الرشا والتزوير آفتان تهددان السلم المجتمعي وتدمران العراق وتنخرانه !

الرشا والتزوير آفتان تهددان السلم المجتمعي وتدمران العراق وتنخرانه !

احمد الحاج

قبل أن أسأل وأتساءل بأي ذنب قتلوا ، وبأي جريرة كُذِبَ عليهم ، وبأي حق نكل بسمعتهم ، و بأي خديعة غرر بهم كيديا بتقارير المخبر – السر سري – ولا أقول السري ، كما غرر وكذب على الآف العراقيين أمثالهم من قبل ومن بعد – وسلفنت – لهم تهم ملفقة لاناقة للابرياء فيما أتهموا به باطلا ولاجمل ليفلت الجاني الحقيقي مستعينا بشهادات الزور وباليمين الغموس وبالرشا من العقاب وينجو من تبعات جريمته النكراء ، وبراءة الأطفال في عينيه ، وهالات القديسين الوهمية الكهرو مغناطيسية أسوة بحمامات السلام تحوم من حوله ،وأكاليل الغار على رأسه ، وغصن الزيتون بين يديه الملطخة بدماء الأبرياء ، بما يذكرنا بالرجل البريء الذي اتهم بقتل زوجته والتمثيل بجثتها في بابل لتظهر الحقيقة بعد ذلك ويتضح حجم الزيف والظلم والبهتان والكيد والتزوير والاكراه الذي تعرض له للادلاء بإعترافات مضللة وبما كان سيسوقه الى حبل المشنقة ظلما وعدوانا بجريمة هو براء منها براءة الذئب من دم يوسف ؟!
عن مجزرة جبلة التي ذهب ضحيتها الأبرياء العزل أتحدث، وعلى وسائل الاعلام التي زورت الحقائق وروجت للاكاذيب بشأن المجزرة البشعة وبعد سويعات من ارتكابها متهمة المجني عليه زورا وبهتانا بأنه تاجر مخدرات، وأنه أقدم على قتل جميع افراد عائلته البالغ عددهم 20 فردا جلهم نساء واطفال ، وأنه أنهى حياته انتحارا بعيد إرتكاب جريمته المزعومة تلك ، وأنه يأوي عددا من المجرمين في بيته، ليتبين زيف السيناريو برمته من الفه الى يائه ، أن تقدم إعتذارها للضحايا المغدورين، ومن ثم الى الشعب العراقي،ومن ثم للتأريخ ، ومن ثم الى مهنة الصحافة،ليس هذا فحسب ، بل وعليها أن تقر وتعترف وعلى رؤوس الأشهاد بأنها ” مجرد بوق ورجع صدى واعلام مزور خنيث وخبيث ، وأنها مجرد ذنب تابع ، وذيل أعوج لن تفلح كل العلوم البشرية والتقنيات الصناعية في تعديله ابدا ،وانها مجرد إمعة تسير خلف كل ناعق في عصر الرويبضات والامعات !” وأسأل كما يسأل غيري ، ترى كم يبلغ عدد الأكاذيب والادعاءات والأباطيل والتهم الكيدية المسلفنة الجاهزة والأفلام الهندية ، والسيناريوهات الهوليوودية ، التي روجتها بحق الأبرياء من المدنيين العزل طيلة الحقبة السوداء الماضية ؟!” .
ولاشك أن سجل التزوير والرشا في العراق حافل ومتشعب ومتداخل ومؤسف للغاية يندى له الجبين خجلا ،فهذه محكمة جنايات الرصافة تصدرت حكماً بالسجن (6) سنوات على الوكيل السابق لوزارة الكهرباء؛ لتلقيه رشا تقدر بأربعمائة ألف دولارٍ من أحد المتهمين الهاربين ، مُقابل إحالة مشاريع عائدةٍ لوزارة الكهرباء لشركاتٍ بالباطن ، سبقه صدور قرار بالحبس الشديد أربع سنواتٍ بحق المدير العام السابق للدائرة الاقتصادية في وزارة الكهرباء؛جرَّاء تسلُّمه مبلغ رشوةٍ عن طريق صكٍّ على وفق بيان النزاهة ، سبقه صدور أمر قبضٍ وتحر بحق محافظ بابل السابق،على خلفية توقيع أمرٍ إداري تضمن أسماء وهمية لأجراء يوميِّين ،سبقها الكشف عن عدة قروض في مصرف زراعي منحث بصورةٍ مخالفة للقانون وبأوليات مزورة، سبقها ضبط كارتونات اكسباير لمسحة فحص كورونا (PCR) فضـلاً عن ضبـط (6500) شـريط دواء مُنتهي الصلاحيـة منذ شهر ايلول من العام الماضي بينما يشير (الليبل) المُثبت على علب الأشرطة إلى أنَّ صلاحية المادة تمتد إلى شهر تموز من العام الجاري 2022!
