العراق في عيون جيلين

العراق في عيون جيلين
ضياء محسن الاسدي
(( كان الوطن في طفولتنا مرتعا لضحكاتنا ولهونا وآمالنا المستقبلية ننام ونصحوا على أذرعه وبين دفيء أحضانه نلوذ في شوارعه وأزقته حين يشتد علينا خناق الأهل حرصا منهم إلا أن ضحكات الأطفال معا يبدد مخاوف الأهل . كبرنا وكبرت أحلامنا وتطلعاتنا وخططنا في كيفية رد الجميل لهذا الوطن الرائع العظيم الحنون ولو جزءا منه وفاء له في كبرنا ورد الجميل واجب على المحبين ولو بعد حين وسارت الأيام وبصرت أعيننا أشياء لم نتوقعها حسب مقتضيات الظروف المفروضة في الزمان والمكان لها إلا شيئا واحدا لم يتغير هو حب الوطن وترابه المتجذر في القلب والساري في العروق والحب لهذا الذراع الذي احتضننا منذ كنا صغارا وكبارا متلهفين للوفاء وتسديد هذا الدين بعد أكمال مرحلة حياتنا الدراسية والمعرفة وتحصن العقل والضمير والقلب من مغريات الزمن التي تؤثر على الحب المتبادل مع الوطن وخدمة هذا الأب الكبير الموجود بهيبته وجماله وحبه لنا على الرغم من صغر آمالنا وبساطة حياتنا منتظرا منا بلهفة المحب لمعشوقه وهو يرى بذرته وثمرته المستقبلية تكبر وتزهوا أمام عينيه لكن هذا الحلم الجميل قد ضاع بين السحاب و الخراب والتدمير والنفوس الضعيفة التي لا تقدر ثمنه وقدسيته التي أفرغت هذا الحب والعشق المتبادل من محتواه والتي لا تعرف الحب للوطن واشغلوا جيله وشبابه العاشق له في حروب طاحنة وشرسة لإبعادهم عن خدمته وبنائه وتطوره للسمو فيه إلى مكانته بين غيره من الأمم بموجات شديدة من الأزمات المتكررة التي أرهقته وأفلتت الوطن من أيدي محبيه ومناصريه بالحروب تارة والحصار تارة أخرى وبالخوف والإرهاب وزجهم في حروب لا ناقة لهم فيها ووضعوا الحواجز النفسية فيما بينهم فكانت هذه مرحلة ما من عمر الوطن قبل الألفية الثانية أما بعدها كنا نأمل أن تنتهي هذه الظروف بالمستجدات التي حصلت تاركة آثارها مسومة على ظهور الفقراء والمتضررين من أبنائه نرقب أن نضع عن كاهل الوطن همه وتعبه وضياعه بسواعد الأجيال الجديدة سوية لنعيد للوطن كرامته وعزته ومنعته إلا أن الحاقدين أبوا ذلك وأصروا على إبعاده عن أبنائه بشتى الوسائل مبيتين له الأمر المدبر بليل مظلم داج ونية سوداوية على أن هذا الوطن الحبيب وأصروا على أن لا يرى النور ثانية وأن يكون العراق تحت مطرقة النسيان والخوف والجوع وتبع للآخرين مسلوب الإرادة والقيمة والهيبة والمهابة والعزة وبقيت معادلة الأعداء قائمة عندما كان الوطن بحاجة إلى شعب كان الشعب مشغول في حروب مفتعلة للدفاع عنه أما الآن فأن الشعب موجود بقوته وحبه وفدائه لكن الوطن مخطوف ومسروق من قبل قوى الظلام والتخلف والجهل وبائعي الأوطان والضمير ))

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here