النظام الرئاسي المعدل أمل العراقيين في الخلاص

*فارس حامد عبد الكريم

في العراق، وكما يفترض نظرياً على الأقل، ان لدينا نظام انتخابي دستوري ديمقراطي يوازي في شكله ومضمونه ماموجود في ارقى النظم الديمقراطية  الحديثة، ولكن مثل هذا النظام المتطور عبر تاريخ طويل من الصراع بين السلطاتوالشعوب لايمكن أن يدار إلا من قبل نخب وطنية في غاية النزاهة والعفة والشعور العالي بالمسؤولية الوطنية ونكرانالذات وهذا في الواقع لم يتوفر في كثير من الأحيان…! اذاً اين تكمن المشكلة؟ المشكلة اننا انتقلنا من الدكتاتورية الىنظام برلماني متطور لم تصل الشعوب الحديثة الى نظيره الا عبر تطورات تاريخية مفصلية و صراعات  دموية مع عتاةالحكام وثورات شعبية عارمة، بينما قدم لنا في ليلة وضحاها جاهزاً فأضحى عند التطبيق مرتعاً لبعض الفاسدينوالإنتهازين ووسيلة للإثراء السريع، وتم تحييد المخلصين في النظام البرلماني من خلال نظام محاصصاتي متشعباستبعد تدريجياً كل الكفاءات الوطنية وأحل محلهم اتباع الأحزاب وكثير منهم من الجهلة والمزورين والانتهازيين.

وكان الأحرى ابتداءاً الدعوة الى نظام رئاسي دستوري مع برلمان منتخب للرقابة والتشريع  يبدأ به الشعب العراقي أولىصفحاته وخطواته مع الديمقراطية

لماذا النظام الرئاسي؟ 

يمكن تلخيص مزايا النظام الرئسي بما يأتي:

ينتخب الرئيس من قبل الشعب بالإقتراع العام المباشر عادةوبذلك يضمن الشعب تخويل شخصية عامة يثق بهالإدارة شؤونه ونتجنب بذلك اختيار رئيس تأتي به الأحزاب وأشباح الدولة العميقة بعد أن تثقله بشروطها وأجنداتهاالمشبوهة وتشل قدرته على إتخاذ القرارات الصائبة وتحسب عليه حركاته وقراراته تحت ضغط الإقالة

يقوم الرئيس بإختيار كابينته الوزارية وتكون مسؤولة أمامه لا أمام البرلمانوفي ذلك فرصة لإختيار اصحاب الكفاءةوالنزاهة والعلم والمعرفة وزجهم في مفاصل الدولة.

عادة ما تتجمع الأحزاب في ظل النظام الرئاسي وتندمج لتكوين حزبيين رئيسيين في الدولة لأن ذلك فقط يعطيهم القدرةعلى المنافسة من خلال مرشحيهم، وعادة مايكون عدد المرشحين الفاعلين اثنين فقط.

يقوم النظام الرئاسي على الفصل التام للسلطات وبذلك تقوم كل سلطة بمهامها الدستورية دون تدخل من أية سلطةأخرى مطلقاً.

في ظل النظام الرئاسي يمكن لأي مواطن الترشيح لمنصب الرئيس.

يتيح النظام الرئاسي للعمل الإداري السرعة في إتخاذ القرارات ومعالجة الأزمات والتنفيذ دون الرجوع للبرلمان ولذلكهو صالح للدول التي تمر بمراحل انتقالية وبحاجة الى تنمية سريعة شاملة.

في النظام الرئاسي اما أن تحدد سلطات الرئيس بشكل حصري في الدستور وماعدا ذلك يكون من صلاحية البرلمان أوأن تحدد سلطات البرلمان بشكل حصري وماعدا ذلك يكون من صلاحيات الرئيسوبذلك تكون صلاحيات كل سلطةواضحة لاتقبل التداخل والغموض.

في النظام الرئاسي لايمكن انشاء سلطات خارج سلطات الدولة ولايمكن للدول الأخرى التدخل في شؤونه لإستحالةزرع مؤيدين لهم في مراكز القرار، كما لايمكن لأعضاء البرلمان التدخل بشؤون الدولة.

يتفرغ البرلمان في النظام الرئاسي لدوره الأساس في التشريع ولايمكن في ظله ان تجد نائباً يتجول بين الوزاراتللحصول على امتيازات.

تكون سلطة القضاء في ظله قوية ونافذة وتراقب دستورية القوانين ومشروعية القرارات ولها الحق في الغائها متى ماخالفت الدستور او القوانين النافذة ومن الصعب التدخل في شؤونها نظراً لإستقلالها التام.

تنشأ في ظل النظام الرئاسي اجهزة رقابة قوية وفعالة وتتمتع بسلطات واسعة تحد من الفساد بشكل كبير.

النظام شبه الرئاسي؛

اما في النظام شبه الرئاسي فينتخب الرئيس من قبل الشعب أما كابينته الوزارية فتنتخب من قبل البرلمان وتكونالوزارة مسؤولة امام البرلمان والرئيسوهو غير ملائم للدول غير المستقرة سياسياً لانه يعيد موضوع المحاصصةللواجهة وخضوع الرئيس للضغوط البرلمانية إلا اذا كانت الأغلبية البرلمانية من حزب الرئيس.

ضمانات النظام الرئاسي

 من الناحية الدستورية فقد وضعت الدساتير التي تبنت النظام الرئاسي عدة ضمانات وهي؛

 ١لايجوز اعادة انتخاب الرئيس لاكثر من دورتين متتاليتين وهذه تعتبر من القواعد الدستورية الجامدة التي لايمكنتعديلها.

٢يحل نائب الرئيس محل الرئيس عند وفاته او تعرض الرئيس للخطر.

٣لمجلس النواب توجيه تهمة مخالفة الدستور او الخيانة العظمى او ارتكاب جرائم والتحقيق معه ومن ثم عزله ولكناغلب الدساتير حددت اغلبية الثلثين لعزله لضمان عدم الضغط على الرئيس.

٣العزل عن طريق الاستفتاء الشعبي او الدعوة لانتخابات مبكرة بدعوة من مجلس النواب.

٤للمحكمة الدستورية العليا الغاء قرارات الرئيس المخالفة للدستور في اي وقت.

خلاصةإن النظام الرئاسي يهدف الى إزالة التعارض في الصلاحيات وتسريع آلية اتخاذ القرار وإعطاء زخمللإصلاحات الاقتصادية تحديداً، فمن المعروف أن النظام الرئاسي يهدف في الأساس للاستقرار السياسي إذ يسمحبتشكيل حكومات قوية ومتجانسة ومحصنة من  انهيار الائتلافات الحكومية بسبب برامج الأحزاب المتناقضة، فضلاً عنتقويتها في مواجهة الضغوط الخارجية التي ستكون أكثر تأثيراً في الحكومات الائتلافية المنبثقة عن البرلمان . كما أنهيساهم في تفعيل رقابة البرلمان إذ يفصل بينه وبين الحكومة، بينما يضعِف النظام البرلماني الدور الرقابي والتشريعيبسبب قيامه على الإئتلافات التي ترعى مصالحها.

——

*فارس حامد عبد الكريم العجرش – استاذ جامعي – النائب الأسبق لرئيس هيئة النزاهة الإتحادية.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here