قبل أيام صُعٍقَ العراقيون بإلقاء القبض على أحد اكبر مزوّري الوثائق الرسميّة في البصرة وبحوزته 350 ختماً بحسب ما جاء في بيان الجهة التي تولت إلقاء القبض عليه وتعود الاختام لمؤسسات الدولة وأسماء شخصيات بمناصب ادارية رفيعة ، ومذكرات القاء قبض مزورة ، سندات عقارية، شهادات ولادة ووفاة، مستمسكات رسمية ، عقود زواج، صكوك بمبالغ مالية، كتب تبليغ من كاتب العدل ، وكالات عامة وخاصة، شهادات دخول وخروج من المستشفى”.
وما يؤسف عليه حقا أن كل شيء في العراق أصبح قابلا للتزوير بدءاً بالعملة الورقية المحلية ، وانتهاءً بأصوات الناخبين ، مروراً بجوازات السفر، والبطاقة التموينية، وهوية الأحوال المدنية، وشهادة الجنسية، والشهادات الجامعية، والبطاقة الوطنية ، والصكوك المصرفية، واجازات السوق ،والعقود إكراما لعيون فلان وعلان ، أو مقابل دفع المقسوم !
ولم يكد العراقيون أن يستفيقوا من الصدمة الأولى حتى باغتتهم الثانية متمثلة بالقبض على منتحل صفة قاض في أحد المطاعم متلبسا بالرشوة وإحالته الى محكمة جنايات الرصافة في بغداد .
ولعل أخطر انواع التزوير في العراق يتمثل بتزييف العملات الورقية ما يشكل نوعا من أخطر أنواع الغش والخديعة والاحتيال ، ويتم تزوير العملة بطرق متعددة علما أن تزييفها له آثار مدمرة على الاقتصادات الوطنية و سيادة الدول ما يجعلها زبونا دائما لبنوك الاقتراض الربوي داخليا وخارجيا من دون الاكتفاء والتمويل الذاتي والإنتاج المحلي والصناعة الوطنية ولعل هذا هو الهدف الخبيث المنشود الذي تسعى الدول التي لاتريد خيرا لنظيراتها وقد يكون التزييف جزئياً، أو كلياً. وترويج العملة المزيفة يتم عن طريق الاستعانة ببعض أمناء الصناديق والعاملين في شركات الصيرفة ،فضلا على استخدام أسلوب الاحتيال بصفقات كبيرة، أو اصطياد المغفلين والبسطاء لتمرير تلكم العملة المزيفة وترويجها وهذا ما يحدث عن طريق عصابات الجريمة المنظمة مع وجود قليلي الخبرة والكفاءة فضلا على ضعاف النفوس في مواقع المسؤولية والمصارف والبنوك، والمرافئ والموانئ والمنافذ الحدودية والنقاط الكمركية الأمر الذي يسهل عملية ادخال العملة المزيفة مع المخدرات والمواد الغذائية والادوية التالفة التي تحمل تواريخ صنع مزورة، كذلك المواد الصناعية والتجارية المغشوشة التي أخضعت الى التزوير والغش الصناعي من خلال تغيير مواعيد النفاد والإنتاج، الأمر الذي تسبب بهلاك الاف الأبرياء وفي عملية إبادة جماعية قل نظيرها عالميا !
ومن أنواع التزوير التي شاعت في العراق عملية تزوير جوازات السفر وتزوير هوية الأحوال المدنية ،وشهادات الجنسية ومنحها لأناس من خارج العراق أصبحوا بقدرة قادر من أبناء الرافدين ومن أصحاب العقارات والأملاك في ذات الوقت الذي وصلت فيه أعداد المهاجرين العراقيين الأصلاء بحدود 4 ملايين مهاجر بمعدل 3 ألاف يومياً في حقبة ما!
