اللوبي … ما هو ؟ وأين هو ؟ وكيف يؤثر ؟

اللوبي … ما هو ؟ وأين هو ؟ وكيف يؤثر ؟
جماعة الضغط  ( اللوبي )
1- جماعات الضغط تعتبر من اركان الشورية والديمقراطية حالها حال الأحزاب ومؤسسات المجتمع الديمقراطي في الأنظمة الديمقراطية فأي جماعة بحاجة الى لوبي في الوطن وخارج الوطن وفي مؤسسته الأم وفي كل مؤسسة من مؤسساته بشكل اوبأخر .
2- يقع اللوبي في الانظمة السياسية الديمقراطية هرمياً بين الحكومة و البرلمان ومؤسسات المجتمع المدني وتحديداً بعد الحكومة والبرلمان وقبل مؤسسات المجتمع والأحزاب فهي تنظيمياً وتأثيراً فوق مؤسسات المجتمع المدني والأحزاب ودون الحكومة و البرلمان ، وذلك يعكس دور و أهمية اللوبي .
3- اللوبي يلعب دور الوسيط بين مؤسسات المجتمع المدني التي تمثل الشعب من جهة والحكومة و البرلمان من جهة اخرى فحين ينعدم اللوبي او يضعف يؤدي ذلك الى ضعف في العلاقة والتفاعل بين المؤسسات المذكورة والحكومة و البرلمان وتزداد الهوة بينهما وبالتالي تضعف العلاقة بين الشعب من ناحية والحكومة والبرلمان من ناحية اخرى ، فالشعب بعد أن يختار ممثليه في البرلمان والحكومة عبر الانتخابات لا يتركهم يتصرفون لوحدهم كما يرون وحتى الانتخابات القادمة بل تتم متابعة اولئك والضغط عليهم عبر اللوبيات المختلفة .
4- الانتباه الى دور اللوبي قانونياً في تكريس الديمقراطية وتقويم الاداء الحكومي والبرلماني في العراق الديمقراطي الجديد مهمش والى حد كبير و ذلك يهدد مستقبل الديمقراطية ويقود الى نشوء مراكز ضغط غير قانونية تفتقر الى التنظيم والشفافية والتركيز ويضعف اداء البرلمانيين و الحكوميين كما يبقي دور الأحزاب و مؤسسات المجتمع المدني هامشياً ، كما يقود الى ضعف في العلاقة والتفاعل بين الشعب والدولة بالمعنى الأعم ، وفوق كل ذلك يحرمنا من الخبرة المطلوبة في تأسيس وعمل اللوبي واللوبيات المطلوبة فكما قلنا والعراق ليس استثناءاً بحاجة الى الوبي بل لوبيات في الخارج لتخديم قضايا العراق والعراقيين وإستحصال قرارات ومواقف لصالح العراق والعراقيين في الدول المختلفة في الخارج .
5- اللوبي عبارة عن هيئة اوجماعة قانونية منظمة تدافع عن قضايا اومواقف اومصالح معينة محددة لدى السلطات العامة في الدولة فتلعب دوراً محورياً وهاماً في الحياة السياسية حتى بات معروفاً بأن القرارت يعدها او يصنعها اللوبي و ينحصر دور سلطات الدولة في إضفاء الصنفة الرسمية على تلك القرارت .
6- اللوبي يصنع قرارت الحكومة والبرلمان وهولا يستلم الحكم كما تحاول وتعمل الأحزاب ، ولا يبرر اللوبي قرارات الحكومة والبرلمان  كما يفعل الحزب عادة ولا سيما إذا استلم الحكم اوكان جزءا منه .
7- اللوبي لا يسعى كالأحزاب لإستلام الحكم بل يسعى للتأثير فى الحكم و قيادته بصورة غير مباشرة عبر وسائل مختلفة على رأسها إنشاء شبكة من العلاقات مع الحكوميين والبرلمانيين ورجال الدين والقانون والقضاء و الباحثين والمحققين الستراتيجيين والأكاديميين والسياسيين والأعلاميين و الفنانيين وما نحوهم من النفوذ والتأثير في الدولة من جهة وعلى الدولة من جهة ثانية وفي الرأي العام من جهة ثالثة ، فرصيد اي لوبي من العلاقات ولا سيما في الإتجاهات المذكورة وبعد الأموال يعتبر أساساً للتحرك و العمل والنجاح .
