الإسلام دين وليس دولة

الإسلام دين وليس دولة :
بقلم ( كامل سلمان )
الإسلام دين منذ اليوم الأول الذي جاء به النبي محمد ع ولم يكن حينها دولة ، وأستمر الإسلام دين حتى وفاة الرسول ع ، فلم نقرأ في التأريخ او نسمع بإن الإسلام قد تحول من دين الى دولة ، والمعروف في تركيبة اية دولة وجود نظام الحكم ووجود العملة ووجود السجون ووجود الشرطة وهذه كلها لم تكن لها وجود في عهد الرسالة ولكن تأسست فيما بعد وفاة الرسول اي بمعنى ان الإسلام تحول من دين الى دولة في عهد الخلفاء ثم انتقلت من زمن الى زمن ومن اسم الى اسم فكانت تعداد الدول التي حملت اسم الإسلام بالعشرات ومعظم هذه الدول تعرضت للهزائم والسقوط وجميع الدول التي حملت اسم الدولة الاسلامية منذ عهد الخليفة الاول الى عهد طالبان في افغانستان لا توجد دولتان اسلاميتان متشابهتان في التركيبة ونظام الحكم مع العلم ان الاسلام واحد وهذا يفند مزاعم ان الاسلام دولة وهذا يعني ان الإسلام كدولة لم يكتب لها النجاح لإن اصل فكرة الدولة تتقاطع مع الدين في الوقت الذي نجد فيه الدين بقى ولم يسقط منذ اليوم الأول حتى يومنا هذا فإن الإسلام كدين له وجود في قلوب الناس ولم يتزحزح بينما الدول التي حملت اسم الإسلام تعرضت للهزائم المخزية والمتكررة ، فمنها من هزمت على يد مسلمين من فئة أخرى ومنها من هزمت على يد اعداء الدين الإسلامي من الديانات الأخرى ومنها من هزمت على يد الإلحاد ، وهزيمة الدولة الإسلامية يعني هزيمة وفشل النظام الذي تم بناءه على الدين زورا وبهتانا .
ولكن سادة الدين الإسلامي الذين نصبوا أنفسهم سادة على الدين لم يكتفوا بهذه الهزائم المذلة ويحاولون بين فترة وأخرى اعادة هذا الميت الى الحياة ليموت مرة اخرى وما تأسيس الأحزاب الدينية السياسية الا محاولة أخيرة في هذا القرن والقرن الماضي لإعادة مصداقية ان الإسلام دولة والفشل هذه المرة سيكون فشلا مكلفا لإنه جاء في زمن أصبحت الدولة تقام بمقاييس علمية دستورية والسياسة اصبحت علم لها مدارسها الخاصة وجامعات وكل وزارة في الدول العصرية لها تخصصات جامعية فهنا سيكون الفشل امام مفهوم الدولة العصرية فشلا ذريعا من غير رجعة ومحاولة تثبيت الدولة الإسلامية بالعنف والقوة إنما هو عناد وجنون . والشيء الملفت للنظر ان جميع الدول الإسلامية على مر التأريخ هي عبارة عن ممالك او سلطنة او دكتاتوريات دموية تستند في قيامها وبقاءها على العنف والإكراه وقطع الرؤس وعلى مجاميع من الفقهاء التابعين لها وحتى مفهوم الخليفة فهي في الحقيقة دكتاتورية القائد الأوحد ويعطي الرمزية والولاء له شخصيا معتبرا ذلك الولاء هو الولاء للدين وعلى الناس الطاعة ، لذلك عندما نقرأ في التأريخ إنه حينما يتم تنصيب الخليفة يجتمع اهل العلم واهل القوة واهل الدين والوجهاء وشيوخ العشائر في دار الخليفة ويعلنون له الولاء والطاعة وقراراته تكون ملزمة لكل مسلم ومسلمة حتى وان تعارضت مع الدين الإسلامي فيصبح هو الصواب والتعديل يذهب الى القرآن والسنة فإن فيهما العيب .
