الفرق بين نظام التعليم العراقي والأجنبي

أ.د. محمد الربيعي

يعتبر النظام التعليمي في العراق من أسوأ الانظمة التعليمية في العالم بما في ذلك دول الشرق الاوسط. هذه هي الحقيقة المعروفة. نعلم جميعا ذلك، لكن لماذا؟ لماذا نظام التعليم الأجنبي أفضل من نظام التعليم العراقي؟ سأدرج عدد قليل من الاختلافات بين نظام التعليم العراقي ونظام التعليم الأجنبي.

الفرق بين نظام التعليم العراقي والأجنبي

1- يركز التعليم العراقي على المعلومات النظرية أكثر من التركيز على المواد العملية. ولا يسمح نظام التعليم العراقي بالإبداع، بينما في الدول الأجنبية يركزون على التعلم القائم على التجربة ويسمحون بالإبداع في التعليم.

2- في العراق، التعليم إجراء شكلي، جزء من الروتين، كأن يدفع بصورة مباشرة او غير مباشرة كل عراقي الحصول على درجة علمية في الطب او الهندسة او القانون او في موضوع آخر، وعلى الشهادات العليا، سواء تعلمت شيئا أم لا. في البلدان الاجنبية يعتبر التعليم عملية تعلم. والتأكيد يكون فيه على العمليات وليس على النتائج.

3- منهج التعليم الأجنبي يحتوي على كل شيء من الفنون إلى الرياضة جنبا إلى جنب مع الدراسات النظرية. الدول الغربية لديها فنون ورياضة وموسيقى ومسرح في المنهج. تركز بريطانيا بشكل أكبر على الرياضة فلديهم لعبة الكريكيت، والقدم، والركبي، والعاب الساحة والميدان في المدرسة والكلية. بينما نظام التعليم العراقي يؤكد فقط على الدراسات الصفية. لا يوجد متسع من الوقت للمزيد من المناهج في نظامنا التعليمي.

4- في معظم دول العالم التعليم الابتدائي والثانوي مجاني وإلزامي في القانون. التعليم في العراق أصبح عمل تجاري. أخذ في التحول نحو خصخصة التعليم فاصبح التعليم تجارة لتوليد أموال سواء للمستثمرين او للدولة او للمدرسين في التدريس الخصوصي خارج المدرسة. لذلك يتجه المستثمرون والاحزاب السياسية الآن نحو التعليم.

5- في العراق لا يُعطى الطلاب اختياراً لتحديد مجال اهتمامهم. يجب أن يصبح المرء طبيبا! تعتبر الرياضة والفنون لمن لا يجد مكانا في كلية مرغوبة. إذا لم تحصل على القبول في الطب فانهم سيختارون لك الزراعة. هذا هو ما يشعرك بأنك عراقي. في العراق يتم اختيار الكلية وفقا لمعدل البكلوريا وأنت ملزم بالقبول في الكلية التي تم اختيارها لك. باختصار في العراق انت تسير مع الاخرين في طابور من خط واحد. حيثما كان ذلك في البلدان الأجنبية، ينتظر الطلاب حتى يحصلون على القبول في مجال اهتمامهم.

6- في العراق تكمن رغبة الطلاب في دراسة المواضيع التي لها توظيف حكومي وعلى اساس رغبة العائلة. وفي البلد الأجنبي يرغب الطلاب في الدراسة وفقا لمجال اهتمامهم واهتمام الشركات الصناعية والمؤسسات التجارية.

7- في العراق، يلزم الطلاب حفظ الحقائق والأرقام. الآلاف من المعادلات الرياضية، تواريخ المواليد والموت للخلفاء والملوك، والتفاعلات الكيميائية والشعر ومئات الأشياء الأخرى. في البلد الأجنبي يوقدون شعلة المعرفة في الطلاب من خلال التجربة العملية.

8- في العراق، الامتحان يقيس قدرة الطالب بما لا يتجاوز المعرفة المبنية على الحفظ والاستذكار وينعدم فيه التفكير النقدي وفهم المفاهيم وتطبيقها وتركيبها وتقييمها وحل المشكلات، مما يؤدي الى تقييم غير عادل لاداء الطالب في كل مستويات التعلم. وفي البلد الاجنبي تتمثل صفات الامتحان في المصداقية والشمولية والموضوعية وتمييز الفروق الفردية والمرونة وتوزيع الدرجات بصورة عادلة.

9- نظام التعليم العراقي يعلم التقنيات القديمة. نظام التعليم لم يتغير فيه الكثير منذ القرن الماضي. نظام التعليم العراقي سيء للغاية في اعتماد أحدث التقنيات في المناهج الدراسية. في البلاد الاجنبية تتغير المناهج الدراسية كل يوم وفقا لتحديث التكنولوجيا ومتطلبات الصناعة.

