تسريب الأخبار والحرب النفسية في أجهزة المخابرات.. كتاب شغل إهتمام دوائر الحرب النفسية

عرض : د. أحمد الراشد / نقيب صحفيي الأنبار

كتاب الباحث الاعلامي المخضرم حامد شهاب الدليمي المعنون “تسريب الأخبار والحرب النفسية في أجهزة المخابرات”، الصادر عن دار أمجد للطباعة والنشر والتوزيع الأردنية عام 2021 ، يعد أول مساهمة فعلية جريئة في البحث العلمي تكشف عن العلاقة الوطيدة بين أجهزة المخابرات وتسريب الاخبار وارتباطها بالحرب النفسية ، وكيف يمكن لتلك الأجهزة أن توظف أساليب الحرب النفسية ضمن طبيعة مهامها وعملياتها السرية البالغة الأهمية.

لقد أصبح الآن بمتناول من يبحث عن هذا الكتاب ( تسريب الاخبار والحرب النفسية في أجهزة المخابرات) ، منذ سنوات، ودخل الآن عالم الأضواء في المكتبة العربية ودور العرض، ، ليجد فيه أول مطبوع عراقي يبحث في موضوع، لم تتطرق إليه بحوث ودراسات الإعلام والحرب النفسية من قبل، وبطريقة أخرى أكثر إثارة، وأكثر أهمية، لكون الموضوع الأساسي الحالي يتعلق بإحدى مهام الاجهزة الأمنية، الأكثر تأثيرا والأكثر مكانة، ألا وهي أجهزة المخابرات، والتي يعد خوض غمار عملها السري، من قبيل”المحظورات” ، بالرغم من أن المادة التي تم عرض موضوعاتها، تدخل في ميادين تسريب الأخبار والحرب النفسية، مع عرض كيفية توظيف أجهزة المخابرات لتلك العلوم والوسائل الإعلامية الاكثر حيوية، وتعد استراتيجية متقدمة في علوم الدعاية والإعلام والحرب النفسية، ولكن بإطار آخر، أكثر أهمية، وهو ما سعى الباحث إلى خوض غماره، هذه المرة، بجرأته المتناهية.

وقد وصف الباحث الاعلامي حامد شهاب كتابه هذا بـ ” كتاب العمر” الذي كان يحلم بأن يصدر عن المكتبة العربية ، منذ سنوات، كونه يعد من وجهة نظره أول كتاب علمي منهجي عراقي، يبحث العلاقة الوطيدة بين الإعلام وأجهزة المخابرات، ويسبر أغوار وخصوصيات تلك العلاقة، بعد إن كان الكثير منها ما يدخل ربما في دائرة “الخطوط الحمر” ، أو ليس بمقدور الآخرين ، من وجهة نظره، الاقتراب منه لحساسية الموضوع ربما ، أو لأن كثيرا من الباحثين غير متعمق بمهام تلك الأجهزة ، وكيف يمكن أن توظف عملية تسريب الاخبار ضمن أنشطتها ، بالرغم من أن السنوات الاخيرة راحت وسائل إعلام ووسائل تواصل اجتماعي تسهم في رفد وسائلها ببعض من تلك الانواع من الاخبار المسربة ، الا أنها تعد عمليات تستخدمها بعض القوى السياسية او الجهات الصحفية في إستهداف خصومها أو تشويه سمعتهم!!

وهدف الباحث الاعلامي حامد شهاب في الأساس من إعداد كتابه “تسريب الاخبار والحرب النفسية في أجهزة المخابرات” ، كما يقول ، هو أن يكون هذا الكتاب شاملا لموضوعات مهمة من مبادئ وأسس علم المخابرات وأساليب وعلوم وتوجهات الحملات الدعائية للحرب النفسية الحديثة المكمل لكتابه السابق “فن تسريب الاخبار والحرب النفسية” الذي صدر عن دار الجواهري قبل عامين ، وخاض غمار حملات الحرب النفسية (فبركة الاخبار)، وغاص في أعماقها، وأمل الباحث أن يلم المهتمون بهذا الشأن الحيوي أسرار تلك الصناعة الإعلامية الفريدة، التي لم تتطرق إليها الدراسات البحثية السابقة بشيء من التفصيل.

ويعرب الباحث الاعلامي عن أمله في أن يكون كتابه هذا ، فتحا مبينا في دراسات تسريب الأخبار والحرب النفسية وعلاقتها بأجهزة المخابرات، وكيف توظف تلك الأجهزة العمل الإعلامي الدعائي في ميادين تسريب الأخبار والحرب النفسية.

