طريق المجد للشباب، الفرق بين السعادة والسرور ؟  

   د. رضا العطار

 ليس هناك شاب إلا ويزعم انه ينشد السعادة، ولكن ليست هناك كلمة يضطرب معناها ويختلف مدلولها اكثر من هذه الكلمة.  وهناك عشرات بل مئات من الناس ظنوا انهم ينشدون السعادة ولكنهم اخطئوا الهدف، بذلوا جهودا وتعبوا دون ان يصلوا الى غايتهم،  ذلك لانهم كانوا يجهدون ويتعبون لنيل المسرات والملذات ظنا ان هذه الاشياء هي السعادة. لكنهم بعد الحصول عليها وجدوا انهم لا يزالون كما كانوا في البداية لم يسعدوا بل ازدادوا جوعا وشوقا الى الاستكثار وعطشا الى الطمع.

 

لذلك يجب ان نميز بين اللذة والسعادة.  فان الاول مادية كالطعام او الشراب او اقتناء شيء نفخر به كالاثاث الجميل والبذلة الجديدة ونحو ذلك، ولكن هذه الملذات او المسرات المادية تنتهي الى نهاية، لنعود الى الجوع وطلب الزيادة.

ولكن السعادة فكرية، اي اننا نسعد بالفكر، وليس بالمادة، ولذا تحفزنا الفكرة الى جهاد نبقى معه وبه. وسعادتنا هنا مقيمة لا تزول، فقد نخدم مبدئا انسانيا او ندعو الى مذهب اجتماعي او سياسي او نرى رؤية بشرية سامية نحاول ان نحققها.  او ندرس نظرية علمية نبغي من ورائها كشف اوجهها، ففي كل هذه الحالات نحس السعادة التي لا نسأمها،

إذ لن نشبع منها كما نشبع من الملذات المادية. المسرات مادية مهلكة.  والسعادة فكرية دائمة.

 

هذا هو الاساس السليم والتفكير الصائب في السعادة، والسعادة لهذا السبب مجانية او تكاد تكون كذلك، وهي ايضا لا تحملنا الكفاح من اجلها الحسد والغيرة، كما انها تستنبط فينا الخير للبشر.

فنحن حين نسعد بالكفاح من اجل مذهب او لاننا نرى رؤية لا يراها غيرنا، نحاول ان يسعد الناس مثلنا وان يكافحوا كفاحنا.  ام حين ننشد الملذات والمسرات المادية فاننا لا نحب ان يشاركنا فيه احد.  او ان يبلغ ما بلغناه، ولذلك كثيرا ما تبعث في نفوسنا اخس الغرائز.  كما اننا في النهاية لا نجد اننا قد شبعنا، وهذا السبب في شقاء الكثيرين من الاثرياء

الذين قد ينتهي البعض منهم في النهاية الى الانتحار.

 

من هنا ايضا تلك السعادة التي يحس بها الفنان او الفيلسوف ورجل العلم الذي يسعى لكشف حقيقة مجهولة.

فإن هؤلاء سعداء لانهم ينشدون هدفا فكريا وليس لذة مادية.

فإن شئت السعادة ايها الشاب، فاخدم فكرة سامية يرتفع بها الناس او ينتفعون واجعل هذه الفكرة تستغرق كل اهتمامك فانك عندئذ تكفل لنفسك السعادة والهناء.

 

* مقتبس من كتاب طريق المجد للشباب للكاتب الموسوعي سلامة موسى.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here