بمناسبة عيد الحب، سانشر عن فلسفة الحب اثنتى عشرة حلقة، ميسرة للقارئ الثلاثاء من كل اسبوع !

المعروف عن طبيعة العراقيين انهم كانوا ولا يزالون يعشقون كل ما هو جميل، ميالون الى حياة الهناء والطرب رغم مصائب التاريخ و نائبات الزمن المتواصلة.

وان تحسس العراقيين بروعة الموسيقى ولذة الغناء، كامنة في فطرتهم وساكنة في نبت روحهم، حالهم حال السومريين قبل آلاف السنين، عندما كانت معابدهم العامرة تصدع باحلى الانغام الموسيقية، كانت قيثارة كلكامش احدى شواهدها المادية

                     الحب بهجة من مباهج الحياة !

 اننا لا نكاد نهمّ بالحديث عن الحب – بوصفه بهجة من مباهج الحياة البشرية – حتى نلمح على وجه القارئ امارات الاعتراض، مع ما قد يمتزج بها من اسارير الامتعاض ! ويخيل الينا ان لسان حال القارئ يقول : يا عجبا ما هذا الذي تضعونه على قدم المساواة مع (اللعب) و (الضحك) ! ومتى كان الحب بهجة من مباهج الحياة الدنيا وهو الذي طالما اقترن عند المحبين والعشاق والشعراء بمعاني الالم والمعاناة والعذاب ؟

 

ألا تحفل تجارب اهل الحب باحاسيس الشقاء والشجن ؟ أليست خبرة الحب هي الشحنات العاطفية التي تنطوي عليها هذه الخبرة والتي لا تتطابق تماما مع انفعالات الغبطة والسرور – – – ان لم نقل بان (السعادة) نفسها امر ثانوي في الحب ؟ واذن ففيم الحرص على ادخال (الحب) ضمن مباهج الحياة، وكأن السعادة هي الخيط الذهبي الذي يكوّن نسيج الحب الاصلي ؟

 

نحن نبادر فنطمئن القارئ الى اننا اعرف الناس بما في الحب من تناقض عاطفي ! فاننا لنعلم حق العلم ان خبرة الحب مزيج من اللذة والألم، او من النشوة والعذاب، ان لم نقل من السعادة او الشقاء ! ولكننا ندرك في الوقت نفسه انه اذا كانت خبرة الحب من اكثر خبرات البشر قيمة وخصوبة وثراء فما ذلك الاّ لانها خبرة مشاعر عميقة تشتمل على مضمون روحي باطني

 

الواقع انه ليس من شأن الحب ان يمد جذوره في الينابيع الروحية لحياتنا الشخصية فحسب، بل ان من شأنه ايضا ان يرقي بهذه الينابيع الدفينة الى مستوى الوعي والشعور، لكي يسلط عليها الكثير من الاضواء الوجدانية الساطعة ! وربما كان اعجب ما في الحب انه حين يحقق (التلاقي) بين (الأنا) و (الأنت) فانه يطوي كلا من (المحب) و (المحبوب) في عالم سحري عامر بالسكينة والغبطة والنشوة الروحية – – – وبهذا المعنى قد يكون في وسعنا ان نقول ان بهجة الحب ما هي الا تجربة مشتركة يتحقق عن طريقها تفتح الذات للذات وتواصل (الأنا) مع (الأنت) وانبثاق ذات جديدة من هذا التلاقي نفسه، الا وهي ال (نحن) !

•        مقتبس من كتاب فلسفة مشكلة الحياة، د. زكريا ابراهيم، جامعة القاهرة 

 د. رضا العطار

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here