حوار مع الفنانة القديرة مهاباد

حوار مع الفنانة القديرة مهاباد
اجرى الحوار وترجمه عن الكردية : نعمت شريف
جميع الفنون انسانية النزعة، والموسيقى بشكل خاص وكما قيل قديما هي لغة الروح العالمية التي يعبربها الفنان (الموسيقار) ليعطي لما يختلج في اعماقه تعبيرا مسموعا وبالاقتران مع الغناء بلغة من لغات العصرترتبط الموسيقى بخلجات وافكار الناطقين بتلك اللغة. ويصح هذا ايضا بالنسبة للفنون التشكيلية والادائية كالرسم والرقص التعبيري وغيرها. وبما ان الفنان يتحرك عبر مستويات شخصية ووطنية وانسانية، لذلك فأنه يعبر بالادوات الثقافية التي يمتلكها كجزء من بيئته االثقاقية فهو في الوقت ذاته يعبر عن بعده الانساني وكجزء من شعبه وثقافته.
في جميع الاحوال، يستل الفنان افكاره ومشاعره بشكل اساسي من ابتكاره وتفاعله مع بيئته فتتبلور لديه رؤيا خاصة به لتحفزه وتدفعه الى الانطلاق في فيض من التعبيرات التي تشده الى بيئته وثقافته وتربطه بالبشرية جمعاء. واذا كان هذا ديدنه، فالفنان يمثل نافذة ليس على دواخله فحسب وانما على مجتمعه ككل، ويبرز هنا الدور الكبير للفنان في مسعاه الى الى تطوير مجتمعه ودفع عجلة التقدم الى الامام.
بهذه المقدمة السريعة دعنا نرحب بالفنانة الكردية مهاباد ابراهيم ونشكرها على اتاحتها الفرصة لهذا الحوار الممتع. الفنان من مواليد مدينة دهوك وتنتمي الى جيل السبعينات حيث انهت دراستها في كردستان الجنوبية وفي الولايات المتحدة، وباصرارها على خطها الوطني في الغناء والموسيقى رغم قسوة الحياة احيانا وظروف الهجرة والتغرب احيانا اخرى، نرى مهاباد اليوم تستمر في تألقها الفني.

سؤال: من هي الفنانة مهاباد، وكيف تقدمين نفسك للقراء؟
الفنانة مهاباد: انا الفنانة مهاباد ابراهيم دوسكي من دهوك واعمل في الغناء والتمثيل والتلحين. عندما اندلع القتال للمرة الثانية عام 1974-1975 غادرنا دهوك وذهبنا الى القرية حيث كان والدي، ومن هناك ذهب والدي مع السيد اسعد خوشفي الى ايران وبقينا نحن في القرية. وبعد 5-6 اشهر قررت والدتي الالتحاق بوالدي للتواصل والتشاور معه حول مصيرنا، وبعد زيارتها له اخبرها والدي بانه سوف لن يعود الى كردستان في تلك الظروف، واوصاها بالعودة لاصطحابنا معها الى حيث كان يعيش في ايران. أتذكر كان الفصل صيفا وكان معظم اهالي قرية شيخ بيرموس في المراتع الصيفية (الزوزان)، عندما طلبت منا والدتي ان نلملم بعضا من امتعتنا الضرورية لنحملها معنا في طريقنا الى ايران. وبعد (8) ايام من السفر المضني والسير لمسافات طويلة وصلنا الى معسكر زيوة، وحضر والدي الى هناك وانتقلنا الى معسكر سراب نيلوفر القريب من مدينة كرمانشاه الايرانية.
