قنبلة العراق التنمر

علي حسين حسن

يُعتبر التنمّر أحد أخطر الظواهر التي باتت منتشرةً وبشكلٍ كبير في العديد من المجتمعات العالميّة، وأصبحنا نرى هذهِ الظاهرة الخطيرة في كل الطبقات الاجتماعية وفي كل مكان حولنا إن كان في المنزل، مكان العمل، والجامعة، فيما يلي سنُسلّط الضوء على موضوع ظاهرة التنمّر، أنواعها، أسبابها، وأهم الطرق المتبعة لعلاجها.
لقد حذر الإسلام من أن يقوم المرء بذلك السلوك العدواني المعروف بالتنمر، حيث نهى الله تعالى عن ذلك في قوله: “وَلا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ”، وقول الرسول صلى الله عليه وسلم: “لَا ضَرَرَ وَلَا ضِرَارَ”، ولم يغفل الإسلام أبداً عن أثر ذلك السلوك الجسدي والنفسي لذلك قامت دار الإفتاء بتوضيح تحريم …التنمّر هو عبارة عن سلوك عدواني مُتكرّر يهدف للإضرار بشخص آخر بشكلٍ مُتعمّد، إن كان هذا العدوان جسدي أو نفسي، ويتميّز التنمّر بتصرّف فردي بطرق معينة من أجل اكتساب السلطة على حساب شخص آخر، ويمكن أن تتضمّن التصرفات التي تعد تنمّرًا التنابز بالألقاب، أو الإساءات اللفظية أو المكتوبة، أو الاستبعاد من النشاطات، أو من المناسبات الاجتماعية، أو الإساءة الجسدية، أو الإكراه.

ويُمكن أن يتصرّف المتنمرين بهذه الطريقة كي يُنظر إليهم على أنهم محبوبون أو أقوياء أو قد يتم هذا من أجل لفت الانتباه، ويمكن أن يقوموا بالتنمر بدافع الغيرة، أو لأنّهم تعرضوا لمثل هذه الأفعال من قبل.

كما وعرّف الباحث النرويجي دان أولويس التنمّر على أنّه تعرّض شخص بشكل مُتكرّر وعلى مدار الوقت إلى الأفعال السلبية من جانب واحد أو أكثر من الأشخاص الآخرين، وعرّف العمل السلبي على أنه عندما يتعمّد شخص إصابة أو إزعاج راحة شخص آخر، من خلال الاتصال الجسدي، أو من خلال الكلمات أو بطرق أخرى.

ويمكن أن يحدث التنمّر في أي مكان تتفاعل فيه البشر مع بعضها البعض، ويشمل ذلك المدارس والكنائس وأماكن العمل والمنازل والأحياء، حتّى أنه عامل شائع في أسباب الهجرة، ويمكن أن يوجد التنمر بين الفئات الاجتماعية والطبقات الاجتماعية وحتى بين البلدان.أمّا بالنسبة لأقسام التنمّر فهي:
التنمّر المباشر: وهو التنمّر الذي يتضمّن الضرب، الدفع، شد الشعر، الطعن، الصفع، العض، الخدش، وكل الأفعال التي تدل على الأعتداء الجسدي المباشر الذي يقوم بهِ شخص تجاه شخص الآخر.

التنمّر غير المباشر: وهو التنمّر الذي يتضمن تهديد الضحيّة بالعزل الاجتماعي الذي يتمثل بالعديد من الطرق منها، التهديد بنشر الإشاعات الكاذبة، رفض الاختلاط أو الحديث مع الضحيّة، وممارسة التنمّر على الأشخاص الذين يتحدثون مع الضحيّة ويختلطون معه، كما ويتضمن نقد الضحيّة ممن ناحية الملبس، الشكل، العرق، اللون، الدين، العجز وغيرها من الأمور.

اسباب ظاهرة التنمر:
لقد قام العلماء حديثًا بإجراء العديد من الدراسات النفسيّة لتفسير وتحليل أسباب التنمّر الأساسيّة المنتشرة بين الأطفال، والأفراد بشكل عام، ويمكن تلخيص هذهِ الأسباب بـ:

