القراءة الصحيحة لآيات القرآن الكريم (ح3) (الوقف اولى قلى 1)

الدكتور فاضل حسن شريف
يقول علماء التجويد ان علامة (قلى) او (قلي) تعني الوقف أولى من الوصل، فهي عكس (صلى). وتسمى الوقف جائز مع كون الوقف اولى، ولها تسمية أخرى هي الوقف التام، من الأمثلة قوله تعالى “إِذْ تُصْعِدُونَ وَلَا تَلْوُونَ عَلَى أَحَدٍ وَالرَّسُولُ يَدْعُوكُمْ فِي أُخْرَاكُمْ فَأَثَابَكُمْ غَمًّا بِغَمٍّ لِكَيْلَا تَحْزَنُوا عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلَا مَا أَصَابَكُمْ (قلى: الوقف أولى) وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ” (ال عمران 153)، و “يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ كَفَرُوا وَقَالُوا لِإِخْوَانِهِمْ إِذَا ضَرَبُوا فِي الْأَرْضِ أَوْ كَانُوا غُزًّى لَوْ كَانُوا عِنْدَنَا مَا مَاتُوا وَمَا قُتِلُوا لِيَجْعَلَ اللَّهُ ذَلِكَ حَسْرَةً فِي قُلُوبِهِمْ (قلى: الوقف أولى) وَاللَّهُ يُحْيِي وَيُمِيتُ (قلى: الوقف أولى) وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ” (ال عمران 156)، و “هُمْ دَرَجَاتٌ عِنْدَ اللَّهِ (قلى: الوقف أولى) وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِمَا يَعْمَلُونَ” (ال عمران 163). بينما جواز الوقف (ج) بالوقف الكافي حسب مصحف المدينة كما في الآية المباركة “أَوَلَمَّا أَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُمْ مِثْلَيْهَا قُلْتُمْ أَنَّى هَذَا (ج: جواز الوقف) قُلْ هُوَ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِكُمْ (قلى: الوقف أولى) إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ” (ال عمران 165). ويسمى (صلى) بالوقف الحسن. والوقف والابتداء هو اجتهاد من المفسرين. والوقف الجائز على ثلاث مراتب: جواز مستوى الطرفين (ج)، وجواز الوقف ولكن الوصل اولى (صلى)، وجواز الوصل ولكن الوقف أولى (قلى). وهنالك اشخاص تعاملوا مع الوقوف منهم السجاوندي ومحمد الصادق الهندي والداني وابن الجزري وابن الأنباري والعماني والانصاري والفخري الرازي والأشموني.
وقال جماعة من المتقدمين:‏ الوقف في التنزيل على ثمانية أضرب تام وشبيه به، وناقص ‏وشبيه به، وحسن ‏وشبيه به، وقبيح ‏وشبيه به. وقال الفخر الرازي: الوقف ثلاثة أنواع:‏ الوقف على كل كلام لا يفهم بنفسه فهو ناقص. ‏والوقف على كل كلام مفهوم المعاني إلا أن ما بعده يكون متعلقا بما قبله يكون كافيا. والوقف على كل كلام تام ويكون ما بعده منقطعا عنه يكون وقفا تاما.‏ ومن الآيات القرآنية التي فيها علامة الوقف أولى (قلى) والتي يتمكن القارئ الوقف عندها من سورة البقرة “أَمْ تَقُولُونَ إِنَّ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطَ كَانُوا هُودًا أَوْ نَصَارَى (قلى: الوقف أولى) قُلْ أَأَنْتُمْ أَعْلَمُ أَمِ اللَّهُ (قلى: الوقف أولى) وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ كَتَمَ شَهَادَةً عِنْدَهُ مِنَ اللَّهِ (قلى: الوقف أولى) وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ” (البقرة 140)، و “وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا (قلى: الوقف أولى) وَمَا جَعَلْنَا الْقِبْلَةَ الَّتِي كُنْتَ عَلَيْهَا إِلَّا لِنَعْلَمَ مَنْ يَتَّبِعُ الرَّسُولَ مِمَّنْ يَنْقَلِبُ عَلَى عَقِبَيْهِ (ج: جواز الوقف) وَإِنْ كَانَتْ لَكَبِيرَةً إِلَّا عَلَى الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ (قلى: الوقف أولى) وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ (ج: جواز الوقف) إِنَّ اللَّهَ بِالنَّاسِ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ” (البقرة 143)، و “وَمِنْ حَيْثُ خَرَجْتَ فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَإِنَّهُ لَلْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ (قلى: الوقف أولى) وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ” (البقرة 149)، و “وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ (قلى: الوقف أولى) وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ” (البقرة 155).