8- اداء اللوبي يتوقف مهارات وفنون محورية عديدة منها  : فن العلاقات العامة ، فن الحوار والتفاوض ، فن التخالفات والائتلافات ، فن إدارة الأزمات و فن إدارة الرأي العام و ما نحو ذلك ، فلابد من تطوير المهارات المذكورة والخبروية والحصانة المطلوبة في كل منهما وإعداد و توظيف الكوادر اللازمة في تلك المجالات واستحصال المستشارين لذلك .
9- لتأمين الكوادر المحورية في اللوبي ولتدعيم المهارات والخبرات المذكورة في البند المتقدم يلجأ اللوبي الى كشف و توظيف اوإستشارة البرلمانيين والسياسيين و الدبلوماسيين والقانونيين والأمنيين المخضرمين المتقاعدين اصحاب الخبرة والتجربة الميدانية الطويلة في موطن اللوبي لمعرفتهم بمداخل الأمور ومخارجها وخبرتهم في كيفية إتخاذ القرار و المواقف ، وهناك دراسات تبين ان حوالي (43) في المائه من اعضاء مجلس الكونغرس الأميركي بعد إستقالتهم اوتقاعدهم يعملون في شركات اللوبي بمعنى انهم يستخدمون علاقاتهم و خبرتهم لخدمة مصالح اللوبي .
10- اللوبي الذي يعمل في المهجر و مثلا للدفاع عن المصالح العراقية او للدفاع عن مصالح شريحة من شرائح الشعب العراقي لابدّ و أن يستند ذلك اللوبي للنجاح و التقدم الى تحالف ستراتيجي و ربما مصيري ايضاً بين الدولة التي يعمل فيها و بين العراق او بين الدولة التي يعمل فيها خارج العراق و تلك الشريحة العراقية التي يدافع عن مصالحها في المهجر، و التحالف لا يقوم الا على اساس المصالح الستراتيجية البعيدة المدى ، فلا وجود للوبي فاعل في المهجر بلا تحالف ستراتيجي بعيد المدى ، كما انه لا تحالف بلا مصالح قوية مغرية ، ووفقاً لذلك فلسياسية الخارجية العراقية تأثير كبير وهكذا الحال بالنسبة لسياسات ومواقف تلك الشريحة المرتبطة بالدولة التي يعمل فيها ذلك اللوبي .
11- التحالف نوع من انواع الإتفاق على التعاون الإيجابي الموضوعي المتبادل في المشتركات وإنطلاق من الأهم والمهم و الصالح والأصلح و الفاسد والأفسد ودفع الضرر القطعي أولى من جلب المنفعة المحتملة و الضرورة وقاعدة الميسور وما الى ذلك ، ويمكن ان يكون التحالف موسعاً او محدوداً في مجالات معينة محددة فلا ملازمة بين التحالف والتبعية او الذيلية اوالإندماج الذوباني بل يمكن أن يُصاغ التحالف على اساس المشتركات والمصالح المشتركة المتبادلة في دائرة معينة ومجال محدد دون غيره وعلى اساس الإندماج والتعايش الإيجابيين فأهداف التحالف و مجالاته يجب ان تكون واضحة ومحددة وكذلك كيفية إدارة التحالف لتزريقه الدائم بالحوافز التي تجعل التحالف تحالفاً ناجحاً .
12 – القوة التفاوضية الكبيرة يمكن ان تبني تحالفاً ناجحاً وقوياً ومتكافئاً، هناك معادلة رياضية بسيطة جداً في هذا المجال و مفادها بأن القوة التفاوضية هي حاصل ضرب القوة المالية مضروبة في الثقل في الواقع و على الأرض مضروباً في كفاءة التواصل التفاوضي اي القوة التفاوضية = القوة المادية ×الثقل في الواقع× كفاءة التواصل التفاوضي
 فإذا كانت لجماعة تريد أن تؤسس لوبي بعد تحالف قوة مادية مقدارها (5) درجات و ثقل واقعي على الأرض مقداره (7) درجات و كفاءة للتواصل التفاوضي مقدارها (2) درجة فقط ، في هذه الحالة تكون القوة التفاوضية لهذه الجماعة تساوي (70) درجة حيث كما قلنا :
القوة التفاوضية = 5×7×2=70 .
