الراقصون على أجساد الموتى

الراقصون على أجساد الموتى
ضياء محسن الاسدي

(( شُحت الابتسامة من على الوجوه وقست القلوب فهي كالحجارة أو اشد قسوة لدى الكثير من الناس في زماننا هذا وغادرة الفرحة أعشاشها القديمة الآمنة التي كانت ترسمها على المحيى في الطفولة والصبا والشباب واستوطنتها أسراب الغربان المتوحشة المتشحة بالسواد وصار الإنسان يلعق جراحه وجراح أخيه في ظل صعوبة الحياة وقسوتها حتى أصبحنا كالخشب المسندة نخاف من كل صيحة في الأفق نحسبها نذير شؤم يدق أجراس آذاننا بالخوف والخطر النائم بين الأضلع الغاوية ونكره الفرح والحياة كالفراش وهو يتراقص حول حلبة النار الملتهبة غير آبهين لشيء فالحياة أصبحت لدينا فرض عيش بليد لابد أن نعيش أيامها .سُرق كل شيء منا على يد أناس لا يعرفون طعم الحياة ولا حلاوة العيش بعدما فقدوا ضمائرهم وأودعوها في قمامة الظلمة والخوف تراقصت نفوسهم وأبدانهم طربا عل أجساد موتانا بنشوة النصر حين سنحت لهم الفرصة بالتسلط بغفلة من الزمن على أن يتحكموا برقاب الناس ويتولوا أمورهم بعدما دار الزمان ظهره وأشاحت الحياة عنا بوجهها المخادع ليصبحوا تحت رحمة من لا رحمة له حيث تعود الكثير من هؤلاء الراقصون سماع أنين الموتى الأحياء ويطربون بزهو الفرحة وهم يرقصون على دكاة حلبة الموتى الصاخبة منتشين بكؤوس دم الجرحى من الفقراء والمساكين في لياليهم الحمراء بعيدا عن معانات الجياع والمحرومين القابعين في دهاليز الموت والعوز ورائحة الموت تزين جدرانها المتهالكة من جور وظلم المتنفذين والمنتفعين حيث تعود البعض منهم حين سنحت له الفرصة أن ينهشوا لحوم الأبرياء ويتفاخرون بعدد المقابر ويتبارون بعديد الموتى لأنهم فقدوا طعم الحياة الشريفة وأحبوا الرقص في نوادي المقابر على مسمع ومرأى الشرفاء والنجباء فالصمت مفازة للكيسين في زماننا هذا وهروبا نحو ضفاف الأمن والأمان .)

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here