المعهد الطبي بغداد .. ابداع تقني باعتراف دولي

المعهد الطبي التقني في بغداد هو من أقدم المعاهد التقنية في العراق ، فقد تأسس سنة 1966 ولم تنقطع أعماله منذ ذلك الحين ولغاية اليوم ، وهو من المعاهد المرتبطة بالجامعة التقنية الوسطى ضمن التشكيلات الحكومية لوزارة التعليم العالي والبحث العلمي ، وللمعهد عدة أقسام قامت بتخريج الآلاف من الملاكات الصحية التقنية التي عملت وتعمل بوزارة الصحة والقطاع الخاص ، وانطلاقا من رسالة المعهد وأهدافه فانه يبدي اهتماما فاعلا في مجال ولوج نشاطات داعمة تعزز مسيرته التدريسية بخدمة بيئته في مجال تقديم الخدمات العلاجية والتدريب والإرشاد والتثقيف لعموم المواطنين تجسيدا لشعار الجامعة للمجتمع ، كما يولي اهتماما مميزا باحتضان المبادرات في مجال رعاية المعوقين وأصحاب الاحتياجات الخاصة ، إدراكا منه لأهمية تلك الفئة من الشعب التي لها معاناة إنسانية تتطلب تظافر الجهود لأزالتها او تخفيفها ، وهذه الفئة ازدادت إعدادها بسبب الحروب والإرهاب وأعمال العنف والتشوهات الولادية وغيرها ، ويتم ذلك من خلال قسمي التأهيل الطبي والعلاج الطبيعي والاحتياجات الخاصة ويهدفان إلى إعداد وتخريج ملاكات تقنية قادرة على تأهيل او إعادة تأهيل المرضى والمعوقين للفئات العمرية كافة ، كما تتبنى تأهيل حالاتهم الشديدة والحادة كأصحاب الأمراض المزمنة بالتعاون مع فروع الطب المختلفة ، بإشراف نخبة من كوادره المتخصصة والملاكات الأخرى في حقل العمل في وزارة الصحة والمؤسسات الصحية والطبية ، وللمعهد انجازات وإبداعات وابتكارات في مجال تصنيع الأجهزة والأطراف والمساند وتطبيق تقنيات حديثة في مجال رعاية ومعالجة ذوي الاحتياجات الخاصة ، وتلك الانجازات من حيث السعة والتعدد يصعب حصرها وإدراجها في سطور .

وانطلاقا من الدور الذي يضطلع به المعهد وبهدف تعزيز خدماته من خلال أقسامه وفروعه المتخصصة في هذا المجال ، فقد وضع إستراتيجية في مجال التنسيق مع المنظمات الدولية والمؤسسات العلمية لغرض تكامل أعماله ووضعها بخدمة الشرائح المستهدفة ، ومن تلك النشاطات تواصله مع المنظمات والمؤسسات المتخصصة ومنها احتضانه الاجتماع الدوري للجنة العليا للصليب الأحمر ICRC المشرفة على المراكز المتخصصة للأطراف الاصطناعية والمساند التقويمية في العراق ، إذ تسعى عمادة المعهد للاستفادة من الخدمات التي يمكن إن تقدمها اللجنة الدولية للصليب الأحمر باعتبارها منظمة غير متحيزة ومحايدة ومستقلة تؤدي مهمات إنسانية بحتة تتمثل في حماية أرواح وكرامة ضحايا الحرب والعنف الداخلي وتقديم المساعدة لهم ، وهي لجنة عريقة وتأسست سنة 1863 ومؤسسة للعديد من المنظمات الدولية وتعد مصدر إنشاء القانون الدولي الإنساني لا سيما اتفاقيات جنيف ، والمنظمة معروفة بنشاطاتها الواسعة وإمكانياتها الواسعة الذي يغطي أكثر من 80 بلد في العالم ، وعقد الاجتماع بحضور عميد المعهد ورئيس فرع صناعة الأطراف والمساند وممثلين عن اللجنة الدولية للصليب الأحمر ومدراء المستشفيات والمراكز المتخصصة بالأطراف الصناعية وممثل عن دائرة العمليات في وزارة الصحة ، وتضمنت المحاور الأساسية للاجتماع تأكيد التعاون العلمي بين المؤسسات الحكومية والدولية والاهتمام بتبادل الخبرات بين الجانبين ومناقشة المعوقات والظروف المادية وغير المادية التي تواجه العملية التعليمية في فرع الأطراف والمساند ، كما تضمن الاجتماع مناقشة الحلول التي يجب وضعها لتوفير المتطلبات الداخلة في تصنيع الأطراف أو المساند لتقديم أفضل الخدمات لذوي الإعاقة ، فضلا عن مناقشة الأمور الفنية و الإدارية والتنظيمية الخاصة بعمل الورش التابعة لمراكز صناعة الأطراف والمساند في المعهد ووزارة الصحة .

