه بين الزعيم والقرقعة التي فوق عامود.

بعد تردد وبسبب تشجيع من أستاذها قالت:

– جدي يقول انه من الصعب ان نفهم كيف وصلت القرقعة لقمة العامود ، حتى من الصعب ان نصدق أعيننا انها على قمة العامود، والأهم لا يمكن ان نتخيل انها وصلت بقواها الذاتية لقمة العامود بدون مساعدة من شخص أو أكثر لهم مصالح بان تكون القرقعة جالسة على رأس العامود. الأهم ان وجود قرقعة على قمة العامود أمر غريب ومستهجن لأنها أصلا لا يجب ان تكون فوق، السبب كما يقول جدي ان القرقعة لن تستطيع ان تقوم بأي عمل مفيد لنفسها او لأبناء جنسها ما دامت على قمة العامود. اذن اوصلوها من ارادوا زعيما لا يملك أي يكون الآمر الناهي في سلطته، بل صورة يفعلون بظلها ما تطيب له نفوسهم، ويقول جدي، بالضبط هذه هي حال معظم الزعماء، قرقعة على قمة عامود!!

[email protected]

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here