ومن أشكال التزوير في العراق المبتلى شيوع ظاهرة تزوير النسبة الى الأرومة الطاهرة وادعاء النسبة الى بيت النبوة الطاهر، حتى يقال لفلان أنه – سيد – وما هو بسيد ولا يحزنون ، ومن أشكاله ايضا تزوير النسب السكانية لتغيير التوازن الديموغرافي بدوافع عرقية أو طائفية أو انتخابية ولاسيما في المناطق المتنازع عليها ..ومن أشكاله المؤلمة شهود الزور على أبواب بعض المحاكم وتحت الطلب لغرض الشهادة بالحق أو بالباطل مقابل حفنة من الدولارات !
أما بخصوص الرشا التي لعنها الله تعالى في محكم التنزيل ، وحذر منها رسوله المصطفى صلى الله عليه وسلم حين قال: لعن الله الراشي والمرتشي والرائش ” فقد أصبحت عرفا سيئا وعلى عينك يا تاجر من دون حياء أو خجل، حتى إن المواطن العراقي المغلوب على أمره وإذا ما أرغمته الظروف على متابعة معاملاته ومراجعة بعض الدوار الرسمية فإنه يعلم مسبقا بأن عليه أن يصطحب معه إضافة الى البطاقة التموينية والصور الشخصية وهوية الأحوال مبلغا من المال (لدهن السير) كما يطلق عليها محليا وإلا فإن المعاملة بما تضمه بين دفتيها من مستمسكات وكتب رسمية ومستندات وكفالات ووثائق ستذهب أدراج الرياح، أو يتم ركنها على الرف تماما كما ذهب الوطن وأثاره، وحضارته، وثرواته، وكفاءاته وخبراته وكل ما هو جميل في بلاد الرافدين من دون استئذان بفعل الفساد المالي والاداري والسياسي ووضع الرجل غير المناسب في المكان غير المناسب على حساب الكفاءات والخبرات والطاقات التي يتم إقصاؤها وتهميشها وتنحيتها جانبا بهذه الذريعة او تلك ، وما طال ثروات العراق من تزوير بشع مارسه بعض المسؤولين عن إعادة أعمار العراق وأسفرت عن سرقة مئات المليارات واهدارها خير شاهد على ذلك ، ولا بد من أن تتخذ الجهات الرقابية الإجراءات السريعة الرادعة للضرب على الأيدي المرتشية والمزورة والسارقة والعابثة بالمال العام وان لاتقبل فيها الشفعة ولا الواسطة ولا المحسوبيات ولا المنسوبيات للحيلولة من دون انزال العقوبات الرادعة بحقها، وأن تشدد الرقابة على مؤسسات الدولة كافة وبما يؤهلها للتخلص من هؤلاء الطارئين والعابثين وأمثالهم من المفسدين ، لتنهض الدولة بمؤسساتها العلمية والتربوية والخدمية والتقنية والاقتصادية بعد طول سبات ، من جديد، وتؤدي دورها على أكمل وجه .
ولايفوتني التنبيه على ظاهرة الصكوك المزورة التي تشكل خطراً يهدد الاقتصاد العراقي برمته للحصول على مبالغ كبيرة لتهريبها الى الخارج أو لغسيل الأموال القذرة المتأتية من اختلاس المال العام وتجارة السلاح والأعضاء البشرية وتهريب النفط والآثار وعصابات التسول والمخدرات باستخدام أساليب تقنية متطورة يصعب اكتشافها من موظفي المصارف انفسهم وغالبا ما يستخدم أصحاب الصكوك المزورة ، هويات مزورة تحمل أسماء وهمية بمساعدة بعض ضعاف النفوس ممن يتعاملون معهم ويسهلون مهمتهم مقابل – دهن الزردوم – كناية عن الرشوة !!
أما بشأن الشهادات الجامعية والأولية المزورة فهذه طامة كبرى قد طبقت فضائحها الآفاق وازكمت روائحها النتنة الأنوف – حتى تلك التي فقدت حاسة الشم بفعل كورونا – وبما يعلمه القاصي والداني وبما يحتاج الى مقالات منفردة ، وتحقيقات استقصائية متفردة ، وأعمدة صحفية متتابعة لتغطية النزر اليسير منها فحسب ولاسبيل لنهضة العراق الا بكبح جماح الرذائل كلها ، مقابل إحياء الفضائل كلها . اودعناكم اغاتي

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here