الأمة والرموز المستباحة!!

“قَتلوا فيها رموزاً ذاتَ عَزْمٍ…وأهانوا كلَّ إنْسانٍ غَيورِ”

القضاء على الأمم يبدأ بالإجهاز على رموزها , ولهذا فرموز أمة العرب تتعرض للإستباحة والإقصاء.

قد يبدو غريبا إذا قلنا , أن أول الرموز التي تحقق إقتلاعها , هو الشريف (علي بن الحسين) بعد ثورة (1916) , ومن ثم إبنه قيصل الأول , وبعده حفيده الملك غازي , ومن أهم أسباب القضاء على الملك فيصل الثاني كان الخوف من تحوله إلى رمز.

وبعد هذه المتوالية الإمحاقية , تواصلت مسيرة النيل من رموز الأمة منذ مطلع النصف الثاني من القرن العشرين.

فالأمة لا يجوز أن يكون فيها رمز تلتف حوله , مهما كان نوعه , ويجب أن تعيش بلا رموز ذات قدرة على التفاعل بمنظار عربي , فالمطلوب أن يتناحر العرب , ويستنزفوا طاقاتهم مع بعضهم , وممنوع على أي قائد فيهم أن يلم شملهم , فهذا قائد مرفوض وممنوع من الوجود في بلاد العرب.

تأملوا قادة العرب الذين أرادوا أن يكونوا رموزا جامعة , وأصواتا محفزة نابهة راشدة , وماذا حل بهم , جميعهم تم دفعهم إلى نهايات إذلالية وتداعيات مأساوية كرّهت أبناء الأمة بهم , وأوجدت أنظمة حكم بعدهم , إقتلعت ما يمت بصلة إليهم.

وهكذا فالأمة بلا رمز جامع , ولا دولة قادرة على قيادة مسيرة الدول العربية , حتى الجامعة العربية تم تفريغها من محتواها ومنطلقاتها التي بموجبها تأسست.

ولهذا فلابد من الأحزاب المؤدينة , أن تسود وتهيمن على الواقع , ولديها القدرة المطلقة لتكفير وزندقة أي شخص يحمل مشاعر وطنية أو يرى بعيون الأمة.

فالمطلوب هو التشظي , وأسهل وسيلة وأعظم إنجاز يكون بواسطة أحزاب تدّعي بأنها تمثل الدين , وبها يكون الآخرون أسيادا ومصالحهم مؤمَّنة , والشعب مرهون ومكبل بالحرمان من أبسط الحاجات بإسم الدين.

فالفساد قائد والحرمان رائد , وكل مواطن بائد , وعليه أن يسعى للموت ليفوز بجنات الخلد والنعيم , والعمائم المستعبدة له تفوز بمكاسب الدنيا والآخرة , فهي من الذين إصطفاهم ربهم العظيم.

وتلك حكاية أمة ستمضي في قرن أليم!!

د-صادق السامرائي

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here