10- وأخيراً نحن نؤمن بالدرجات والشهادات. نحن نؤمن بالقبول في الجامعات ونكره التعليم المهني والتقني. الدول الأجنبية تؤمن بالمهارات. إنهم لا يهتمون بمؤسسة التعليم أكثر من كونها مؤسسة لتعليم المهارات، كل ما تتعلمه هو ما يمكن تطبيقه اثناء عملك.

هناك الكثير من الأسباب التي تجعل نظام التعليم الأجنبي أفضل من العراقي. تمكنتُ من سرد 10 اسباب هنا. نحن بأشد حاجة لتغيير نظام التعليم. وليس فقط في نظام التعليم، نحن بحاجة ايضا إلى تغيير في عقلية العراقيين كذلك. معا جميعا سيتعين علينا العمل بجد لتحقيق التغيير في نظام التعليم. لكن كيف يمكننا تغييره؟

يبني الانسان لكي يبني الوطن

اصبح العراق في يومنا هذا مورداً للموارد البشرية للعالم عن طريق الهجرة، ولكن ما هي نوعية رأس المال البشري، وهل هو من أجل سد احتياجات المجتمع؟ تشير الإحصاءات إلى أن عدد العاطلين عن العمل في العراق يقارب 15 مليوناً.

ما هو سبب هذه البطالة المرتفعة في العراق؟ الا يتطلع العراق إلى أن يكون بلدا متطورا ودولة قوية؟ الا يريد أن يلعب دورا في المجتمع الدولي؟ لا يبدو انه مهتم بتحقيق هذه الاهداف؟ الا يجب أن ينمو اقتصاده، ولكن لكي يتحقق ذلك، فإنه يتطلب قوة ضخمة من رواد الأعمال الذين يستطيعون تحويله الى دولة منتجة، من تلك التي تستهلك فقط.

يحتاج العراق إلى قوة ضخمة من المبتكرين والمنتجين الذين يمكنهم الاعتماد على الذات في جميع أنواع العلوم والتكنولوجيات. يحتاج العراق إلى مثقفين ومبدعين يمكنهم أن يجعل ثقافته عالمية. ثقافة ليست قابلة للبيع فقط ولكنها تساعد أيضا في بيع منتوجاته في جميع أنحاء العالم. باختصار، يحتاج العراق إلى علماء. قد يقول المرء أن لدينا قلة قليلة منهم. نعم، لدينا بعض منهم. رغم أنهم بأعداد صغيرة، كانوا دائما هناك. لكن السؤال هو – هل هم منتجات نظام التعليم لدينا؟ لا، كانوا مدفوعين بنفسهم وتلهمهم أنفسهم.

يجب أن يجعل التعليم الافراد احرارا، يجب أن يوسع أفق التفكير، وينبغي أن يشجع على التجربة وطرح الأسئلة. في نهاية المطاف، يجب أن يجعل الشخص يدرك القدرات وأوجه القصور التي لديه.

في العراق، لا يفكر الطلاب في اختيار المهن بخلاف الطب والصيدلة والحصول على شهادات عليا. إنها ليست مشكلة جيل الشباب ولكنها تجذرت عند الآباء والعوائل لانعدام الوظائف. انها ليست مشكلة عامة، ولكنها مشكلة نظام التعليم والنظام السياسي الفاسد لدينا الذي لا يمنحنا رؤى مستقبلية صحيحة.

هيكل الدراسة جامد والخيارات المتاحة ضعيفة. من ناحية أخرى، يحصل الطلاب في البلدان ألاجنبية على مجموعة متنوعة من المقررات المتاحة، يمكن للطلاب أن يختارون من بين مجموعة من المقررات والبرامج. ويمكنهم تغيير اختصاصهم في منتصف الطريق. هذا ليس بالامر السئ لانه يعني أن الطلاب يحصلون على معارف من مجموعة متنوعة من الموضوعات وبالتالي، ستكون خياراتهم الوظيفية أكثر وسعا وكذلك الفرص المتاحة لهم.

نظام المقررات يوفر خيارات عديدة ومختلطة من الاختصاصات في بلد لا يحتاج الى اختصاصات دقيقة ومعلومات متوفرة في كتب محددة غرضها النجاح في الامتحان بقدر ما يحتاج الى تدريب وتعليم واسع النطاق، ويوفر كفاءات يحتاجها سوق العمل.

التعليم العالمي يمنح الطلاب فرصا مذهلة للتعلم وثقافة وظيفية تجعلهم يعتمدون على الذات، ويمنحهم أيضا فرصة لكسب خبرة العمل في داخل الكليات والجامعات.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here