صناعة الألم وصناعة الأمل

صناعة الألم وصناعة الأمل :
بقلم ( كامل سلمان )
هناك فرق كبير بين من يصنع لك الالم وبين من يصنع لك الأمل ، فالأول داء والثاني دواء ، الأول أختصاص يمكن ان يتخصص به السيئون دون عناء فهو أختصاص شائع والثاني اختصاص نادر يتخصص به الطيبون .
نعم الأغلبية اليوم يرغبون الاختصاص الشائع ، يرغبون الانخراط في الطريق المظلم الذي به يعذبون أنفسهم ويعذبون الأخرين ، وهذا هو كل همهم في الحياة لأن إدراكهم لسبل الحياة لا يتعدى أكثر من ذلك .
أما صناع الأمل فهم الأقلية النادرة ، يبحثون عن سبل السعادة ويصنعونها رغم صعوبتها ثم يقدمونها على طبق من ذهب للآخرين ، هؤلاء هم الأمل وهم صناعها وهم من يعطي للحياة طعمها ونكهتها ، ولولاهم لأظلمت الدنيا .
ان الشطر الأعظم من أمراضنا وهمومنا و ويلاتنا هي من مصدر بشري لا يمتلكون الحس الإنساني بما يتركه الالم من أثر قاسي وجرح عميق على الراغبين ان يعيشوا بسلام بلا غم ولا عقد ، لا يمكن تعديل الاعوجاج الذي أصاب قلوب وعقول وضمائر هؤلاء الصنف المحسوب على البشر بسبب وجود المغذيات لها ، وتزداد فعالياتهم مع إمتلاكهم للسلطة والمال وكثرة الأنصار .
اؤلئك الذين يسمون أنفسهم بشرا ولا يملكون من خصائص البشرية الا القوام والهيكل يعيثون في الأرض الفساد ويشبعون الرغبات ويسفكون الدماء وكلما ازداد بطشهم ازدادت نوازعهم الشريرة وهذا هو أكبر طموح يعيشون من أجله . هذه الحالة ليست وليدة اليوم فهي قوة كامنة تعيد نفسها و تنتعش بوجود الظروف الملائمة وتصل ذروتها بتقبل الناس لها وعدم ردعها او على الاقل رفضها .
ضعف المقارنة عند الناس بين الخير والشر واستخفافهم بالحياة التي يحيوها هي أهم الأسباب التي تجعل الناس تقبل رعاة الشر وصناع الالم والا ماذا نفسر إلاصرار على السكوت والرضا ولماذا المجتمعات التي تحب الحياة وتعشقها قادرة على المقارنة و بقوة بين الخير والشر لا تسمح لصناع الالم بالظهور الى السطح وأخذ اي دور حتى ولو كان دورا هامشيا في حياتهم . نحن نشتكي من النتائج ولم نشتكي من المسببات ، نرضى بالمسببات وحين نحصل على النتائج نتألم ونشتكي ونبحث عن الحل وبنفس الوقت نتمسك بالمسببات ، تناقض عجيب .
الخوض في تركيبة صناع الالم وكيفية صناعتها فيه صداع وعفونة تزكم الأنوف ومجرد ذكرهم تقزز النفوس ولكي ترتاح العقول فلنعرج الى ملائكة الارض ، روح الحياة ، نكهة العيش اصحاب القلوب الرقيقة الذين يزرعون البسمة في شفاه الناس ، صناع الامل وما أجملهم ، ما نأكله من طعام طيب هم صناعها ، ما تناله عقولنا من علم هم صناعها ، ما نراه من تكنلوجيا ومنظمات إنسانية ودواء وسينما وملبس ورقي في الرياضة والفن وفرحة وحقوق للإنسان والحيوان هم صناعها ، يصنعون من المناسبات فرحة يصارعون الزمن من أجل رفعة الأنسان وعلو شأنه ، هم موجودون في كل مكان من الارض حتى في أسوأ المجتمعات لكنهم مغلوب على أمرهم وممنوع عليهم اظهار أنفسهم ، كيف إستطاع الطيبون ان يكونون بهذا المستوى ، لا بد ان يكون خلف ذلك سبب عظيم ، السبب هو الفكر الذي إعتنقوه ولا يحمل في طياته غير حب الإنسان لأخيه الإنسان ، وما يزرعه أحدهم من خير سيثمر عاجلا ام آجلا هذا هو ايمانهم ، ومفردات هذا الفكر هي بالحقيقة مقاس يرهم لكل انواع البشر ويراعي كل الأذواق حتى الشواذ منهم ، هذا الفكر هو ليس معتقدا او دين جديد وإنما هو براءة الطفل وحاجة المريض وحيرة التائه ، هو ما توصل إليه الإنسان من نتاج يعادل كل تطور اخر بل ويزداد عليها لأن هذا الفكر الإنساني هو المحفز لكل صناعة وتجارة وزراعة ابدع بها الإنسان لا بالسرقة ولا بالغدر والخديعة وسيبقى هذا الفكر الإنساني يفيض بالعطاء وفيضه سيكون مبيدا لكل الأفكار المنحرفة التي دمرت حياة الإنسان وسببت له الآلام وصنعت عقول تعيش على الخزعبلات والتخلف . علينا جميعا ان نسعى الى قبول الأفكار المحبة للخير والفاعلة للخير ونزيح عن أنفسنا بقع الظلام التي رافقتنا لمئات السنين فقد حان وقت التغيير .

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here