هذا وذاك

كامل سلمان

هذا وذاك :
هذا يحمل شهادة عليا في اختصاص إنساني وزوجته تشكو سوء سلوكه وهمجيته الأخلاقية معها ، وذاك رجل امي لا يجيد القراءة والكتابة زوجته لا تنفك ساعة عن الدعاء له بالصحة والعافية والتوفيق لسمو أخلاقه ، هذا يملك الأملاك والملايين من الأموال وأطفاله ثيابهم رثة يتحسرون حتى امام اطفال الفقراء . وذاك فقير لا يملك سوى قوت يومه يصبر ابناءه ويحثهم على عمل الخير ويذكرهم بأنه يتوقع لهم مستقبلا زاهرا جزاءا لحسن سريرتهم ، هذا في منصب رفيع مرتبه الشهري يكفي لإعالة ثلاثين عائلة ومؤتمن على اموال الدولة ، يتعامل معها وكأنها اموال خاصة يسرقها ويعبث بها ويتصدق من هذا السحت الحرام ليكسب ود الناس بأستغفالهم. وذاك مسكين ذا متربة يعثر على مبلغ من المال فيبحث عن صاحبها ليسلمها اليه ليريح ضميره . هذا ضابط يعمل في قوى الامن لا يفهم من عمله سوى الرشوة والشهوة والابتزاز ، وذاك ضابط أخر مازال عند القسم الذي أقسم بالله عند التخرج ان يصون الأمانة وشرف المهنة .
هذه الأصناف وغيرها تثبت ان بناء الإنسان لا يأتي من المال او التحصيل الدراسي او الوجاهة او النسب وإنما هذه إضافات قد تكون إضافات خير ان أحسن أستخدامها او إضافات سوء إذا أساء أستخدامها ، فالعائلة تبني القالب لشخصية الإنسان أما المجتمع والمدرسة تعطي الصبغة او الهيكلية الخارجية .
هذه الحقيقة يجهلها الجهلاء ، ولا ينظرون الا الى الصورة الظاهرة التي هي خداعة اكثر الأحيان ، فالناس وجوه متعددة فليس بالضرورة ان يكون الوجه الخارجي انعكاس للوجه الداخلي في زمن باتت موهبة التمثيل عند الغالبية متعة واستمتاع . اما العقلاء فلهم نظرتهم وهم ادرى بالحقيقة ولكن للأسف لا مكانة لهم بين هؤلاء ومكانتهم يعرفها فقط النبلاء ، نبلاء العقل والضمير .
الصنف الحسن من الناس يبني ويعمر ويرسم الطريق الأمثل للتائهين لا يكل ولا يمل لإن تصميمه وقالبه بهذا الشكل والصنف السيء يخرب ويهدم ويتخبط وهو الأخر لا يكل ولا يمل لإن تصميمه وقالبه بهذا الشكل ولكن الصنف الأول اسرع وتيرة من الثاني وفارق السرعة سيجعل الكفة تميل للأول وبمرور الزمن تظهر الفروقات ، الصنف الاول يعمل بوضح النهار دون خوف او وجل والصنف الثاني يعمل خلسة في ظلمة الليل بخوف ووجل ، هكذا هو تأريخ الإنسان وتطور الإنسان ، أينما تجد سيء تجد في الجانب الاخر الطيب المثمر والا ما رأينا للحق والبناء والعلم حضور . قد يزداد اعداد السيئين ولكن مهما ازداد عددهم فأن وجود طيبين معدودين ينغصون عليهم عملهم . هذا الصراع الأزلي الذي بدأ منذ اليوم الأول لنشأة الحياة سوف لن ينتهي فالخير يعمل بأريحية واطمئنان وخطى ثابتة وسعادة وبصيص الأمل يكبر عنده كلما سار للأمام ، والشر يبقى رهين الخوف والظلام . . بعض الناس الذين لا يفقهون سنن الحياة يصيبهم اليأس والقنوط وتضعف إرادتهم معتقدين ان الشر هو الأقوى وهؤلاء الناس يحملون أنفسهم عناء الهموم وهم في غنى عنها فإن كشف الحقائق تجعل المنبوذين اصحاب السلوك السيء في قلق ليزداد شعورهم بالذنب وليعرفوا إنهم تحت رصد العيون المسلوبة حقها والتي لا تنام من شدة ما تركه الاشرار من أثر سيء على المجتمع عامة . العارفين لا تخفى عليهم خافية لكن الالم لا يغادرهم وهم يعرفون بأن عطاءهم الإنساني لا يمر بيسر ، فأنفسهم منهم في عناء والهدف هو الناس ان يكونوا في راحة .
قم الى الخير فإنه مأمول
ولا تداهن عارضا فيزول

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here