السيد المسيح عليه السلام في القرآن الكريم (الحلقة العاشرة) (النصرانية)

السيد المسيح عليه السلام في القرآن الكريم (الحلقة العاشرة) (النصرانية)

الدكتور فاضل حسن شريف

النصارى هم اتباع الديانة المسيحية او أمة عيسى عليه السلام. والنصرانية هي الديانة التي جاء بها عيسى عليه السلام. والنصرانية جاءت تسميتها نسبة الى قرية الناصرية بفلسطين من أرض الجليل التي بعث فيها المسيح عليه السلام وانطلقت منها الديانة المسيحية. وقيل سموا النصارى لأنهم نصروا السيد المسيح عليه السلام وهم في الأصل 12 رجل يقال لهم الحواريون “إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالنَّصَارَى وَالصَّابِئِينَ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَعَمِلَ صَالِحًا فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ” (البقرة 62).
والقرآن الكريم سمى أصحاب الديانة المسيحية بالنصارى وليس المسيحيين حيث ارفق النصارى باليهود “وَقَالَتِ الْيَهُودُ لَيْسَتِ النَّصَارَى عَلَى شَيْءٍ وَقَالَتِ النَّصَارَى لَيْسَتِ الْيَهُودُ عَلَى شَيْءٍ وَهُمْ يَتْلُونَ الْكِتَابَ” (البقرة 113). وكلمة المسيحيين جاءت مجازا نسبة للسيد المسيح بن مريم عليه السلام الذي ورد اسم المسيح بدل عيسى في عدد من الآيات القرآنية “لَنْ يَسْتَنْكِفَ الْمَسِيحُ أَنْ يَكُونَ عَبْدًا لِلَّهِ” (النساء 172)، و “مَا الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ” (المائدة 75)، و تكرر اسم “الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ” (المائدة 17) (المائدة 72)، واسم “الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ” (النساء 157) (النساء 171).
ذكر الله عيسى عليه السلام 25 مرة في القرآن الكريم وقسم منها مسبوق بكلمة المسيح. يولد من ال عمران عيسى عليه السلام “إِذْ قَالَتِ الْمَلَائِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكِ بِكَلِمَةٍ مِنْهُ اسْمُهُ الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ” (ال عمران 45) الذي أظهر المعاجز “وَرَسُولًا إِلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنِّي قَدْ جِئْتُكُمْ بِآيَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ أَنِّي أَخْلُقُ لَكُمْ مِنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ فَأَنْفُخُ فِيهِ فَيَكُونُ طَيْرًا بِإِذْنِ اللَّهِ وَأُبْرِئُ الْأَكْمَهَ وَالْأَبْرَصَ وَأُحْيِي الْمَوْتَى بِإِذْنِ اللَّهِ وَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا تَأْكُلُونَ وَمَا تَدَّخِرُونَ فِي بُيُوتِكُمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ” (ال عمران 49). ولكن لقي من قومه العناد والكفر برسالته، ولم ينصره إلا القلة القليلة من الأنصار “فَلَمَّا أَحَسَّ عِيسَى مِنْهُمُ الْكُفْرَ قَالَ مَنْ أَنْصَارِي إِلَى اللَّهِ قَالَ الْحَوَارِيُّونَ نَحْنُ أَنْصَارُ اللَّهِ آمَنَّا بِاللَّهِ وَاشْهَدْ بِأَنَّا مُسْلِمُونَ” (ال عمران 52) و ومنها جاءت تسمية النصارى لاتباع الأنصار حسب رأي بعض المفسرين “إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالنَّصَارَى وَالصَّابِئِينَ” (البقرة 62) و “يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا أَنْصَارَ اللَّهِ كَمَا قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ لِلْحَوَارِيِّينَ مَنْ أَنْصَارِي إِلَى اللَّهِ قَالَ الْحَوَارِيُّونَ نَحْنُ أَنْصَارُ الله” (الصف 14) ومنهم نصارى نجران في الحجاز.
وعند مراسلة النبي محمد صلى الله عليه وآله وسلم لنصارى نجران لدعوتهم للاسلام وان عيسى عليه السلام عبد الله، قالوا ان عيسى ولد بدون اب فنزلت الآيتان “إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِنْدَ اللَّهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ قَالَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ * الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ فَلَا تَكُنْ مِنَ الْمُمْتَرِينَ” (ال عمران 59-60). بعدها دعوا للملاعنة (المباهلة) بين أنصار عيسى ذرية إسحاق عليه السلام كما جاء في الآيات السابقة الذكر و محمد وذريته (فاطمة وعلي والحسن والحسين) عليهم السلام الذين هم من ذرية اسماعيل عليه السلام كما جاء في الآية 61 من سورة ال عمران “فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعَالَوْا نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ وَنِسَاءَنَا وَنِسَاءَكُمْ وَأَنْفُسَنَا وَأَنْفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَلْ لَعْنَتَ اللَّهِ عَلَى الْكَاذِبِينَ” التي تسمى آية المباهلة.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here