موضعان رئيسيان في الوقف: الوقف على مقاطع الكلام أى الوقف بالنسبة للجملة أو الآية على اعتبار المعنى. والوقف على الكلمة. ومن مواضع الوقف وجود علامة الوقف أولى كما في قوله تعالى: “وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُودَاتٍ (ج: جواز الوقف) فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ (ج: جواز الوقف) وَمَنْ تَأَخَّرَ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ لِمَنِ اتَّقَى (قلى: الوقف أولى) وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ” (البقرة 203)، و “وَإِذَا تَوَلَّى سَعَى فِي الْأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيهَا وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ (قلى: الوقف أولى) وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الْفَسَادَ” (البقرة 205)، و “وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ (قلى: الوقف أولى) وَاللَّهُ رَءُوفٌ بِالْعِبَادِ” (البقرة 207)، و  “سَلْ بَنِي إِسْرَائِيلَ كَمْ آتَيْنَاهُمْ مِنْ آيَةٍ بَيِّنَةٍ (قلى: الوقف أولى) وَمَنْ يُبَدِّلْ نِعْمَةَ اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُ فَإِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ” (البقرة 211)، و “زُيِّنَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَيَسْخَرُونَ مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ اتَّقَوْا فَوْقَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ (قلى: الوقف أولى) وَاللَّهُ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ” (البقرة 212).
قال الله تعالى “وَقُرْآَنًا فَرَقْنَاهُ لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ عَلَى مُكْثٍ وَنَزَّلْنَاهُ تَنْزِيلاً” (الإسراء 106)، المكث يعني التأني حتى يحصل الفهم والتدبر. لذلك الوقف عند علامة الوقف أولى (قلى) يساعد على التأني والتدبر في القراءة كما في الآيات التالية من سورة البقرة “وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ آمِنُوا كَمَا آمَنَ النَّاسُ قَالُوا أَنُؤْمِنُ كَمَا آمَنَ السُّفَهَاءُ (قلى: الوقف أولى) أَلَا إِنَّهُمْ هُمُ السُّفَهَاءُ وَلَكِنْ لَا يَعْلَمُونَ” (البقرة 13)، و “ثُمَّ قَسَتْ قُلُوبُكُمْ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ فَهِيَ كَالْحِجَارَةِ أَوْ أَشَدُّ قَسْوَةً (ج: جواز الوقف) وَإِنَّ مِنَ الْحِجَارَةِ لَمَا يَتَفَجَّرُ مِنْهُ الْأَنْهَارُ (ج: جواز الوقف) وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَشَّقَّقُ فَيَخْرُجُ مِنْهُ الْمَاءُ (ج: جواز الوقف) وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَهْبِطُ مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ (قلى: الوقف أولى) وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ”  (البقرة 74)، و “وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ وَقَفَّيْنَا مِنْ بَعْدِهِ بِالرُّسُلِ (صلى: الوصل أولى مع جواز الوقف) وَآتَيْنَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ الْبَيِّنَاتِ وَأَيَّدْنَاهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ (قلى: الوقف أولى) أَفَكُلَّمَا جَاءَكُمْ رَسُولٌ بِمَا لَا تَهْوَى أَنْفُسُكُمُ اسْتَكْبَرْتُمْ فَفَرِيقًا كَذَّبْتُمْ وَفَرِيقًا تَقْتُلُونَ” (البقرة 87)، و “وَلَنْ يَتَمَنَّوْهُ أَبَدًا بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ (قلى: الوقف أولى) وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ” (البقرة 95)، و “وَلَتَجِدَنَّهُمْ أَحْرَصَ النَّاسِ عَلَى حَيَاةٍ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا (ج: جواز الوقف) يَوَدُّ أَحَدُهُمْ لَوْ يُعَمَّرُ أَلْفَ سَنَةٍ وَمَا هُوَ بِمُزَحْزِحِهِ مِنَ الْعَذَابِ أَنْ يُعَمَّرَ (قلى: الوقف أولى) وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِمَا يَعْمَلُونَ” (البقرة 96).
