اشارات الشهيد السيد محمد محمد صادق الصدر قدس سره عن سورة البقرة (ح 6)

الدكتور فاضل حسن شريف
يقول السيد الشهيد محمد محمد صادق الصدر قدس سره: وللإمامة في الإسلام عدة معانٍ منها القدوة في الأمور الإلهية ذات الأهمية في تعميق الإيمان والوصول إلى مدارج الكمال. ومنه قوله تعالى مخاطباً إبراهيم الخليل على نبينا وآله وعليه السلام “إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَاماً” (البقرة 124). وقد ورد أنه جعله إماماً بعد أن كان نبياً مرسلاً. فالإمامة بهذا المعنى أعلى من تلك المراتب.
جاء في كتاب الصوم للسيد الشهيد محمد محمد صادق الصدر قدس سره: في كفارة الصوم: وقد يخطر في البال: أنَّ هذ الكفارة من الشدة والضخامة، بحيث لا يطيقها الناس، مع العلم أنَّ الشريعة مبنيةٌ على السهولة، كما ورد في الخبر عن النبيِّ : (جئتكم بالشريعة السهلة السمحة). وورد في الكتاب الكريم: “وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ” (البقرة 184)، وفسرت الآية بالطاقة مع الشدة والقسوة في التحمل. فإنَّ مثل هذه الشدة قد تكون مؤخرةً عن الهدف بدلاً عن أن تكون ميسرةً له، فيتعلق الأذى الشرعيّ، وتكون الرحمة والحكمة في الترك، وبذلك لا يكون الترك معصيةً، بل هو طاعة. ومن هنا كانت له فديةٌ قليلةٌ نسبياً.
جاء في موقع منتدى جامع الائمة عن خطبة الجمعة للسيد الشهيد محمد محمد صادق الصدر قدس سره: انه صلى الله عليه واله قال (واذكروا بجوعكم وعطشكم فيه جوع يوم القيامة وعطشه) “شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ” (البقرة 185) وهذا الحديث له مرتبة علة ومرتبة معلول بلغتي واصطلاحي. اما مرتبة العلة فان الجوع والعطش يذكر الانسان بأمور عديدة وبتعبير آخر يذكر الفرد المؤمن. المؤمن هو الذي يتذكر بأمور عديدة منها جوع وعطش يوم القيامة ومنها جوع وعطش الفقراء والمحتاجين، ومنها جوع وعطش المرضى والمصابين، ومنها جوع وعطش العاملين في سبيل الله إذا وقعوا بمثل هذه الصعوبة، ومنها جوع وعطش المضطرين كالتائهين في الصحراء او البحر او الجبال او المسجونين ونحو ذلك، كثير هذا في مرتبة العلة.
واما في مرتبة المعلول فان كل واحد من هذه الافكار يعطي نتائجه المحمودة. فتذكر جوع وعطش يوم القيامة يذكر بيوم القيامة نفسه واذا تذكر الفرد يوم القيامة والحساب والعتاب والعقاب وقف عند الذنوب واكثر من الطاعات وذكر الله سبحانه وحصل عنده الورع والتقوى، وتذّكر جوع وعطش الفقراء والمساكين يحث الفرد بمقدار إمكانه على قضاء حاجة المحتاجين وإشباع المعوزين وهم كثيرون غالبا في المجتمعات، وتذكر جوع وعطش المرضى والمضطرين يحث الفرد على أمرين أحدهما السعي في قضاء حاجة المحتاجين مهما كانت ورفع ضرورة المضطرين من إخوانه المؤمنين بمقدار إمكانه، ثانيهما توجيه الحمد والشكر الى الله سبحانه بعدم الابتلاء والضرورة والحاجة كما ابتلى به غيره كما ورد (نعمتان مجهولتان الصحة والامان) وكلاهما في الحقيقة الصحة والامان من أعظم النعم ومبلغ شكرها الحقيقي، وإن كان هو الشكر اللفظي إلا ان الواقع منه هو استغلالهما أعني الصحة والأمان في طاعة الله واكتساب الطاعات وتكامل الإيمان والسير في رضا الله سبحانه كما ورد (اغتنم خمسا قبل خمس، شبابك قبل هرمك وصحتك قبل سقمك وفراغك قبل شغلك وغناك قبل فقرك وحياتك قبل موتك).
تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here