فحتى لو كانت – على سبيل الفرض – قوتنا المادية منخفضة ولنفرضها كمثال انها تختضر في درجة واحدة والثقل على الارض كان كذلك لكن بزيادة من (2) درجة الى (70) درجة مثلاً كفاءة التواصل التفاوضي يمكن سد العجز في المجالين الأخرين و بذلك تبقى :

القوة التفاوضية = 1×1×70 = 70    .
و لإقتناص الفرص دور كبير في صياغة التحالفات كما هو حال الفرص في المجالات الاخرى .
13- الفرص الذهبية للتحالف و المفاوضات تكون متاحة اكثر في التغييرات الستراتيجية الكبيرة والفرصة كعادتها دائماً عجولة تمضي بسرعة ولا تعود وهي تأتي متكافئة للجميع لكنها كثيراً ما لا تكون واضحة المعالم فيستثمرها ويتقدم منْ تمكن من التحررمن التردد و التخوف الحاصل من ضبابية الفرص الملازمة دائماً للفرص ،اننا بحاجة الى دنياميكية وسرعة عالية دون تهور لإستثمار الفرص و قبل فوات أوانها .
14- هناك تصورات غير صائبة وخلط في المفاهيم يعيق إقامة التحالف الموضوعي المشروع اللازم لتأسيس اللوبي الفاعِل ، فلابد من تصحيح تلك التصورات والفرز بين المفاهيم فمثلاً التحالف مع هذه الجماعة او الدولة او تلك لا يعني قبول كل سياسات ومواقف وافكار تلك الجماعة او الدولة ، كما أن التغاضي اوالتغافل اوالتجاهل عن بعض سلبيات اواخطاء تلك الدولة اوالجماعة لا يعني القبول اوالتبرير لتلك السلبيات اوالاخطاء ، كما ان الاختلاف والمعارضة لتلك الأخطاء و السلبيات لا تعني المواجهة فلابد من الموازنة بين اهداف الحاضر واحلام المستقبل والتوفيق بين التكتيك والستراتيجية والتحرر والتحريرالمدروس من تعميم نظرية المؤامرة و مما يسميه البعض بعبادة الصورة اوعبادة السمعة حيث تمتنع اوتتحذر من الإنقتاح او الحوار اوالتفاوض اوالتحالف لحفظ صورته نقية فربما الإنفاق في سبيله تعالى يشمل الإنفاق من الصورة ايضاً كما يستدل البذل ماء وجة و وجاهة كبار الشخصيات على طريق إستحصال المال للمعوزين و الفقراء والمشاريع الخيرية ، انه نوع اخر من الإيثار الصعب المعقد وغيرالمألوف و :
( ربّ هِمّة أحيت امة )
كما عن الإمام علي بن ابي طالب ( عليه السلام ) .
15- لا تتخوف من قوى الضغط او اللوبيات الأخرى فتضخيم و تعظيم دور بعض اللوبيات مبالغ فيه الى حد كبير ، و تصديق ذلك او التسليم به كما هو هو الى جانب التعميم المطلق لنظرية المؤامرة في كل زمان و مكان و موضوع و حدث يجمد العقول و يثبط الهمم و يبعث على اليأس و الإستسلام والتقهقر الى الوراء فهناك طريقتان ليكون لديك أعلى مبنى : إما أن تدمر كلّ المباني من حولك ، أو أن تبني أعلى من غيرك والطريقة المثلى واضحة ولا يعوزها إلا المصارحة مع الذات والمدارة مع المرحلة والجرأة و الواقعية والمرونة والإنفتاح والأصالة والحداثة والتحديث الدائم المتواصل للمعلومات والأساليب والتقنيات .
