حكومة الأغلبية السياسية وأمريكا وظهور داعش!

علاء كرم الله

مع فوضى الصراعات السياسية بين الأحزاب الحاكمة وما آلت عليه نتيجة الأنتخابات الأخيرة وتداعيات تلك النتائج وفي خضم هذا الصراع المخيف الذي لم تحسم نتائجه بعد ، وأذا بداعش تظهر كرأس الأفعى من جديد وبقوة لتضرب وتقتل هنا وهناك وتصيب هذا وتجرح ذاك ، حتى أن البعض من هذا التنظيم الأجرامي تجرأ للوصول الى حزام بغداد الى منطقة ( الطارمية)! ، ولكن القوات العراقية الباسلة أستطاعت التصدي لهم وقتلهم. وللعودة الى الوراء لابد من التوضيح أنه وعلى الرغم مما حققه الجيش العراقي الباسل ، وظهيره من أبطال الصحوة والحشد الشعبي والبيشمركة من أنتصار واضح ومبين على تنظيم داعش الأرهابي حيث تم تحرير كافة الأراضي التي أحتلها التنظيم عام 2014 ألا ان هذا التنظيم لم يرمي سلاحه بالكامل فقد ظلت له خلايا نائمة في بعض المناطق وتحديدا المناطق الغربية من العراق!. نعود الى موضوع ظهور داعش في هذا التوقيت وهذا الظرف حيث صراع الأحزاب السياسية وخلافاتها من أجل أكمال صورة المشهد السياسي بأنتخاب رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة ، بعد أن تم أنتخاب رئيس البرلمان ونوابه ، في أفتتاح جلسة البرلمان الذي أثير عليها لغطا وجدلا كثيرا!. ومن وجهة نظري كمراقب للأحداث السياسية وما يجري في العراق ، أرى أن ظهور داعش وبهذه الهالة الأعلامية التي شغلت الفضائيات وكل مواقع التواصل الأجتماعي أرى بأنه ليس بالأمر المفاجيء أبدا! ، بل هو متوقع وتحديدا في مثل هذه الظروف والأجواء السياسية المتعكرة والمعقدة والتداخلات الخارجية ، فتنظيم داعش الأرهابي هو ليس أحد خيوط اللعبة السياسية بالعراق فحسب بل في الشرق الأوسط عموما والذي تحركه وتغذيه وتموله الأصابع الخارجية التي عبثت بمقدرات العراق منذ الأحتلال الأمريكي الغاشم عام 2003 حيث أن هذا التنظيم كان بالأمس هو تنظيم القاعدة واليوم صار داعش ولربما سيتغير الى أسم آخر والهدف واحد هو أرباك الوضع في العراق وتفويت وقتل أية فرصة للعراق للأستقرار والشعور بالأمن والتقدم ولو بخطوة واحدة نحو الأمام! ، فسياسة الأحتلال الأمريكي الغاشم للعراق ومن معه قامت ولازالت على أشاعة الفوضى والفساد وبث الخوف وأنفلات الأمن وتحجيم سلطة القضاء وأضعافه وزرع الفتن ونشر الأشاعات وأدامة التخريب والأهمال في كل مفاصل الحياة ومفاصل الدولة العراقية العسكرية منها والمدنية ، وتدمير البنية الأخلاقية للمجتمع وذلك من خلال وجود طبقة سياسية

