موقع أميركي: العراق يفتقر للدعم الدولي فيما يتعلق بتبعات التغير المناخي

ترجمة/ حامد احمد

أشار تقرير نشر على موقع PBS News الاخباري الأميركي الى ان العراق يقع عند الخطوط الامامية لأزمة التغير المناخي مع ازدياد سرعة ارتفاع درجات الحرارة فيه بمقدار ضعفي سرعة ارتفاعها ضمن المعدل العالمي، وكونه من بين أكبر منتجي النفط في العالم فانه يأتي بالترتيب الثاني كأكثر دولة تساهم بانبعاث غاز ثاني أوكسيد الكاربون المضر للبشر والبيئة الناجم عن حرقه للغاز المصاحب من آباره النفطية.

في تشرين الثاني اجتمع ممثلو 200 دولة تقريبا في غلاسكو بأسكتلندا لحضور قمة المناخ، وكانت النتيجة مخيبة للآمال بالنسبة للخبراء الذين طالبوا بتعهدات اقوى لضمان كبح الانبعاث الحراري في العالم. وفشل المؤتمر أيضا بتخفيف معاناة الدول الأكثر تعرضا لتبعات أزمة التغير المناخي، وأشار التقرير الى ان احدى الدول التي تفتقر الى الدعم الدولي في هذا المجال هو العراق.

الشمس تشرق عند مسطحات اهوار العراق التاريخية الذي عرف ببلد وادي الرافدين حيث ظهرت أولى حضارات البشرية قبل اكثر من 7000 سنة مضت. ولكن شح المياه يهدد البيئة وحياة الناس على حد سواء.

جاسم علي، صياد سمك في الاهوار، يقول “ليس هناك ماء. واذا انقطع الماء هنا لم يعد هناك سمك. لم تبق سوى ارض جرداء. لقد جف الماء”.

ويشير التقرير الى ان معدل هطول الامطار في هذه المنطقة على مدى العشرين سنة الماضية قد انخفض بنسبة 10% عما كان عليه قبل ثلاثة عقود سبقت. وان انخفاض معدل مناسيب المياه يعني انه اصبح اكثر ملوحة، مما يجعله غير صالح للاستهلاك البشري وغير صالح أيضا للحيوانات والزراعة.

يقول صائد السمك، حسون داود، ان الاسماك الصغيرة فقط هي من تعيش في النهر الان وهي لا تجلب له سعرا كافيا، مشيرا الى ان عمله على امتداد يومين لم يحقق له سوى مبلغ 25 الف دينار فقط.

ويقول داود “بالطبع هذا غير كاف. انا لدي عائلة تعتمد على ما احصل عليه من مال، ولكن هذا هو وضع معيشتنا الان”.

من جانبه يقول صائد السمك، علي، إنه لديه أربعة أولاد في البيت، وانه لا يستطيع العثور على عمل آخر دون صيد الأسماك.

مهندس الموارد المائية والخبير البيئي، جاسم الاسدي، الذي كرس نفسه لحماية الاهوار، يقول ان فكرة البحث عن عمل آخر غير صيد السمك هي ما يشغل بال الكثير من أهالي الاهوار.

وقال الاسدي “منطقة الجبايش وبلدات أخرى يعتمد اهاليها على أنشطة مواردها المائية الاقتصادية، من تربية الجاموس وحصاد القصب و البردي، وإذا لم يكن هناك ماء فكل شيء يموت. الحياة الاقتصادية متوقفة بشكل كامل هنا”.

الجفاف ساهم بتبعات إضافية إلى مشكلة مزمنة يعاني منها البلد من السياسات المائية لبلدان الجوار ايران وتركيا. الاهوار تغذيها مياه نهري دجلة والفرات التي تنبع من تركيا وكذلك روافد أخرى قادمة من ايران. كل من البلدين بنى سدودا على منابع تلك الأنهر مما ساهم بتقليل مناسيب تدفق المياه للعراق.

يقول الخبير البيئي الاسدي “لو كان هناك مطر فان هذا يعتبر حوضا جيدا لحفظ المياه على مدى اشهر قليلة. ولكن هناك شحة بالامطار في حوض العراق”.

وتمتد الاهوار الان على مساحة 2,000 ميل مربع فقط، وهذا الحجم ينقص عن مساحتها الفعلية بنسبة 75%. هذا ما تبدو عليه الاهوار الان، ارض جافة وقصب بردي متيبس. حتى في شهر تشرين الثاني الذي من المفترض ان يكون موعد مطر، فان مناسيب المياه مستمرة بالتناقص. الحياة لم تعد تصمد بهذه الظروف.

واستنادا لاستطلاع أجراه المجلس النرويجي للاجئين، فان اكثر من نصف سكان المنطقة فقدوا مواشيهم خلال عام 2021 بسبب قلة المياه.

زهرية صقر، مربية مواشي، اعتادت هي وعائلتها رعاية 20 رأس ماشية من حيوان الجاموس، ولكن هذا العدد انخفض الى أربعة فقط خلال السنوات القليلة الماضية. تقول ان الحيوان يرفض شرب المياه الملوثة ذات الملوحة العالية ولذلك فهي تضطر لشراء ماء شرب لإبقائه على قيد الحياة.

وتقول صقر “الاعتناء بقطعان الجاموس وتربيتها اصبح عملا مرهقا. كنا سابقا نتركها ترعى وترجع لنا، اما اليوم فهي لا ترجع، نذهب للبحث عنها حتى ان القارب لا يسير بسهولة بسبب ضحولة المياه، ونعثر عليها ميتة عالقة في الوحل”.

رمزي نعمان، الممثل الخاص للبنك الدولي في العراق، يقول ان معدلات درجات الحرارة في العراق ارتفعت بما يزيد على 2.5 درجة مئوية وذلك منذ نهاية القرن التاسع عشر. وهذا ما يزيد على ضعف المعدل الدولي البالغ 4.5 فهرنهايت، مشيرا الى ان القلق نفسه يتعلق بتدني معدلات هطول الامطار.

ويقول نعمان “نتوقع ان ترتفع درجات الحرارة اكثر بمعدل 1.5 درجة خلال السنوات القليلة القادمة وستكون لهذا الارتفاع تاثيراته الكبيرة”.

وبينما يعاني العراق من تأثيرات التغير المناخي، فانه يعتبر أيضا مساهما كبيرا بالانبعاثات الغازية المضرة التي لها تبعاتها على التغير المناخي وارتفاع معدلات درجات الحرارة. ويأتي العراق بالدرجة الثانية بعد روسيا بمعدلات حرقه لمادة الغاز التي تخرج مصاحبة للنفط عند استخراجه.

وتعهدت الحكومة من جانبها بانها ستصل لمرحلة عدم حرق الغاز بحلول العام 2027. وقال وزير النفط، احسان عبد الجبار إسماعيل، خلال تصريحات له بان البلاد خصصت اكثر من 5 مليارات دولار لمشاريع تجميع وتصنيع الغاز الطبيعي.

ومن جانبه يقول ممثل البنك الدولي، نعمان، بان هذه تعتبر تعهدات قد لا يقدر العراق على تحقيقها لأنه بلد ذو دخل متوسط وان ما لديه من موارد بالكاد تكفي لإدارة أمور البلد للأمام.

عن موقع PBS News الأميركي

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here