الكرد جزء من الحل وليسوا جزءا من المشكلة!

محمدواني

رغم ان بغداد واربيل عاصمة إقليم كردستان تجمعهما دولة واحدة رسمية وهي العراق ، ولكنهما مختلفتان تماما، لكل واحدة منهما سياستها الخاصة واستراتيجتها المتفردة ، وفي كثير من الأمور تظهران وكأنهما على طرفي النقيض لايجمعهما جامع ولا يربطهما رابط مشترك ، لا السياسي ولا الثقافي ولا الوطني ولا حتى الديني ، كل شيء مختلف! فلا العراقي حاول ان يحسس الكردي بالانتماء الى الوطن”العراق!” ولا الكردي تخلى عن انتمائه الوطني لكردستان وخطى خطوة جادة باتجاه المجتمع العراقي ليندمج فيه ، كل واحد لديه وطن ينتمي اليه ويتغنى به! حتى وهو يضع اللبنات الأساسية للدولة الجديدة بعد غزو القوات الامريكية وحل الجيش العراقي عام 2003 لم يستغل وجود قواته المسلحة “البيشمركة” القوية لبسط نفوذه في بغداد ، بل غادرها فورا بعد استتباب الامن فيها عائدا الى اقليمه تاركا الجمل بما حمل للأحزاب الشيعية!

هكذا هو الكردي يتمسك بوطنه ولا يفرط فيه ولن يقبل ان يفرض عليه الارادات مهما تعرض للقصف الكيمياوي او اغتصب ارضه…

حاول صدام حسين ان يجمعهم في بوتقة دولته القومية بالقوة ويحتجزهم في معسكرات خلف الاسلاك الشائكة كالقطيع ولكنه فشل وذهبت محاولاته ادراج الرياح! ، بينما بقي الكرد على موقفهم لايحيدون عن ثوابتهم قيد انملة ، وجاء نوري المالكي وحاول ان يرضخهم لدولته الطائفية ومارس ضدهم سياسة التجويع ليجبرهم على الدخول في “محوره المقاوم!” ولكنهم رفضوا التبعية ، وفضلوا ان يعانوا من ويلات العقوبات الاقتصادية الثقيلة من الدخول في محاور وتحالفات إقليمية توسعية!

ورغم دعم الكرد للدولة العراقية الجديدة عام 2003 ومساهمتهم في بناء مؤسساتها الحيوية الاقتصادية والعسكرية ومشاركتهم في حكوماتها المتعاقبة على أمل ان يجدوا حلا لمشاكلهم العالقة مع العراق بالطرق الديمقراطية ووفق مواد الدستور بعد ان فشلوا في معالجتهاعبر الحروب الاستنزافية الطويلة التي انهكت الطرفين! ومن اهم واخطر هذه المشاكل تلك التي تتعلق بالمناطق الكردية التي تعرضت لحملات التهجير والتعريب الواسعة من قبل الحكومات العراقية المتعاقبة والمعروفة ب”المناطق المتنازع عليها” ومدينة كركوك الاستراتيجية في قلب هذه المناطق! ونجح الكرد في ادراج مادة مهمة في الدستور (المادة 140) لحل الازمة العقيمة ولكن السلطات العراقية لم تنفذ بندا واحدا منها لحد الان!

وظلت العلاقة بين إقليم كردستان والحكومة العراقية متوترة دائما تشوبها الحذر والترقب ، رغم مشاركة الكرد في الحكومة والبرلمان ، ولكن المخاوف من تكرار مأساة الماضي القريب ظلت ماثلة امام اعين الكرد ، ولدى العراقي بالمقابل تحفظات على الكردي سواء كان رئيسا للجمهورية او وزيرا فانه في نظره “دخيل” جاء لينهب ثروات الوسط والجنوب النفطية!

رغم ان حصة إقليم كردستان من ميزانية الدولة العراقية اقل بكثير من نسبة 12% بينما ال 88% الاخرى تذهب الى جيوب المتربعين على السلطة دون ان يصرفوا فلسا واحدا على التنمية والاعمار والخدمات حتى تحولت بغداد الى مدينة اشباح! اسوء مدينة في العالم ، لا تصلح للعيش الآدمي بحسب منظمة الشفافية الدولية!

رغم ان الكرد قد جربوا قادة الشيعة ولم يروا فيهم خيرا قط ! لا للعراق ولا لإقليم كردستان ، فانهم اضطروا ان يغيروا من وجهتهم ويخوضوا تجربة جديدة مع شخص آخر هو”مقتدى الصدر”عله يطبق الدستورويعمل وفق طروحاته”الإصلاحية”ويختلف عن بقية قادة الشيعة من “بياعي الشعارات!” ويحل الازمة الكردية المزمنة ، فالكرد مع الحل السلمي وفق الدستور وهم جزء من الحل وليسوا جزءا من المشاكل كما رددها رئيس الإقليم”نيجيرفان بارزاني”على اسماع العراقيين في كل مناسبة!

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here