الطبائع الحسنة والطبائع السيئة

الطبائع الحسنة والطبائع السيئة:
بقلم ( كامل سلمان )
الطبائع موجودة في تركيبة الكائن الحي ، طبائع الإنسان موجودة في تركيبته كإنسان وطبائع الحيوان موجودة في تركيبته كحيوان ، وطبائع الإنسان تكون إنسانية وأخلاقية وعاطفية في الأساس ولكنها تتغير مع البيئة ومع الأفكار التي يعتنقها الإنسان او يتأثر بها ، ونسبة التأثر مقرونة بالأستعداد للتأثر وهذه الاستعدادات هي موروثات جينية تتحرك وتتفاعل مع العوامل الخارجية ، وهذا مايدفعنا للتساؤل عن السلوكيات المنحرفة عند كثير من الناس في واقع مجتمعنا ، هل هي طبائع ام تركيبة مضافة . هناك نقطة مهمة وهي اي فكر او معتقد او موروث يؤكد على إنه هو الصح وغيره خطأ ، يكون هذا الفكر او المعتقد او الموروث اساس قوي لخلق الطبائع السيئة عند الناس، هذا الفكر يخلق الكراهية ، يخلق النظرة الدونية للأخرين ، يخلق العداء بل هو رأس الخطيئة ، فما بالك ان ترى وسائل اعلام مسموعة ومرئية ووجوه لها مكانة ووجاهة تتحدث وعلى مدار الساعة بهذه الطريقة !! أكيد ستكون النتيجة كما نراه في واقع المجتمع من انحلال اجتماعي وظهور لطبائع حيوانية في تركيبة الإنسان وتزداد سوءا هذه الطبائع عند من هم ذوات العقول الفارغة والمتحجرة ومن هم يمتلكون المؤهلات الوراثية للعدوانية .
أنت تؤمن بأنك صح وغيرك خطأ فهذا لا يعني إنك جيد وغيرك سيء ولا يعني أنك صح في كل شيء وغيرك سيء في كل شيء ، ولا يعني أنك انسان وغيرك لا .
الإنسان الذي يؤمن بإنه صح وغيره خطأ سيعطي بكل تأكيد الأفضلية لنفسه والدونية لغيره ، من هنا تنشأ العنصرية والعنصرية تولد الاضطهاد وتولد الصراعات والصراعات تولد الفقر والشيطنة والشيطنة تولد الطبائع السيئة ثم يأتيك من يرمي كل هذه السيئات على دول ومجتمعات أخرى دون النظر الى نفسه لإنه مازال تحت تأثير نفس الاعتقاد وغير قادر ان يراجعها او ينظر إليها بعقلية واقعية .
قد يكون عدوك هو من أوحى إليك هذا التفكير المنحرف ، ولولا أستعدادك لتقبل هذا الإيحاء لما حدث ما حدث . لماذا تقبلتها أنت والأخر رفضها ؟ ببساطة لإنه عاقل وأنت إنسان جاهل .
الصراع من هذا النوع لاينتهي الا بوجود قانون يمنع ذلك وهذا القانون يمثل الطبع الإنساني للإنسان وقد أدركت شعوب ومجتمعات الأرض هذه الحقيقة وعالجتها ومنعت دعاتها بقوة .
المشكلة في مجتمعاتنا لم يكتفوا بما يعتقدون فذهبوا بعيدا الى عمق التأريخ ليظهروا الصح والخطأ في الشخصيات التأريخية ليزيدوا الطينة بلة و ليجعلوه صراعا مصيريا دون النظر الى ما تؤول إليه النتائج .
العراقيون يتذكرون فترة الحصار المقيتة التي دامت لفترة عقد ونيف وكيف كانت الحالة المعيشية للفرد فكانت فترة زمنية أنهكت قوى المجتمع العراقي ورغم ذلك ظلت الطبائع الحسنة هي الغالبة ولم تتغير لإنه لم تتكون في تركيبة الإنسان العراقي الكراهية والانحراف وهذه ملاحظة مهمة جديرة بالمقارنة .
أتعلمون ان كل مصائبنا مصدرها ثلاثة مفردات ( قيل ويقال وروي ) لو أننا أزحنا هذه المفردات الثلاث عن حياتنا لعادت الطبائع الحسنة تهيمن من جديد على حياتنا ولعادت إنسانية الإنسان الى مسارها الصحيح ولأختفت عوامل الشر ، انظروا الى كل من يكتب او يتحدث بالكراهية او أثبات إنه صح وغيره خطأ لابد ان يستشهد بواحدة من هذه المفردات الثلاثة ، والكل يعرف ان أساس هذه المفردات سائبة النهاية ، وهي قد تكون رأي شخص او ملاحظة من شخص استطاع الكتابة في زمن كانت الجهالة والتخلف هي السائدة ولا يمكن لأي عاقل ان يعتبرها دليل او حتى يبني عليه معتقد . ففي المجتمعات المتحضرة تم إلغاءها تماما من كتبهم الا ما أكدته الادلة القطعية والدلائل الملموسة والمثبتة علميا على ان لا تمس اي جهة او مذهب او دين ، حتى كتبهم تكاد تخلو من اي إساءة لأي دين في التأريخ رغم صراعاتهم التأريخية معنا ونحن نذكرها بكل يقين ، وهذا دليل أخر عن مدى اهتمامنا بأشياء كان من المفروض ان نرميها في مزابل التأريخ لا ان نورثها لأبناءنا المظلومين ليحملوا همها مثلما نحن فعلنا ونحن جاهلون .
الطبائع الإنسانية اذا تلوثت ، تلوثت العقول وتلوث السلوك وتلوثت الأواصر وتلوث كل شيء وأصبحت الحياة جحيم لا يطاق ، وهذه حالة يتحمل مسؤوليتها من هم جهلاء ولكنهم يجيدون النطق ويجيدون الكذب ويتمتعون بكل انحراف وزيغ وتتوسع قدرات هؤلاء الجهلاء مع توسع امكانياتهم المادية والسلطوية ، وللأسف هذا واقع الحياة عندنا ، نحن نعمل ما بوسعنا لتبيان مواطن الخلل لئلا يكون السكوت فيه رضا ، ونحن أدرى ان أكثرهم قد رضوا بها وأطمأنت قلوبهم بها وهم غافلون .

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here