ان محاولة الاستمرار بهذا النهج وبهذه العقلية يعني ان انهارا من الدم تنتظرنا حتى تحين الساعة التي يعود ادعياء الدين الى رشدهم او قطع دابرهم كما حصل لدولة الإسلام في الشام والعراق ( داعش ) او الهزيمة المذلة وتهديم الدولة الإسلامية من الداخل بالضغط والقوة كما حصل للدولة العثمانية وكما حصل لدولة الأخوان المسلمين في مصر ، ولكن هؤلاء المعاندين لا يستفيقون من غفوتهم ويعيدون أنفسهم كل مرة بأنهار من الدم ثم يهزمون . قندهار اليوم هي نموذج أخر للدولة الإسلامية وما قندهار الا عبارة عن مزارع للحشيشة والمخدرات تحت سلطة عصابات مسلحة تدعي إنها دولة إسلامية ، وأيران نموذج أخر أذاقت الشعوب الايرانية الويل ولا أحد يدري كيف ستكون نهايتها رغم خروج سياسييها عن النص الإسلامي الموروث من تحت الغطاء او تحت العباءة لكي تستمر هذه الدولة فترة زمنية اطول . المشكلة ليست بأظهار عيوب جميع الدول الإسلامية على مر التأريخ بل بإظهار حقيقة أثبتتها تجارب التأريخ بأن الإسلام دين محترم له مكانته بين ديانات الامم وهو ليس بدولة وان الاصرار على تأكيد بإن الإسلام دولة فإن الإرهاب سيكون احدى مزايا هذه الدولة اينما كانت وكلمة الإرهاب تعني ان يصبح الإنسان المسلم منبوذا اينما حل لإن الإرهاب يعني تهديد لحياة المجتمعات الآمنة وهذا ما ترفضه المجتمعات الآمنة التي قدمت الملايين من ابناءها قرابين في سبيل الحرية والأمان والتخلص من كابوس الدولة الدينية .
العالم اليوم أصبح متداخل شيء يكمل الأخر ، فأية دولة في وسط المجتمع الدولي لا يمكن لها النجاح مالم تتداخل اقتصاديا وسياسيا وعلميا وتكنولوجيا وإنسانيا مع الدول الأخرى ، وقيام الدولة الإسلامية يعني الانعزال وعدم الاندماج في المجتمع الدولي وهذا يعني التخلف عن الركب الحضاري فالعلاقات الدولية اصبحت خاضعة لقوانين وبروتوكولات لا تتقبل الدين كطرف رئيسي فيها وكذلك الفن والرياضة كل له عالمه الخاص ، فكيف نستطيع بناء الأوطان بالانعزال ، هذا ضرب من الخيال وهذا حال ليس فقط الانظمة الدينية بل حتى الانظمة الشمولية غير الدينية تعاني من شبه عزلة لأن انظمتها وقوانينها تتقاطع مع حرية وحقوق الإنسان ، ولا يمكننا ان نبني لأنفسنا عالم خاص منعزل تسلب فيه الحقوق الإنسانية تحت عذر الفضائل الأخلاقية وبنفس الوقت اعلان الحرب على اخلاقيات المجتمعات الاخرى والحرب على تجارب الاخرين وعلوم الاخرين ونحن جميعا نعلم بأن كل مستلزمات التطور مقرونة بنمط الحياة الموجودة عند الدول المصنعة لهذا التطور ونمط الحياة عند هذه الدول المتطورة تختلف كثيرا عن نمط الدولة الدينية التي اصبحت بموقف المتفرج العاجز امام التغييرات الهائلة التي تطرأ على الحياة وعلى التكنلوجيا وعلى علم السياسة والاقتصاد والعلوم العسكرية وعلوم الفضاء وجميع العلوم التي تتغير يوميا في حركة لم تشهد لها تأريخ البشرية مثيل ، وقد أثبت فايروس كورونا ان اللقاح الذي يصنع في امريكا تجده بعد يومين في افغانستان وهذا يرمز على عدم قدرة اية دولة الاستغناء عن الدول الاخرى حتى وأن كانت معادية . تقارب المجتمعات بعضها لبعض يتطلب وضع اللون والعنصر والانتماء والمعتقد جانبا كي يصبح التقارب واضح ونافع للجميع وبنفس الوقت تكون المعايير المعتبرة هي المعايير الانسانية كحلقة وصل بين الجميع والمصالح التي يسعى اليها الجميع . بهذه الشاكلة يجب ان نكون بين الامم او لا نكون .

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here