16- لمجموعات الضغط مراكز ومعاهد للدراسات  البحوث الستراتيجية او تأثيرعلى تلك المعاهد والمراكز المعروفة بالثينك تانكس و بين الطرفين تأثير وتأثر وتداخل كبير الى حد كبير مما بعث البعض الى عدم الخلط بين مؤسسات اللوبي مراكز الثينك تانكس لأن المجموعة الأخيرة معظمها منظمات غير ربحية ولا تحظى بحقوق قانونية للعمل من أجل تغيير مسار السياسة الامركية  ( مثلاً في الولايات المتحدة ) بواسطة الضغوط اوالحملات السياسية مثلما يتاح لمنظمات اللوبي لكن في النتيجة لنشاطات المعاهد والمراكز البحثية تأثير كبيرعلى المسار السياسي و لذلك و غيره توجه إتهامات شديدة لمنظمات الثينك تانكس بأنها تمارس مثل هذه النشاطات بطرق خفية وأنها تستخدم هويتها غيرالربحية كساتر للجهود التي تبذلها لتغيير مسار السياسة الأمريكية لطريق معين  ، والحاصل انه لابد لأي جماعة تطمح في البقاء من مؤسسات لوبي لها جذورها و تفاعلاتها وعلاقاتها مع معاهد ومراكز البحث و مؤسسات الثينك تانكس بل لابد ان تؤسس هي معاهد ومراكز فاعلة مشابهة تلتزم بالدقة و الموضوعية والعلمية والرصانة والإستقلالية والإنحياز للصواب و الصحيح والمفيد في عرض القاضاياو المواقف والأراء والتحليلات و الإستشرافات .

17- عادة ما توجه تهمة الإنحياز الى معهد اومركز معين وتكون خلفية هذه الإتهامات ناتجة من الميول والإتجاهات الايديولوجية الغالبة على الباحثين العاملين في هذا المركز اوذاك و على سبيل المثال :
يصف أندروماسلوسكي مؤسسة هيريتيج بعقل المحافظين الجدد .
نجد ان معهد أمريكان إنتربريز يحظى بسمعة الإنحياز للتفكير اليميني و بشكل خاص تفكير المحافظين الجدد ، حيث يعمل به مجموعة من صقور الفكر اليميني المحافظ مثل ريتشارد بيريل ، و نيوت جينجريتش ، و دانيلا بليتكا و السفيرة السابقة كيربيانريك هذا بالاضافة الى زوجة نائب الرئيس الأميريكي ليين تشيني لذا صبغت على المعهد عباءة كونه قبلة انصار اليمين المحافظ في واشنطن و من ناحية اخرى تتهم بعض مراكز الثينك تانكس بالإنحياز للسياسات المفضلة للدول العربية مثل معهد الشرق الأوسط ، و هناك ايضاً منظمات معروفة بالإنحياز تجاه إسرائيل مثل معهد واشنطن للشرق الادنى ، و اخرى تجاه حقوق الفلسطنين مثل مؤسسة سلام الشرق الوسط و تعرف إختصاراً باسم( FmeP (2 .
18- الحاجة كبيرة لمعاهد ومراكز البحث في العراق و في دول المهجر فالتأثير الخاص بتلك المراكز كبيرعلى المسار والقرار السياسي مع ما تقدم وسيأتي من شروط و حيثيات ومكملات وتوزيع أدوار، طبعاً يتفاوت مجال التأثير فى دولة لاخرى ومن مؤسسة بحيثة لاخرى فمثلاً في الولايات المتحدة الأميركية لهذه المعاهد تأثير لكن تتفاوت منظمات الثينك تانكس في قدرتها على التأثير على مسار السياسة الأمريكية وهذه القدرة تتوقف على عوامل عديدة من أهمها التمويل وقوة العلاقات الشخصية التي تربط المؤسسة و العاملين فيها بأهم صانعي القرار الأمريكي ، فيجب ان لا ننسى التمويل والعلاقات القوية مع المفاتيح الخبيرة الحية مثل اصحاب القرار و النفوذ والكوادر الخبيرة ذات العلاقات المركزة الواسعة .