حاكمة عرفها العالم أجمع وكذلك هي عرفت نفسها وأعترفت بذلك! بأنها طبقة سياسية جاءت من أجل السلطة والجاه والثراء والأنتقام والثأر وليس من أجل أعادة بناء الدولة والمجتمع والأنسان!. أقول وأؤكد على ما أقول بأنه لو لم يكن هناك طرح سياسي من قبل الكتلة التي فازت بأعلى المقاعد في الأنتخابات الأخيرة ، بأن تشكيل الحكومة القادمة سيكون بالأغلبية السياسية الوطنية، وسيكون على نفس الألية السابقة أي بمعنى تشكيل (حكومة توافقية) ترضي كل الأطراف السياسية وطبعا لاترضي الشعب! وبطريقة المحاصصة التي تعودنا عليها أقول ، لو كان الأمر كذلك لما ظهرت داعش ولبقيت خلاياها نائمة في الوقت الحاظر على أقل تقدير!!. (( وهنا لابد من الأشارة والتذكير بأن داعش هي صناعة أمريكية صهيونية شاركت بعض الدول المجاورة للعراق ومن محيطه العربي بتغذية هذا التنظيم عسكريا ولوجستيا وماليا وتأمين أفراده مع أسرهم وعوائلهم في مناطق ومعسكرات ومخيمات على الحدود بين سوريا والعراق مثل وادي حوران ومخيم الهول !)). وهذا الأمر لم يعد خافيا فالعالم كله يعرف ذلك! ، فأمريكا دولة مستهترة ولا يهمها أن اتهمت بمثل هذا الأتهام ، وغيره من أتهامات أجرامية خبيثة فتاريخها المشين عبر عقود من الزمن يحكي الكثير الكثير من القصص عن عنجهيتها وأستهارتها وتدخلها بالشوؤن الداخلية للكثيرمن دول العالم وأصطفافها وحمايتها لكل بؤر الفساد والشر بالعالم وتدميرها للشعوب الحية . ومن المفيد أن نذكر هنا أن الولايات المتحدة وبعد أحداث 11 /سمبتمبر/2001 ، قررت تدمير 7 دول هي (( العراق – سوريا – لبنان – ليبيا – الصومال – السودان – أيران ، فالقرن الأمريكي الجديد وحسب رأي الخبراء والمحللين السياسيين الغربيين يقوم على زعزعة أستقرار الشرق الأوسط وقلبه راسا على عقب وجعله تحت السيطرة الأمريكية! )) ، وهذا التوجه الأجرامي الشرير بات واضحا ، فسياسة تدمير هذه الدول وزعزعة أمنها وأستقرارها مستمرة ولا احد يعرف كيف ومتى ستنتهي؟! . نعود الى صلب الموضوع، أن تشكيل حكومة بأغلبية سياسية وطنية معناه البداية للخروج من قبضة المحاصصة السياسية التي دمرت البلاد والعباد والشجر والبشر، وهذا ما لا تريده أمريكا التي شجعت ودعمت موضوع المحاصصة السياسية وجعلتها كألية سياسية ثابتة لتشكيل أية حكومة عراقية بتوافق ورضا الأحزاب السياسية التي قادت البلاد من بعد الأحتلال الأمريكي! ، حقيقة أن أمريكا تتخوف حتى من طرح موضوع تشكيل حكومة بأغلبية سياسية! ، فما بالك أذا تم تشكيلها فعلا؟ ، ولذا تعمل على أرباك الوضع في العراق بشتى الطرق وأساليب الأرهاب هي وكل الدول المستفيدة من خراب وتدمير العراق ، لا سيما وأن أمريكا جعلت من العراق مشروعا أقتصاديا تساوم به وتحل مشاكلها مع هذه الدولة وتلك من أجل وحسب مصالحها القومية العليا؟!. ولا أدري كيف لا يزال البعض يتوهم بأن أمريكا تريد الخير

للعراق أو تعمل على ذلك؟ ، ويتناسى هذا البعض بأن أمريكا هي من جلبت كل هذا الخراب والفوضى والدمار للعراق منذ أحتلالها له عام 2003. أخيرا نقول أن منظمة داعش الأرهابية هي كماشة نار بيد أمريكا والمتعاونين معها تحركها وتظهرها حسب متطلبات الموقف السياسي في العراق والوضع العام ، وبما يخدم مصالحها ويضر بمصلحة العراق وأمنه وأستقراره! ، ونؤكد على ما ذكرناه آنفا بأنه لو لم يكن هناك طرح سياسي لتشكيل حكومة أغلبية سياسية لما ظهرت داعش على سطح الأحداث السياسية الآن بالعراق!؟.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here