العشائرية وقوة الدولة

العشائرية وقوة الدولة

فارس حامد عبد الكريم

قوى اللادولة او ماقبل الدولة كالقوى القبلية والعشائرية والميلشياوية لاتظهر وتستفحل إلا في حالة ضعف الدولة اوانعدامها فتراها تخرج من تحت الرماد فجأة لأنها كامنة في النفوس لا في ارض الواقع فقط ولكن قوة الدولة والقانون تخمدها الى حين …

وانا هنا أتحدث عن نفوذ قبلي يحاول ان يحل محل الدولة ومؤسساتها النظامية مما يتولد عنه صراع على المصالح بين القبائل نفسها وبين مؤسسات الدولة التي تطبق القانون كنتيجة حتمية يؤكدها التاريخ القديم والحديث، لا عن قيم واعراف أصيلة فهذه لاخلاف عليها بإعتبارها سمة خاصة من سمات وخصوصيات العراقيين بين العرب جميعاً وغيرالعرب نفتخر بها وبكرمها وآدابها وأعرافها امام العالم أجمع.

ولكي لانطيل الموضوع بمقدمات هي ضرورية احياناً لفهم الواقع …

سألت الوالد القاضي حامد العجرش ( قاض وينتمي لقبيلة من أكبر قبائل العراق هي إمارة زبيد ووالده وعمامه من كبارشيوخ هذه القبيلة ولهم مع كبار رجالها وامرائها قرابة قريبة وخوولة ونسب).

قلت له؛ كانت الدولة في العهد الملكي تحسب الف حساب لرجال القبائل والعشائر وتجاملهم وتقوم بتعيين كبار رجالالعشائر في مجلس الاعيان والنواب، ومع ذلك كانوا يتحدون الدولة في مناسبات عدة.

اقول ماذا كان رد فعلهم عندما اصدر عسكر 14 تموز 1958 قانون الإصلاح الزراعي وانتزعوا منهم الاقطاعيات الضخمة التي كانت تحت ايديهم لمئات السنين؟

قال؛ لم ينبس اي منهم ببنت شفة؟

( ولا واحد فك حلكه)…

طبقوا القانون وكانوا يرافقون لجان الاصلاح الزراعي بأنفسهم وتتم عملية المساحة وتقسيم الارض ومن ثم تسليمهاللفلاحين؟

قلت؛ لماذا برأيك لم ينتفضوا ويرفضوا القانون كما فعلوا في حالات معينة في العهد الملكي؟

قال؛ كانت الحديدة حارة بعد ان رأوا بأم أعينهم كيف تم قتل وسحل العائلة المالكة؟ فضلاً عن اعتقال الوزراء وكبار قادة الجيش ممن لم يشتركوا معهم والحكم بإعدام عدد منهم.

وكان وارداً بإشارة للفلاحين وعموم الناس من زعماء الانقلاب ان يقوموا بسحل وقتل اي شيخ او اقطاعي يعترض، خاصة وان الفلاحين خرجوا بمظاهرات عارمة لتأبيد الإنقلاب،

وكانت الآلاف المؤلفة من العراقيين تتظاهر وتجوب الشوارع في كل مدن العراق وقراه ومن هتافاتها مخاطبة الزعيم عبدالكريم قاسم؛

لا تكول ما عندي وكت … وإعدمهم الليلة ”

و” إعدم .. إعدم … جيش وشعب يحميك يا قائد الثورة ”

“ماكو مؤامرة تصير والحبال موجودة”

فاحترم شيوخ العشائر وكبار الإقطاعيين انفسهم وطبقوا القانون بدون أي اعتراض.

قلت؛ اذا هي قوة الدولة.

قال؛ طبعاً من يستطيع ان يقف بوجه الدولة القوية.

وأردف؛ لولا أن صدام أعاد لنا صناعة الشيوخ في التسعينيات لحاجته لحمايتهم وقت الانتفاضة من غضب الشعب لماعادت العشائرية بوجها المزيف المصنع الذي اسماهم الشعب بشيوخ التسعينيات.

والسؤال هل نحن على موعد مع دولة قوية توقف خراب العشائرية وانتهاكاتها خاصة المزيفة منها التي لم تلتزم بآدابوقيم العشائر الأصيلة بل حولتها الى منفذ للسياسة والابتزاز والقتل والانتقام الدي لايقف عند حد معين؟.

ويعلق احد الشيوخ الأصلاء على الوضع الشاذ والشرخ الذي احدثه النظام السابق في القيم العشائرية بالقول؛

ـ(… وجرت أكبر عملية تنصيب شيوخ جدد بأوامر من صدام.. بعد إزاحة الشيوخ الأصلاء.. وأصبح هؤلاء الشيوخ (رجالصدام) في العشائر..

وعيون أمن على أبناء العشيرة يغدق عليهم صدام بالأموال والسيارات.. بل أصبح بعضهم يقضي وقته في معارضالسيارات يبيع ويشتري..

ليتحول شيوخ صدام بعد 2003 الى حواسم.. وأكثر من ذلك!)

ويستدرك بالقول؛

(مهمة شيوخ صدام أو أبنائهم اليوم هي:

(الابتزاز تحت يافطة مطلوب دم.. في النهار تجدوهم مع الحكومة.. في كل مؤتمرات المصالحة الوطنية يوقع..

وهم أول من يمارس الفتنة الطائفية التي تحرق الأخضر واليابس.. وسرقة المال العام .. وتجارة الأسلحة.. وابتزاز الأطباءوالمدرسين والأغنياء.. والاستيلاء على الأراضي وحصص المياه.. وكل شيء يقع في أيديهم .

حتى إن بعض الكتل السياسية ترتجي دعم هؤلاء الشيوخ لتقوية مكانتهم في السلطة والشارع العراقي .. مما زاد فينفوذهم وجبروتهم).

ملخص مفيد عندما تكون قبضة الدولة قوية والحديدة ساخنة ستجد مثل هؤلاء كأنهم ( فص ملح وذاب).

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here