19- لإستيعاب أليات عمل و تأثير تلك المعاهد و المراكز يجب أن نعرف بان كثيراً من كبار رواد قطاع هذه المعاهد المعروفة بالثينك تانكس على علاقة وطيدة بالسياسيين الكبار حيث أن اغلبهم صناع قرار وسياسيين سابقين . فعلى سبيل المثال أدوارد ووكر رئيس معهد الشرق الأوسط هو مساعد وزير خارجية و سفيراً أمريكي سابق ، مارتن إنديك مدير مركز صابان لدراسات الشرق الأوسط بمعهد بروكينغز عمل ايضاً مساعداً لوزير الخارجية ، و سفيراً سابقاً في اسرائيل اما كينث بوليك مدير البحوث بنفس المركز فهو مدير سابق لوحدة شئون الخليج بمجلس الأمن القومي ، و ريتشارد هاس الذي رأس بالماضي قسم تخطيط السياسات بالخارجية الأمريكية هو الرئيس الحالي لمجلس العلاقات الخارجية ، و اخيراً دينس روس أحد كبار المستشارين الأساسيين لإدارة الرئيس السابق بيل كلينتون يعمل الأن كمدير لمعهد واشنطن لشئون الشرق الأدنى . و هذه الظاهرة ساعدت على تقوية التعاون بين قطاع منظمات الثينك تانكس و عملية ضع القرار حيث يربط الاثنين علاقات شخصية قوية  ، فذلك الإختيار و الإستقطاب للعاملين .
في تلك المراكز و المعاهد مع الرصيد العلاقاتي والخبروي الميداني يساعد كثيراً على التأثير في المسار والقرار السياسي ، وبذلك يمكن القول بان معاهد ومراكز البحث تلك تلعب دور اللوبي وإن لم تصنف ضمن قائمة جماعات الضغط اواللوبيات من الناحية القانونية والحقوقية ، ولذلك سنتطرق كثيراً في بحثنا هذا عن هذا المراكز والمعاهد كي نتناول الضغط و اللوبي بوسائله وبالمعنى الأعم .
20- يعتبر التمويل في مراكز ومعاهد البحث المذكورة وإمكانية إستحصال الأموال احد أهم معايير نجاح وبقاء وتقدم تلك المؤسسات ، حيث يعتبر التمويل المالي تحدياً أساسياً لمعظم هذه المؤسسات والمشهوران تمويلها عادة اما يأتي من أرباح رسوم العضوية و إما من محصلة بيع المطبوعات التي تصدرها هذه المعاهد كذلك يغدق العديد من أثرياء المجتمعات السياسية بالولايات المتحدة و بعض الدول

الخارجية الى جانب كبريات الشركات الأمريكية مثل شركات البترول و المصانع الكبيرة لضمان خروج دراسات و توصيات لصناع القرار الأمريكي بما يخدم مصالحهم ، ويشار كثيراً الى إغداق شركات صناعة و تجارة السلاح بالأموال لنفس الهدف ، وهذه مسألة اخرى حيث يجب التمييز بين جماعات الضغط وجماعات المصالح و لا نختلط بينهما وسنشير الى ذلك.

