اللغة الصينية في اربيل.. “القوة الناعمة” لطريق الحرير الصيني

نشرت وكالة “اسوشيتدبرس” الأمريكية تقريرا حول تعليم اللغة الصينية في مدينة اربيل في افلسم كوردستان، مشيرة الى انها تعكلس تغلغل الصين اقتصاديا وثقافيا في العراق والاقليم، في اطار ممارستها لـ”القوة الناعمة”.

وذكر التقرير الذي ترجمته وكالة شفق نيوز؛ ان المعلم الصيني زهيوي هوو (52 سنة) يشرف على طلابه الكورد ال14 كقائد لفرقة اوركسترا، وعندما يطرح سؤالا تأتي اجابات طلابه باللغة الصينية باتقان وطلاقة، وذلك خلال فصل دراسي في جامعة صلاح الدين في اربيل، بالتعاون مع القنصلية الصينية.

ولفت التقرير؛ إلى أن هذا الفصل الدراسي يمثل جزءا من تجربة يتم خوضها مع جامعة صلاح الدين، ففي حال نجح الطلاب في التخرج، سيتم فتح باب التسجيل في قسم اللغة الصينية، وهو ما شأنه أن يمنح العدد الكبير المتزايد من الشركات الصينية في الإقليم الكوردي، الفرصة لاختيار موظفين للعمل لديهم.

يقول الطالب ريجين ياسين (20 سنة) أثناء جلوسه في مقدمة الصف “أردت تعلم اللغة الصينية لأنني أعلم أن الصين سيكون لها اليد العليا مستقبلا. ستتوسع الصين هنا، ولهذا اخترتها”.

وأشار تقرير الوكالة الامريكية؛ الى ان المصالح النفطية المترسخة للصين في العراق بهدف تلبية احتياجاتها المتزايدة، آخذة في التوسع، وهي أيضا تقوم بإنشاء محطات لتوليد الكهرباء والمصانع ومعالجة المياه، بالإضافة إلى المدارس التي تتزايد الحاجة لها في جميع أنحاء العراق.

وأوضح التقرير؛ أن عشرات العقود الموقعة في السنوات الماضية، تضمن التواجد المتزايد للصين، حتى فيما تفكر شركات غربية كبرى، بمن فيهم الولايات المتحدة، الانسحاب من العراق، مضيفا انه فيما يعبر المسؤولون العراقيون عن رغبتهم بوجود امريكي أكبر، إلا أنهم يشعرون بجاذبية في عروض الصين للمشاركة في تنمية العراق، والتي لا تتضمن شروطا للديمقراطية أو الإصلاح بالاضافة إلى دبلوماسيتها الذكية.

ولهذا، اعتبر التقرير أن مدرسة اللغات الصينية هي بمثابة استعراض للقوة الصينية الناعمة للتعريف بالصين.

ونقل التقرير عن سردار عزيز، وهو باحث كتب مؤخرا كتابا باللغة الكوردية يتناول العلاقات الصينية العراقية، قوله إنه “كلما أصبحوا مألوفين اكثر، تزايد انجذابهم إلى السلع الصينية”.

وأوضح التقرير؛ أن للشركات الصينية هيمنة على النفط، وهو القطاع الاقتصادي الرئيسي في العراق، حيث تستهلك الصين 40٪ من صادرات العراق من النفط. وبالاضافة الى ذلك، تتنامى الاستثمارات الصينية لتطال صناعات أخرى والتمويل والنقل والبناء والاتصالات.

وربط التقرير هذا الاهتمام الصيني بالعراق، بالتحول الذي أعلنه الرئيس الصيني شي جين بينغ في العام 2013 من خلال “مبادرة الحزام والطريق” التي يطلق عليها أيضا طريق الحرير الجديد، والتي تتضمن مجموعة واسعة من مبادرات التنمية والاستثمار من شرق آسيا وصولا الى الشرق الأوسط وأوروبا، والتي تعتبرها الولايات المتحدة مثيرة لقلقها وبمثابة، “حصان طروادة” للتوسع الصيني.

وتتضمن المبادرة الصينية تصورات لتطوير العلاقات مع الدول على طول مسارات طريق الحرير من خلال السياسة، وترابط البني التحتية والتكامل التجاري والمالي والترابط في العلاقات بين الشعوب نفسها.