الوقف التام هو إن الجملة الموقوف عليها إن تمت ولم تتعلق بما بعدها لا لفظا ولا معنى. و الوقف التام هو ما كان في نهاية قصة، أو في آخر صفة من صفات الناس مثل المؤمنين أو الكافرين. مثلا الوقف عند المفلحون “أُولَئِكَ عَلَى هُدًى مِنْ رَبِّهِمْ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ” (البقرة 5) لان الكلام حول المتقين قد انتهى وسيأتي الكلام عن الكافرين “إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ * خَتَمَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ وَعَلَى سَمْعِهِمْ وَعَلَى أَبْصَارِهِمْ غِشَاوَةٌ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ” (البقرة 6-7) والوقف عند كلمة عظيم يعتبر وقف تام لان الايات التالية ليست لها علاقة بالكافرين إنما لها علاقة بالمنافقين. وبذلك يساعد الوقف على التدبر وفهم آيات القرآن الكريم. ومن الآيات الشريفة التي فيها علامة الوقف أولى (قلى): “كَدَأْبِ آلِ فِرْعَوْنَ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ (ج: جواز الوقف) كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا فَأَخَذَهُمُ اللَّهُ بِذُنُوبِهِمْ (قلى: الوقف أولى) وَاللَّهُ شَدِيدُ الْعِقَابِ” (ال عمران 11)، و “قُلْ أَؤُنَبِّئُكُمْ بِخَيْرٍ مِنْ ذَلِكُمْ (ج: جواز الوقف) لِلَّذِينَ اتَّقَوْا عِنْدَ رَبِّهِمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَأَزْوَاجٌ مُطَهَّرَةٌ وَرِضْوَانٌ مِنَ اللَّهِ (قلى: الوقف أولى) وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ” (ال عمران 15)، و “إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ (قلى: الوقف أولى) وَمَا اخْتَلَفَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ إِلَّا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْعِلْمُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ (قلى: الوقف أولى) وَمَنْ يَكْفُرْ بِآيَاتِ اللَّهِ فَإِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ” (ال عمران 19)، و “قُلْ إِنْ تُخْفُوا مَا فِي صُدُورِكُمْ أَوْ تُبْدُوهُ يَعْلَمْهُ اللَّهُ (قلى: الوقف أولى) وَيَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ (قلى: الوقف أولى) وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ” (ال عمران 29)، و “يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ مَا عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُحْضَرًا وَمَا عَمِلَتْ مِنْ سُوءٍ تَوَدُّ لَوْ أَنَّ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ أَمَدًا بَعِيدًا (قلى: الوقف أولى) وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ (قلى: الوقف أولى) وَاللَّهُ رَءُوفٌ بِالْعِبَادِ” (ال عمران 30).
والنحويون يكرهون الوقف الناقص مع إمكان التامّ. لذلك وجود علامة الوقف أولى (قلى) يجعل القارئ يقدر وقوفه في المكان المناسب ويتحكم على نفسه استنادا إلى ذلك كما في الآيات المباركة التالية: “يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقُولُوا رَاعِنَا وَقُولُوا انْظُرْنَا وَاسْمَعُوا (قلى: الوقف أولى) وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ أَلِيمٌ” (البقرة 104)، و “مَا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَلَا الْمُشْرِكِينَ أَنْ يُنَزَّلَ عَلَيْكُمْ مِنْ خَيْرٍ مِنْ رَبِّكُمْ (قلى: الوقف أولى) وَاللَّهُ يَخْتَصُّ بِرَحْمَتِهِ مَنْ يَشَاءُ (ج: جواز الوقف) وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ” (البقرة 105)، و “مَا نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْهَا أَوْ مِثْلِهَا (قلى: الوقف أولى) أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ” (البقرة 106)، و “أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ (قلى: الوقف أولى) وَمَا لَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا نَصِيرٍ” (البقرة 107).
تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here