التراكمية الغائبة والتبعثر المستقيد!!

التراكمية الغائبة والتبعثر المستقيد!!
الحضارة صيرورة تراكمية , والقوة تراكم مفردات متفاعلة , وعناصر متآزرة , ولا يوجد إقتدار متفوق من دون تراكم متبرعم ومتورق.
فالأوطان بما فيها عبارة عن نتائج تراكمية تفاعلية لأجيال ذات عطاءات وإبداعات , وإضافات ذات قيمة وقدرة متنامية , فالتراكم الإيجابي يحقق العزة والإقتدار , وبعض المجتمعات لديها ميل للتراكمات السلبية , التي تدمر ما فيها من مصادر للطاقات والثروات , وتستنزف أجيالها وتدفنها في حفر الويلات , وتبقي وجودها في مستنقعات تتعفن فيها التداعيات , وتتطور لتكون نكبات ما بعدها فواق.
فالتراكم طاقة جامعة محفزة ومؤثرة بإنطلاق محتويات الأجيال المارة في بقعة أرضية ما , ولكل مجتمع ديناميكيات وعناصر تراكمية تحدد نوعية التفاعلات , وتستحضر عواملها المساعدة القادرة على تنشيط التفاعل وزيادة الإنتاج.
ووفقا لمعادلات التراكم الحضاري , فأن القوة تنجم عن التراكمات الإيجابية , والضعف من التراكمات السلبية , فالسلوك البشري الجمعي محكوم بالتراكمية , ونوعها يحدد مصيره وإتجاهات خطوه , وكيفيات تخلقه وتطوره وتدهوره.
ومن الواضح ان المجتمعات العربية قد تمكنت منها التراكمات السلبية , وتفاقمت فيها التفاعلات الخسرانية , وتوفرت لها العوامل المساعدة الداخلية والخارجية , الكفيلة بتأمين النتائج الضامنة للمصالح والأطماع والتطلعات الفتاكة , القاضية بأكل الوجود العربي وتدمير ذاته وموضوعه.
وتجدنا اليوم في محنة هذا التراكم الذي تنامى وإستشرى , حتى طغى على الدنيا والدين , وقيد المجتمع بأصفاد المذهبية والطائفية والتناحرية , فقتل الأوطان والإنسان , ودفع بالملايين للرحيل إلى دول أجنبية , بعيدا عن نيران التواصي بالعدوان والكراهية والأحقاد , والتدمير القاسي للبلدان بمدنها وحضاراتها وإنسانها الذي يقاسي من الحرمان والجهل , وفقدان الحقوق الأساسية لأي إنسان , في كوكب تمكنت فيه أفكار ألف شيطان وشيطان.
ولا يمكن الخروج من مآزق التراكمات السلبية الماحقة , إلا بإحياء الروح الإيجابية , وتحقيق التراكم الإنساني الرحيم , القاضي ببناء الروح والنفس والعقل , وتطويق أوبئة التراكم السلبي المنتشرة في البلدان , والمستوطنة في أعماق البشر الحيران.
ويكون ذلك بالعودة إلى جوهر القيم والأخلاق والمبادئ الأصيلة التي جاءت للناس كافة , والداعية إلى الأخوة والرحمة والألفة الإنسانية , وأن البشرية من آدم إبن التراب.
د-صادق السامرائي
9\11\2015

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here