المَخْزَن مَا يُخَزِّن وما خَزَّنَ

سبتة : مصطفى منيغ

توجهان بَرزا مهما كان المجال سياسياً ثقافياً اقتصادياً وحتى دينياً خلال السنة المنصرمة مُستَرسلا لما بعدها ، بين “المخزَن” والشعب الأول يسعَى لعودة ما قبل دستور 2011 والثاني يتطلَّع لما يحرره مِن قيودٍ باتت بين قوسين أو أدنى تعصف باستقرار المملكة المغربية واستفحالٍ أكثر لأحوالها . تَوجُّه “المخزَن” لا يُراعي التطوُّر المنطقيّ المفروض التعامل معه كحقيقةٍ لا غِنَى عنها وواقعٍ يُرسِّخ عملياً (أحَبَّ مَن أحَبّ وكره مَن كرهَ) وجودها ، ذاك التطوَّر الملموس بانجازات تُنهي استفادة طرفٍ بطرق قد تكون غير مشروعة دون أطراف تشارك الإقامة الشَّرعيَّة فوق نفس الجغرافية الحاملة مسؤولية بقاء  ذات الدولة بما فيها ، التطوّر المكشوف به وما حوله حسابات الإنتاج الوطني ومَدَى تأثير صرف مردودياته على مصالح الشعب المُطاع مهما كان أمره الصادر لتحقيق رفاهيته حالياً ومستقبلاً مادام صاحب الزَّرع والمزروع مشمِّراً على عزم إرادته وصولاً لاكتفاءٍ ذاتي يتعالى مؤشر وفرته سنوياً بشفافية  مُطلقة تُبلِّغ الخبر اليقين عنها ، لكل العقول المغربية المعنيَّة بوسائل إعلامية لا تركع لأحد في أداء مهامها ، كالتَّواصل بكل مقوماته المبني علي المعلومات الصادقة الحاصلة مباشرة عليها ، كواجب مِهنيّ وليس مِنّة من أحد قائمة آنذاك بمسؤوليتها .

لا نترجِم هنا كلمة “المخزن” بالمفهوم الذي قامت عليه انطلاقاً من القرن السادس عشر ، ولكن بما يحلوا لمن تخلَّوا عن التاريخ الأصلي للمغرب وانشغلوا بما فرضته عليهم “الحداثة ” ونظرياتها ، لنواجههم بتوضيح الواضح ، والتشبُّث بالموقف الصريح  اعتمادا على حريَّةٍ تليق بهم وبها ، تُقرِّب الأوصاف عن الوضعية الموصوفة بشفافية لا خوف ممَّا تُظهره اقتلاعاً من الجوهر لغاية سطحها ، فإذا كانت الكلمة في تلك الأيام الغابرة تقصد ما كان يدخل مِن أراضي وخدَّامٍ تحت سلطة السلطان ، وفيما عدا ذلك له كلمة خاصة تدعو “السِّيبَة” بالعامية المغربية أو التسيّب بالعربية مهما كانت رقعتها.

الآن لا بأس من تحويل “المخزن” إلى كيانٍ يشمل العناوين (المقدَّسة) الثلاث المتجمِّعة في سلطان واحد كمشرفٍ مباشرٍ محوري أساسي لنظام مُتحكِّمٍ بالمُطلق في شؤون المملكة المغربية مهما تباينت ميادينها ، وتشعَّبت اختصاصات مؤسساتها ، وبهذا يكون الشعب المغربي دون شعوب الأرض قاطبة مَحكوم بثلاث رؤساء دولة في واحد تتوحَّد فيه السُّلط جميعها ، الدينية والتشريعية والتنفيذية والقضائية والعسكرية بكل ما لها ، المسؤول الأوحد عن كل مُتَحرٍّك أو ساكنٍ فوق التٌّراب المغربي ، أمير للمؤمنين و ملك رئيس الدولة بالمعنى الحديث ، ورئيس المجلس الحكومي بالفعل ، ولكل واحدة من  المهام السامية المذكورة مؤسسة قائمة الذات تباشر اختصاصات متباينة الواحدة عن الأخرى دون الدخول في تفاصيل استثنائية ومنها العديد من المجالس الاستشارية ، بمصاريف مالية تُؤخَذ من الشعب كضرائب ملزم قانونا بدفعها .

…من الوهلة الأولى يبدو جلياً أن مثل النظام لا يحتاج لديمقراطية ليمارس شؤون تدبير الحكم ، اللهم إن ظلت شعاراً خاضعاً للاختفاء تارة والظهور وفق ظروف  لها علاقة بمناسبات تدعو لتزيين الرؤية من بعيد ، يدخل في إطارها ما الموجود من أحزاب سياسية ونقابات عمالية ، لبعضها  إتقان الصراخ خلال فاتح ماي من كل سنة ، ولبعضها الآخر ميزة التحرك إبان موسم الانتخابات ، للحصول على الدعم المالي بالمليارات من الدراهم لتغطية الحملات الدعائية وتنظيم المهرجانات الخطابية المتضمنة إشاعة البرامج التي غالباً لا يهتم بها أحد ، لذلك ظهر دكاء جل المغاربة في الابتعاد عن سياسة الأحزاب التي تتمخض عنها حكومات على قياس رغبة النظام ، لا أساس لها من الإعراب في تغيير أي شيء أو تحمُّل أي مسؤولية من أي حجم كانت ، مكلفة بتصريف الأشغال ، والسهر على تطبيق التعليمات تطبيقا حرفيا ، والتوقيع على المطالبة بتوقيعه كإجراء يساير القوانين المعمول بها رسميا ، كما جرى في مسألة التطبيع مع إسرائيل دون رغبة الشعب في ذلك ، وما يجري حالياً في مواضيع مثل الإجراء الذي يحرِّم على البالعين أكثر من 30 سنة المشاركة في أي مباراة يلج الناجحين فيها لوظائف التدريس بالتعليم العمومي ، وكذا الدورية التي كادت تنهي استقلالية القضاء كما عبَّر عن ذلك ألاف  المحامين والمحاميات عبر مجموع التراب الوطني . (للمثال صلة) 

مصطفى منيغ

سفير السلام العالمي

Mustapha  Mounirh

[email protected]

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here