ومن الأمور التي تحسب لمبادرة المعهد في احتضان هذا الاجتماع ما سيترتب عنه من نتائج ايجابية تلقي بظلالها على ذوي الاحتياجات الخاصة ، إذ تمت لقاءات جانبية مع ممثلي وفد اللجنة الدولية في العراق ICRC للتباحث حول سبل التعاون القائم بين الطرفيين وتطويره وتحويله للجانب العملي وتذليل الصعوبات المتعلقة بأمور تجهيز المواد الأولية وإدارة المخازن في فرع صناعة الأطراف والمساند ، فضلا عن مناقشة سبل التنسيق والشراكة في إقامة الدورات التعليمية والتدريبية لدعم مخرجات المعهد من الطلبة \ الخريجين وتقديم الدعم اللازم لفرع تخصص صناعة الأطراف والمساند والعلاج الطبيعي باعتماده مركزا تدريبيا متخصصا بهذا المجال وبما يسهم برفد سوق العمل بملاكات متطورة بهذا النوع الدقيق ، وخلال الجولة التفقدية التي قام بها الوفد لمختبرات وورش فرع صناعة الأطراف والمساند بالمعهد أبدى الوفد إعجابه ودعمه للمختبرات والورش ولكيفية سير العملية التعليمية داخل الفرع والوسائل والمناهج المعتمدة في إعداد الطلبة إعدادا تقنيا دقيقا ، وأثنى الوفد على الأسلوب المعتمد ومراحل استقبال المرضى داخل العيادة التعليمية ، وفي ختام الزيارة أعرب الوفد الضيف عن التزامهم الكامل بدعم المعهد ومخرجاته بتخصص صناعة الإطراف والمساند والعلاج الطبيعي كونه يرفد سوق العمل بهذا التخصص الدقيق ، ووعد بان تتواصل الزيارات خلال الفترة المقبلة للتعاون بين الجانبين في مجالات التقدم العلمي والمعرفي .

وان ما تقدم يشير بان ما يقوم به المعهد فيما يتعلق بذوي الاحتياجات الخاصة سواء في مجال التنسيق مع الجهات الداخلية والدولية المعنية ، او في مجال ابتكار وصناعة الأجهزة والمستلزمات وتقديم خدمات تأهيلية وعلاجية في الجوانب البدنية والنفسية وتوفيرها مجانا للعديد من الحالات او بأسعار التكلفة التي تقل بكثير جدا عن الأسعار السائدة محليا وفي الخارج ، يعد انجازا يستحق الثناء كونه يصب في مصلحة أبناء شعبنا العزيز وبالذات ذوي الاحتياجات الخاصة و( المعاقين ) ، كما انه يصب في مصلحة مسيرة التعليم التقني وفي منهج عمل الجامعة التقنية الوسطى التي دعمت وأعطت الصلاحيات اللازمة لتشكيلاتها في ولوج الطموحات التي تجعلها قادرة على الاستجابة المتوازنة لأغلب المتطلبات ، وتعد الإشادات التي قدمها وفد منظمة الصليب الأحمر شهادة اعتراف دولي بالمستوى الذي تحققه الملاكات العراقية في تخصص غاية في التعقيد ، ونتمنى أن تتواصل الجهود الطيبة في مجال إسهام الجامعات والمؤسسات التعليمية في خدمة المجتمع ،

باسل عباس خضير

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here