الإصابة بمشكلة اضطراب الشخصية ونقص تقدير الذات.
الإدمان على اتباع بعض السلوكيات العداونيّة.
الإصابة ببعض الأمراض النفسيّة والاكتئاب النفسي.
التفكك الأسري، وانشغال الأب والأم عن القيام بدورهم الأساسي في تربية الأبناء وتحسين أو تقويم سلوكهم، واهتمامهم فقط بالجانب المادي وجني الأموال.
اتّساع الفجوة بين الطبقات في المجتمع من الناحيّة الاجتماعيّة والمادية.
انتشار الألعاب الإلكترونيّة التي تُشجّع على العنف، وتغرس في عقولهم فكرةً مهمة وهي أنّ العنف هو وسيلة أساسيّة للسيطرة على الآخرين والتحكّم بهم.
غياب دور المدرسة في تقويم الطلاب وتنشأتهم بطريقةٍ إيجابيّة، وغياب الأنشطة التي تساعد على تعزيز روح التعاون والانتماء بين الطلاب.
غياب الوعي الديني والأخلاقي، وعدم الإلتزام بالقواعد الدينيّة المفروضة، مما يدفع بالشباب إلى عدم مراعاة مشاعر الآخرين والاستهزاء بهم.يُعاني الطفل الذي يتعرّض للتنمّر من بعض الأعراض الغريبة والتي تظهر عليهِ بشكلٍ واضح مثل:

تقلّب الحالة المزاجيّة والشعور بالخوف الدّائم.
ظهور بعض الكدمات على مناطق متفرقة من الجسم.
فقدان الشهيّة إلى الطعام، أو زيادتها، وفقدان قدرته على النوم، ورؤية الكوابيس المزعجة.
عدم الرغبة بالاختلاط مع الآخرين أو الخروج في نزهات.
احتفاظ الطفل ببعض الأدوات الحادة للدفاع عن نفسهِ كالسكاكين مثلًا.
عدم رغبة الطفل بالمشاركة بالأنشطة التي كان يحب المشاركة فيها فيما مضى.
تراجع اهتمامه بالأنشطة المدرسيّة، وابتعادهِ عن أصدقائهِ وزملائهِ.
إهمال كافة واجبات الطفل المدرسية، وتمزيق دفاترهِ وكتبهِ.
الهروب من الواقع الذي يعيشه، والإصابة بالعصبيّة الشديدة.
هروب الطفل من المدرسة، وتأخرهِ عن الباص المدرسي، وتمثيلهِ المرض بحجة عدم الذهاب إلى المدرسة أو الخروج من المنزل.الآثار السلبيّة للتنمر:
لجوء الشخص الذي تعرض للتنمّر إلى استخدام إسلوب العنف، مع تحولهِ من شخصٍ ودود ومُحب إلى شخص عدواني ومكروه من قبل كل الأشخاص الذين حوله.
التعرّض لحالات مزاجيّة مختلفة ومضطربة كالنوم الزائد عن حدهِ، أو قلة النوم، والإصابة بنوبات من العصبيّة الحادة.
ظهور علامات القلق والتوتر على نفسيّة الشخص، بالإضافة لفقدان الشهيّة لتناول أي نوع من الأطعمة، أو زيادة الشهيّة لتناول الطعام.
إصابة الإنسان بالاكتئاب والرغبة بالوحدة والانعزال عن المجتمع.
تراجع الحالة النفسيّة للشخص الذي تعرض للتنمّر لدرجة التفكير الجاد بالانتحار وتنفيذه وذلك نتيجة المضايقات الكثيرة التي يتعرضون لها، والتي لا يستطيعون تحملها على الإطلاق.
إهمال الإنسان لمظهرهِ الخارجي وعدم الاهتمام بشكلهِ العام، ولا حتّى بالقيام بواجباته اليوميّة والمنزليّة.
لجوء الشخص الذي تعرض للتنمّر لتعاطي المخدرات وشرب الكحول الضّارة.
تدني احترام وتقدير الشخص المُتنمّر لذاتهِ.علاج ظاهرة التنمر:
دعم الأهل للشخص المتعرّض للتنمّر والوقوف بجانبهِ، واحتضانهِ، وعدم التعامل معهُ بقسوةِ.
من المهم تثقيف جميع أفراد المجتمع والأطفال والمعلمين والوالدين بطبيعة التنمّر وحقيقتهِ، وفهم سلوكيات الشخص المتعرّض للتنمّر لمساعدته على الخروج من هذهِ الحالة.
تعزيز ثقة المتعرّض للتنمّر بنفسهِ، وقدرتهِ على استعادة صحتهِ النفسيّة والمعنوية.
تشجيع المتعرّض للتنمّر على المشاركة بالأنشطة الاجتماعيّة، والانخراط في المجتمع.
تقديم العلاج النفسي للشخص المتعرّض للتنمّر، واستشارة الطبيب النفسي لمساعدته على علاج هذهِ المشكلة.
تربية الأطفال تربية سليمة وعدم استخدام العنف معهم.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here