سؤال: كيف كانت بداياتك مع الفن وهل من دافع لاختيارك الغناء؟
الفنانة مهاباد: في المعسكر كانت اقدامنا لا تزال متورمة من السير لمسافات طويلة وتؤلمنا، فقمنا بمراجعة طبيب لمعالجتنا، وهناك تعرفنا على الفنان رمضان يوسف زاخولي الذي كان يعمل في عيادة الطبيب، وهو شقيق الفنان اياز يوسف زاخولي، وعلى اثرها، زارنا رمضان اكثر من مرة واصبح صديقا للعائلة، ولم يدم ذلك طويلا حتى قامت الحكومة الايرانية بنقل اللاجئين من المعسكر الى مناطق مختلفة في ايران، فذهبنا الى مدينة ارك في شمال ايران، واما رمضان فكان قد نقل الى اصفهان في وسط ايران. بعدها زارنا رمضان وطلب يدي من والدي، حيث تزوجنا بعدها بفترة قصيرة وكنت انذاك في سن الثانية عشر. وبعد زواجنا ب 5 او 6 اشهر، أعلمنا احد اصدقائه بان نستعد للسفر الى الولايات المتحدة، حيث كان قد سجل اسماءنا لطلب اللجوء في امريكا، وانتهى بنا المطاف في ولاية داكوتا الشمالية بالولايات المتحدة الامريكية. وهناك بدأت رحلتي مع الفن.
سؤال: من عالم التمييز والمضايقات والاضطهاد الى عالم حرية الفكر والتعبير والحياة، كيف ترين التوفيق بين رؤيتين وثقافتين مختلفتين في ادائك الفني المميز وفي الحياة بشكل عام؟
الفنانة مهاباد: في الحقيقة، الحياة صعبة، وكلما ترتفع وتيرة المصاعب، يصبح الفن الضحية الاولى. لقد امضيت جل حياتي من اجل الفن، والدافع الاهم للفن في حياتي كنت اسعى دائما لتسخيره من اجل قضايانا الوطنية والقومية. ولكن مع الاسف انتهى بي المطاف في دهوك وحيدا بلا زوج، بلا اطفال وبلا اي دعم ورغم ذلك انا مستمر في عطائي الفني.
سؤال: ما هو رؤيتك للفن ورسالته الانسانية في عصرنا هذا؟
الفنانة مهاباد: الموسيقى لغة الروح والغناء جزء مهم ويمثل جسرا يربط عالمية الموسيقى بالشعب الناطق بتلك اللغة المتداولة التي تعبر عن خلجات الفنان وهمومه التي تربطه بشعبه.
سؤال: هل شاركت في حفلات غنائية او اقمت حفلات خاصة بك؟ حدثينا قليلا عن حفلاتك واغانيك المفضلة؟
الفنانة مهاباد: لقد شاركت في اقامة العديد من الحفلات الغنائية وخاصة في احياء المناسبات الوطنية كأعياد نوروز وغيرها وفي اماكن مختلفة في الولايات المتحدة وفي السنوات الاخيرة في كردستان. وضمن مسيرتي الفنية قمت بتسجيل عدد غير قليل من الاغاني والكاسيتات، ففي عام 1981 غنيت مع رمضان في حفلة نوروز لاول مرة وكانت الاغنية “ئه ز كجم، كجا كوردانم – انا كردية وبنت الكرد”، وفي عام 1986 قمنا بتسجيل اول كاسيت لنا معا، وقمنا بتسجيل كاسيت آخر عام 1991. وهكذا استمرعملي الفني مع زوجي آنذاك حيث سجلنا كاسيتين آخرين في عامي 1993-1994. كنا قد انتقلنا عام 1989 الى مدينة لوس انجلس بولاية كاليفورنيا الامريكية، وكان انجاز الكاسيتين الاخيرين هناك.
سؤال: هل لك من كلمة اخيرة تودين ان توجيهها للقراء ؟
الفنانة مهاباد: لن استسلم للظروف الصعبة. أعيش حياتي يوما بيوم وانا اقترب من عامي السابع في كردستان، ولحد الان لم تتحرك الحكومة ولا الاحزاب المؤتلفة فيها لتقديم اي دعم لي كتوفير السكن او تخصيص راتب او حتى اي مبلغ من المال كدعم مادي للاستمرار في اعمالي الفنية رغم تسخير كل طاقاتي في سبيل خدمة شعبي ووطني وخدمة الفن الكردي. آسف للمرة المليون لان اذكر هذا الموضوع هنا ولكن عدم استجابة الحكومة والمسؤولين رغم تضحياتي المستمرة جعلتني اضطر لهذا الكلام.
دعني اقدم جزيل شكري وامتناني للفنانة مهاباد على اتاحة هذه الفرصة للتعرف عليها وعلى فنها وتضحياتها الجمة، مرة اخرى شكرا لك.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here