21- مراكز ومعاهدالبحث يجب ان تعمل على تنضيج القرار والمسار و الرأي العام بإيصال إنتاجها الى اصحاب القرار والنفوذ ومستشاريهم و تتناول القضايا الساخنة الملبية لإحتياجات المجتمع وصناع القرار وبشكل مبسط و ملخص وموضوعي ، فصناع القرار يبحثون عن الحلول و يعتمدون هم اومعاونيهم على اصدارات وتقارير هذه المعاهد والمراكز ففي الولايات المتحدة الأمريكية يؤثر قطاع الثينك تانكس على طابع التفكير و الخطاب السياسي بالمجتمع في العاصمة واشنطن على المدى الطويل ، فلا تتوقع سرعة وسهولة التأثيرفالأبحاث والدراسات و الوثائق الصادرة عن تلك المنظمات والمعاهد عادة ما تجد طريقها الى مكاتب كبار صناع القرار والأمثلة في ذلك وفيرة كذلك توجد دوريات سياسية متخصصة من هذه المؤسسات وهي جديرة بالدراسة و التحقيق والتأمل لإستكشاف متداخلات الحاضر وإستشراف المستقبل و لاسيما للمراكز البحثية الفتية والمهتمين و المغيين بالسياسة و التحديات و الأخطار التي تواجهنا و من الأمثلة الواضحة هنا مجلة فورن آفيز Foreign Affairs الصادرة عن مجلس العلاقات السياسي council on Foreign Relations ، و دورية الشرق الأوسط Middle East Journal الصادرة عن معهد الشرق الأوسط ، و ايضاً مجلة السياسة الخارجية  Foreign Policy الصادرة عن معهد كارنغي للسلام العالمي Carnegie endowinent for international peac و ينضم الى مثل هذه المجلات المنشورات المختلفة التي تصدرها منظمات الثينك تانكس ، و نجد تحت هذا التصنيف مثلاً التقارير المتخصصة special reports  التي يصدرها المعهد الأمريكي للسلام united states Institute of pace  ، او تقارير مركز مراقبة قضايا الدفاع Defense Monitor الصادرة عن مركز معلومات الدفاع center for Defense Information .
و كثيراً ما تتحدث هذه الأبحاث عن القضايا والموضوعات الساخنة تلبية لإحتياجات صناع السياسة الأمريكية وغالباً ما يعتمد الكثيرون من السياسيين الأمريكين و كبار مستشاريهم ومساعديهم على مثل هذه المجلات و التقارير كمصدر معلومات موثوق فيه عن الأوضاع في المنطقة و عن الخيارات المتاحة للتعامل مع هذه القضايا ومن جهة نظر متلقي هذه التقارير والدراسات تُعد هذه الدراسات الصادرة عن الثينك تانكس بديلاً للابحاث الاكاديمية المعقدة حيث ان معظم الأبحاث من النوعية الأخيرة تتطلب خلفية تاريخية كبيرة لإستيعابها لكن أبحاث الثينك تانكس عادة ما تكون أكثر بساطة و سلاسة ولا تتطلب مجهوداً اووقتاً كبيرا من القاريء للفهم ولهذا السبب قررالعديد من أساتذة الجامعات المتخصصين في شئون الشرق الاوسط أن يجمعوا بين نشاطهم الأكاديمي والتعاون مع مؤسسات ومراكز البحث : الثينك تانكس حيث الشهرة و النفوذ والتأثيرو التطور .
22- إذا اريد لمراكز ومعاهدالبحث والدراسات التأثير فيجب ان تستقطب كبار الباحثين لتستثمر جهودهم في الإتجاهات المتقدمة وتقوم بتقديم الإستشارات العملية النزيهة للسياسيين واصحاب النفوذ و أهل الحل والعقد ، فاضافة الى ما تقدم يتمثل التفاعل بين صناعة القرار الأمريكي وقطاع الثينك تانكس في الإستشارات العديدة التي يقدمها كبار باحثين هذه لمعاهد او مراكز للسياسيين الأمريكيين واحياناً يستعين أعضاء الكونغرس الأمريكي بأولئك الباحثين للتعبيرعن أرائهم و تقديم توصياتهم ويحدث هذا التفاعل في العادة من خلال جلسات الإستماع  Hearings  العديدة للجان الكونغرس المعينة بقضايا السياسات الخارجية والدفاع والأمن القومي اما البيت الأبيض والخارجية الأمريكية ووزارة الدفاع فيستعينون بخدمات الباحثين من خلال ندوات و إجتماعات خاصةوعلى سبيل المثال تصرح منظمة إيباك من خلال موقعها الإلكتروني بأن مقابلات إيباك مع اعضاء الكونغرس الأمريكي تصل الى 2000مقابلة في السنة الواحدة و تنتج عنها عادة 100 تشريع محاب لإسرائيل على حد تعبير الموقع  .
