صوت الحق وصوت الباطل :

بقلم ( كامل سلمان )

يمكنني تحسس صوت الحق كالموسيقى الهادئة التي تطرب السمع وتهدىء الاعصاب وتدخلني في عالم الذوق والجمال . ويمكنني تحسس صوت الباطل كنهيق الحمير ونباح الكلاب تسلب الراحة مني والامان وتخلق لي مزاج متوتر . .. هذا التشابه مؤلم فالأصوات النكره تعلو في ضجيجها وتظن انها امتعت سامعيها ، وضجيج الاصوات النكره في كل مكان وزمان لها نفس الخصائص ونفس الطبائع ، اما في عالم الموسيقى عالم الورود فأن الحواس كلها تستمتع لشيء جديد مع يوم جديد وجمالية جديدة .
قال لي احدهم ، لسنين طوال كنت امتدح هذا وذاك واشتم هذا وذاك وابالغ في مدحي لمن احب واقسو في كلامي على من اكره ، ولم اكن ادري بأنه سيأتي اليوم الذي العن فيه هذه السنين التي كنت فيها مجرد كلب ينبح او حمار ينهق ، وياليتني ان ابدأ بسرعة لتعويض تلك الايام والسنين كي اقلب الطاولة .. فضحكت من كلامه وقلت له انك لم تتغير عما كنت فمازالت اخلاقياتك تحمل نفس البذور السيئة ، ياحبيبي الخلق الحسن في النطق وفي الكتابة والتواضع والواقعية والصدق والشعور بهموم الاخرين هذه لا تتكون صدفة ، هذه امور تربوية فكرية تحتاج تنميتها الى جهد كبير ، فأنك لم تكن تهتم لهذه الخصال مجرد ان تكتب تهجما او مدحا لطرف على حساب طرف وكل ماكنت تحتاجه ترتيب الجمل والكلمات بمزاجيتك وكنت تظن بإن لك متابعين واحباب ومعجبين ، فأنا ابشرك لم يكن احد يعير لك الاهتمام لك ولكتاباتك سوى شرذمة من الفارغين ، اما انك تود الدخول الى عالم الجمال بنفس قباحتك القديمة فلن تجد من يعير لك الاهتمام ولن تحصل على موطىء قدم فيها ، فهي فعلا البقعة المباركة التي تنير العقول ، عالم الثقافة هو عالم الحس والجمال كتابها يمتازون بالاناقة واللياقة الاخلاقية التي يفتقر اليها من ينبح بكتاباته .
هم كثيرون اؤلئك الذين يكتبون دون دراية ودون احساس فهم يعيشون في عالم الوهم وعالم الخديعة ويظنون انهم مفكرون وكتاب ، فالثقافة كلام ينبع من القلب ومن الضمير ويصل الى القلوب والى الضمائر كالمطر تحيا به الارض ولا مقارنة بين هذا وذاك .
شتان بين من يكتب ليستفرغ همومه وبين من يكتب ليستفرغ سمومه . كلمة الحق تخرج على الورق وهي ممزوجة بالهموم والالام وهي كلمة ناطقة بصوت خفي تلين لها المشاعر وكلمة الباطل تخرج على الورق كالقيح تلوث الورق قبل ان تلوث القارىء وهي كلمة صامتة خرساء تبحث عن من يأويها .
صوت الحق لا يحمل في طياته الحقد والكراهية فهو صوت نافع يخدم الإنسان وحاجته الى الامان والى النور والى البناء ولا يمكن الاستغناء عنه مهما ادلهمت الظلمات وناطقيها يمتازون بوضوح الرؤية ووضوح القصد ، يحبون الخير متفائلين ، ينظرون للحياة من زاوية صحيحة ، حروف كلماتهم ناطقة بالصدق . اقترابك منهم ارتواء لعطش المعرفة والثقافة ، فهم النكهة والطعم وهم دائما القلة القليلة …….
تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here