وحول بدء تدريس اللغة الصينية، اشار التقرير الى ان القنصلية الصينية اتصلت في العام 2017 بكلية اللغات في جامعة صلاح الدين طارحة فكرة قسم اللغة الصينية، مضيفا أن فكرة افتتاح هذه المدرسة في بغداد ترافقت مع وجود مخاطر أمنية، لكن الاقليم الكوردي في الشمال كان نسبيا آمن.

ونقل التقرير عن عميد الكلية عاطف عبد الله فرهادي قوله إن الجامعة في بداية الأمر لم تكن متأكدة من أن الفكرة ستحظى بإعجاب الطلاب أو أنها ستجد المدربين المؤهلين للقيام بذلك، ولهذا فقد طلب فرهادي من القنصلية الصينية توفير ودفع تكاليف المعلمين والكتب المدرسية ومختبر الصوت والتقنيات الدراسية الاخرى.

تابع فرهادي؛ أن القنصلية الصينية “استوفت جميع المطالب”، مشيرا الى أنه تم افتتاح القسم في العام 2019 ومن المقرر تخريج الدفعة الأولى منه العام المقبل، مضيفا “ثم سنتوسع”.

وأشار الطلاب إلى أن تعلم الكتابة بلغة الماندرين، اللغة الرسمية في البر الرئيسي للصين، كان الجزء الأكثر صعوبة عليهم في التعلم، إذ يتحتم حفظ الآلاف من رموز الحروف الخاصة، ثم تعلم النطق الصحيح للكلمات.

ونقل التقرير عن المعلم الصيني زهيوي هوو قوله “ارتجفت ألسنتهم”، مضيفا أنه بعد خمس ساعات من الدروس، على مدى خمس مرات أسبوعيا على مدار ثلاث سنوات، صار الطلاب “يتحدثون بشكل جيد”.

وأعرب فرهادي عن امله ان يكون الامر نفسه بالنسبة لقسم اللغة الانجليزية، لكنه اشار الى ان القنصليتين الأمريكية والبريطانية نادرا ما عرضتا المساعدة، مضيفا “انهم لا يدعموننا نهائيا”.

ولفت التقرير إلى أنه فيما تزداد بصمة الصين الاقتصادية، فإن شركات النفط الغربية تعمل من أجل تقليص نفوذها في العراق، حيث أعرب كثيرون عن استيائهم من المخاطر المحيطة ببيئة الاستثمار وشروط العقد غير الملائمة.

وفي هذه الأثناء، تأتي الشركات الصينية العاملة في قطاعات عديدة، للقاء الطلاب في إطار ممارسة المهارات اللغوية، وينتهي الأمر بمعظمهم بتلقيهم وعودا للتوظيف في المستقبل. وقال أحد الطلاب “نتحدث باللغة الصينية ونتحدث عن الأعمال والمستقبل. يأتون إلينا لمقابلتنا وإجراء تواصل معنا”.

وتابع التقرير؛ أن هناك طالبين يعملان كمترجمين في شركة اتصالات صينية بدوام جزئي. واضاف ان الدروس التي يتلقاها الطلاب تتناول الثقافة والتاريخ الصيني. يسارع الاستاذ الصيني الى تذكير الطلاب بالماضي الذهبي المشترك بين بكين واربيل حيث كان العراق جزءا من طريق الحرير القديم للتجارة الذي كان يربط بين سلالة هان الصينية والغرب.

ونقل التقرير عن السفير العراقي السابق في بكين محمد صابر قوله إنه خلال فترة خدمته الدبلوماسية في بكين، كان المسؤولون الصينيون كثيرا ما يستعيدون تاريخهم المشترك، حيث يتذكر العديد من الصينيين كيف أنه خلال الخمسينيات من القرن الماضي، قام العراق بشحن أطنان من التمور إلى الصين لمساعدتها خلال فترة المجاعة.

كما اشار التقرير الى انه عندما تولى محمد صابر منصبه في العام 2004 لم تكن التجارة بين العراق والصين تبلغ سوى حوالي نصف مليار دولار، لكنه عندما انتهى من مهمته في العام 2010 ، كان الرقم قد ارتفع الى 10 مليارات دولار. أما في العام الماضي فقد وصل حجم التجارة بين البلدين الى نحو 30 مليار دولار.

ترجمة: وكالة شفق نيوز

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here