وايباك هي لجنة العلاقات العامة الأمريكية الإسرائيلية  :
American – Israeil Public Affairs committee ( AIPAC)و توصف اللجنة الأمريكية الإسرائيلية للشئون العامة المغروفة بإيباك بانها أشهر جماعات الضغط اليهودية ، و واحدة من أقوى خمس جماعات ضغط في واشنطن ، وتقول الجماعة عن نفسها في موقعها الالكتروني أن دورها لا يتعدى تقديم المعلومات لصانعي القرار الأمريكين، و تنفي ممارسة اي نوع من الضغوط على السياسيين الأمريكين لحملهم على تأييد إسرائيل طبعاً كل ذلك النجاح والنشاط بالرغم من المد و الجزر في العلاقات مع الولايات المتحدة الأمريكية و بالرغم من خلافاتها و إختلافاتها مع العديد من المنظمات و اللوبيات الهودية المنافسة ، فالإختلاف في كل مجتمع و في كل مكان موجودة والقيود والمعوقات هي كذلك ، المهم هو السعي الدؤوب المرحلي المنظم المركز المتواصل المدروس فالمصالح و حتى التحالف لوحدة لا ينجز شيئاً وهو لا يعني إطلاق اليد بالتمام و الكمال .
23- كما قلنا الإختلاف في كل مجتمع وفي كل مكان موجودة والقيود والمعوقات والمنغصات والتقاطعات والتحديات موجودة  كذلك ، فالمصالح وحتى التحالف لوحده لاينجز شيئاً وهولا يعني إطلاق اليد بالتمام والكمال .
لنرجع الى مثال إيباك نفسه ففي صيف عام 2005 شهد ت المنظمة حادثة فريدة وهي اتهام هيئة محلفين فدراليين في مدينة ألكسندريا بولاية فيرجينيا (خارج واشنطن العاصمة) كلا من ستيفن روسن وكيث وايسمان باستغلال موقعهما الوظيفي في إيباك (لجنة العلاقات العامة الإسرائيلية الأمريكية) لتطوير علاقة مع محلل في وزارة الدفاع الأمريكية للحصول على معلومات سرية وإطلاع جهات رسمية أجنبية (إسرائيلية).
فسارعت منظمة إيباك بفصل موظفيها الكبار بسبب التجسس لصالح إسرائيل. وكان عملاء مكتب التحقيقات الفيدرالي FBI داهموا مكاتب إيباك مرتين خلال العام الماضي على خلفية هذه القضية.
24 – مع تلك الفضائح والتقاطعات والمد والجزر تواجه مؤسسة إيباك تحديات كبيرة و ضغوط هائلة في ظل فضيحة التجسس المذكور لاثنين من عناصر المنظمة البارزة، وهم ستيفين روسن مدير الشئون السياسية السابق وكييث وايسمان، باحث سابق بإيباك، وهو متخصص في شئون إيران. وتلك ليست المرة الأولى التي يواجه فيها إيباك مثل هذه الضغوط.
فمن المعروف أن رئيس إيباك السابق ديفيد ستينر أضطر لتقديم استقالته في أوائل التسعينيات بعدما ثبت بواسطة شريط تسجيلي صرح فيه أنه يتفاوض مع هيئة الحملة الانتخابية لكلينتون لتعيين وزير خارجية مؤيد لإسرائيل.
أعتبرت الكثير من المنظمات المنافسة هذه الفضيحة كعلامة خيانة.
كما تصرح المنظمة من خلال موقعها الاليكتروني بأن مقابلات إيباك مع أعضاء الكونغرس الأمريكي تصل إلى 2000 مقابلة في السنة الواحدة وتنتج عنها عادة 100 تشريع محاب لإسرائيل على حد تعبير الموقع. وكما ذكرنا للمنظمة مكاتب إقليمية عديدة خارج نطاق العاصمة الأمريكية. وتقدر قيمة ميزانية إيباك السنوية بـ40 مليون دولار.