لقد سلط الباحث الاعلامي حامد شهاب من خلال فصول الكتاب العشرة، الضوء على جوانب كثيرة من تلك المهمة، وهي عمليات تسريب الأخبار، كونها من وجهة نظره ، كانت تقتصر في الغالب على أجهزة المخابرات، في دول المنطقة، وقد عرض في هذا الكتاب الشيق أسس ومبادي العمل الإعلامي والتلفزيوني ، وبخاصة في ميدان الحوارات التلفزيونية، وسمات وخصائص القائمين عليها، ونظريات إعلامية مختلفة في التضليل الإعلامي والحرب النفسية.

كما أفرد الباحث في الفصل الأول من هذا الكتاب الحديث عن طبيعة مهمة تسريب الأخبار، كونها تختص بها الأجهزة الاستخبارية، وتحدث بإسهاب عن مهام جهاز المخابرات في عمليات تسريب الاخبار، وكيف يتم اختيار كفاءات ومهارات متمرسة لهذا الغرض، من كبار المختصين والعاملين في الحقل الإستخباري، كونها تعد ممارسة على صعيد خاص ومحدودة جدا، وقدم رؤيته لمن يتولى تلك المهمة في تلك الأجهزة، وكله أمل، كما يقول ، بأنه أعطى الموضوع حقه من الإهتمام.

ويشير الباحث ضمن مقدمة كتابه الى أن إهتمام كتب ومؤلفات الحرب النفسية في الدراسات السابقة، خارج العراق وداخله، كانت تتركز في السابق على تبيان ماهية الحرب النفسية وأسسها وأساليبها وتوجهاتها وأهدافها، في اطارها النظري الأكاديمي، دون الغوص في أعماق أحد فروعها المهمة ومكنوناتها ومضامينها الدعائية، الذي هو تسريب الأخبار أو فبركة الاخبار، أو ما تسميه بـ “فن الإختلاق”، كما كانت تطلق عليها أجهزة المخابرات الروسية في تنظيراتها الدعائية قبل عقود، وبخاصة كتب الـ “كي جي بي” في زمن الإتحاد السوفيتي السابق.

وسيجد الباحثون في مراكز البحوث والدراسات المتقدمة وكليات الإعلام في جامعاتنا، ومؤسسات صنع القرار والكليات العسكرية المتقدمة، في هذه الطبعة من هذا الكتاب المثير لجانب مهم من جوانب الحرب النفسية من كتاب : “تسريب الأخبار والحرب النفسية في أجهزة المخابرات”، فرصتهم الثمينة لسبر أغوار هذا العلم الحيوي من علوم الإعلام، وتشجع طلبتها ودارسيها على إختيار عناوين أكثر إثارة لدراساتهم في البحث الإعلامي المتخصص بمهام جهاز المخابرات وعمليات تسريب الأخبار والحرب النفسية، وفن تسريب الأخبار، لكون المصادر والكتب التي تناولت هذا الميدان قليلة، بل نادرة أحيانا، إن لم تحاول دراسات أخرى أن تقترب من شواطئه أو تلامس بعض توجهاته.

والباحث الاعلامي هنا يشير الى ان بإمكان الباحثين والمهتمين بشؤون علم المخابرات والحرب النفسية وأساليب عملها في تسريب الاخبار أن يحصلوا على الكتاب من الباحث نفسه أو من دار أمجد للطباعة والنشر في عمان بالأردن، وهي أول دار عربية في تاريخ الصحافة العربية دخلت هذا الميدان الجديد الحيوي، بجرأتها المعهودة.

والكتاب ( تسريب الاخبار والحرب النفسية في أجهزة المخابرات) من وجهة نظر باحثين ، محاولة جريئة من الباحث لولوج ميدان تسريب الأخبار، إنطلاقا من مبدأ أن على ذوي الشأن ومحترفي هذه الصنعة أن يضعوا بين أيدي زملائهم وكوادر الإعلام المتقدمة، خلاصة تجاربهم الإبداعية النظرية والعملية في إحدى فنون العمل الإعلامي المهمة، ألا وهو تسريب الأخبار الذي يعد العلم الأكثر إحترافا ومهنية وبعد نظر، لتكون تلك التجارب والخبرات طريقا ينير درب من سلك أغوار العمل الصحفي والإعلامي، وهو ما يسعى إليه الباحث من خلال هذا العرض، الذي يكاد يكون المحاولة الأولى على طريق وضع إطار نظري لهذا العلم الحديث في نشأته ومضامينه وتوجهاته.