25- نعم رغم الضغوط والتقاطعات مازالت إيباك وكما هي تقول إن أهدافها الحالية تتركز على النقاط التالية:
• منع إيران من الاستحواذ على الأسلحة النووية
• دعم إسرائيل وتأمينها
• الدفاع عن إسرائيل من أخطار الغد

• تحضير جيل جديد من القيادات الداعمة لإسرائيل
• توعين الكونغرس عن العلاقات الأمريكية-الإسرائيلية
وتحاول المنظمة تحقيق هذه الأهداف من خلال النشاطات السياسية المختلفة ومنها الاجتماع بأعضاء الكونغرس وإقامة علاقة جيدة معهم. كما تعرف المنظمة ببرامجها التعليمية وتضمن برنامج سنوي يسعى لتوعية الشباب الأمريكي عن العلاقات مع إسرائيل ويشمل المشروع دورة تدريبية عن كيفية إدارة نشاطات مؤثرة لجلب التأييد العام للقضايا المتعلقة بإسرائيل. كما تصدر إيباك “تقرير الشرق الأدنى” وهي مجلة تنشر كل أسبوعين وتناقش أهم المواضيع الجارية في مجال العلاقات الأمريكية-الإسرائيلية. ورئيس تحرير المجلة هو رافاييل دانزيغر، وهو مؤلف كتاب “عبد القادر والجزائريون: من مقاومة الفرنسيين إلى التعزيز الداخلي”.
26- وتقدم إيباك العديد من التقارير لتزويد صناع القرار بمعلومات عن التطورات بمنطقة الشرق الأوسط وتأثيرها على مصالح الدولة الإسرائيلية وعلاقتها بالولايات المتحدة، وإن كانت حيادية مثل هذه الوثائق محل جدل.
27- ومن أهم النشاطات التي تقوم بها المؤسسة هي المؤتمر السنوي. وهذا الحدث يعتبر من أكبر التجمعات لكبار شخصيات المجتمع الواشنطوني حيث ينضم إلى هذا الاحتشاد زعماء الكونغرس الأمريكي إلى جانب كبار صناع القرار الأمريكي. وألقى الخطابات الرئيسية هذا العام وزيرة الخارجية الأمريكية كوندوليسا رايس وهيلاري كلينتون عضوة مجلس الشيوخ عن ولاية نيويورك وزوجة الرئيس الأمريكي السابق وأرييل شارون رئيس الوزراء الإسرائيلي. وكان عدد الحاضرين هذا العام حوالي 4,000 وهو رقم قياسي في تاريخ مثل هذه المؤتمرات.
28- ولا تنحصرالضغوط والتقاطعات والتحديات فيما تقدم بل هناك صراع ومنافسة قوية من قبل منظمات يهودية اخرى لإيباك حيث قالت موسوعة “سبين واتش” SpinWatch أن إيباك تحظى بمنافسة من المنظمات اليهودية المعادية التي تتهمها بالانحياز للميول اليمينية المحافظة التي لا تمثل الآراء العامة في المجتمعات اليهودية. ومنهم “منتدى إسرائيل للسياسات” Israel Policy Forum الذي يرأس قسم أبحاثه أم جاي روزنبيرغ الذي عمل بإيباك كرئيس تحرير “تقرير الشرق الأدنى” خلال فترة الثمانينيات.
كما تواجه إيباك اتهامات من منظمة تدعي “مجلس المصلحة القومية” Council on National Interest التي تهدف لتغيير مسار السياسية الأمريكية إلى اتجاه جديد لا ينحاز إلى الجانب الإسرائيلي. وأسس المركز بول فيندلي علم 1989 وهو عضو سابق بمجلس النواب. و قد شن المجلس حملة شرسة ضد إيباك في ظل فضيحة اتهامات التجسس ضد عناصر المنظمة.
والخلاصة ان ثقافة اللوبي في الوطن والمهجر وفي الحكومة والبرلمان والمؤسسة الأم والمؤسسات بحاجة الى مراجعة وفهم وتفهم وتفهيم وتكريس لأنها تخلق سلاحا حضاريا ستراتيجيا ديمقراطيا عصريا يحول دون الحذف والإقصاء والكبت فالتمرد والإنفجار والتطرف ويمكن أن يدعم التفاهم والتعايش والحوار و السلام المحلي والدولي ويمنع من تمركز السلطة وشخصنتها في المؤسسات على إختلافها .

نيرة وليد حميد/ صحافة مسائي
المرحلة /3

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here