ويعرب الباحث الاعلامي حامد شهاب الذي خبر جوانب هذا الميدان الحيوي في ممارسات عملية عن أمله بأن يكون كتابه فرصة أن تجد فيه أكاديميات الإعلام وكلياته ومؤسسات البحث العلمي ضالتها، بعون الله، في أن يكون معينها الذي سيرفدها بأسرار وخفايا وخيوط هذه الصنعة البارعة وفنونها، وكيف يكون بمقدورها أن تخصص جانبا كبيرا من اهتماماتها لهذا العلم الحديث، سعيا منها إلى أن تجد من يعينها بوضع إطار نظري يسهل على دارسيها وبخاصة في مراحل الماجستير والدكتوراه أن يضعوا هذا الفن المتقدم من الحبكة الإعلامية والصياغة الأسلوبية في مقدمة اهتماماتهم، ما يضيف كنزا إلى معارفهم وعلومهم في علوم الإعلام والحرب النفسية وفي مجالات العمل البحثي الأكاديمي، ليكون لهم زادا روحيا يغذي قريحتهم ويؤجج عقولهم لتركب سفينة الإبداع إلى حيث الذرى وتسلق سلالم النجاح.

كما يأمل الباحث أن يكون هذا الإستعراض، وما ورد فيه من وجهات نظر خارطة طريق تدلنا على كيفية تطوير أدائنا الإعلامي المخابراتي، في أكثر مجالات الحرب النفسية إثارة، وهو “تسريب الأخبار” ومجالات إعلامية أخرى من خلال ممارسات ميدانية مهمة لفترة تجاوزت الأربعين عاما، قدم خلالها مئات المقالات التي تناولت مهام هذا العلم الحيوي المعاصر، بعد أن شهد هذا الميدان الاعلامي تطورا هائلا ومتسارعا في ميادينه المختلفة، وأمله من هذه الطبعة الجديدة ، كما يقول ، أن تواكب مسيرة التطور ونرتقي بأجهزتنا الإعلامية والدعائية والباحثين في ميادينها الحيوية إلى حيث الطموحات المشروعة والآمال المنشودة في أن يخوضوا ميدان تجارب مبدعة لسبر أغوار أحد أهم علوم الحرب النفسية ألا وهو “تسريب الأخبار وعلوم الحرب النفسية في أجهزة المخابرات”، التي لم تسعفهم فيه كليات الإعلام أو البحوث الإعلامية المتخصصة في أن تولي أقصى إهتمام لإعداد مؤلفات نظرية تعين طلبة هذا العلم ودارسيه في تلمس خطوات الطريق الموصل إلى النجاح.

ويجدد الباحث الاعلامي حامد شهاب تأكيده في ختام مقدمة كتابه أمنياته لمراكز البحوث وكليات الاعلام والجهات المختصة بالحرب النفسية وأجهزة الأمن القومي ، أينما كانت، فرصتها بأن يكون كتابه الجديد، فتحا مبينا وانطلاقة واعدة، في دراسات تسريب الأخبار والحرب النفسية وعلاقتها بأجهزة المخابرات، في العراق ودول المنطقة، وكيف توظف تلك الأجهزة العمل الإعلامي الدعائي في ميادين تسريب الأخبار والحرب النفسية، خدمة لأوطاننا وأجيالنا التي ستجد في فصول هذا الكتاب العشرة وبـ 260 صفحة، وبطباعة أنيقة وتصميم رائع، ما يروي ظمأها، في بحث متكامل يضع اللبنات الأولى لتلك العلاقة بين الاعلام وأجهزة المخابرات في أحد ميادينها المهمة وهو تسريب الاخبار والحرب النفسية، التي تحتاج الى خبرات أكاديمية ومتخصصة في ميدانها العملي ولديها خبرات متراكمة حتى تتكلل مهمتها بالنجاح.

وأخيرنا لايسعنا الا أن نقدم شكرنا وتقديرنا للباحث الاعلامي القدير حامد شهاب في جهده العلمي والبحثي هذا، والذي شغل البحث العلمي بمقالات متعددة في سنوات سابقة، وكتابه هذا هو إسهامة فاعلة بالتأكيد ، لايمكن الإستغناء عنها، وندعو طلبة الدراسات العليا في كليات الإعلام والباحثين في شؤون الحرب النفسية ومراكز البحوث والدرسات ، والأجهزة المختصة بالأمن القومي، للاطلاع على كل ما ورد في هذا الكتاب ، من مضامين ، كونه سيكون معينا لهم فيما يطمحون الوصول اليه، ودونما عناء..مع أمنياتنا للباحث حامد شهاب بالتوفيق الدائم.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here