ديمقراطيتنا و شريعة الغاب

ديمقراطيتنا و شريعة الغاب :
بقلم ( كامل سلمان )
اصبحت الديمقراطية عندنا لها خصوصية فريدة من نوعها و شرائعنا و تشريعاتنا و تصريحات مسؤولينا كلها تدل على انفلات العقل العراقي وخروجه عن السكة .
البرلمان يتخذ قرارات من اختصاص مجلس القضاء ، المحكمة الاتحادية تتخذ قرارات من اختصاص مجلس الوزراء ، رئيس كتلة يتخذ قرارا من اختصاص مجلس النواب ، المحكمة الاتحادية تستطيع ان تقرر بجلسة بسيطة الغاء وجود اقليم كوردستان وقرارات برلمانها ، الجميع يتهم الجميع بالسرقة ولكن الجميع آمنون من العقاب .. اية ديمقراطية هذه واية قرارات وتشريعات . من اعطى الصلاحية لمجلس النواب ان يمنع سفر وزير المالية الى الخارج ؟ من اعطى الصلاحية للمحكمة الاتحادية ان تلغي قرارات حكومة وبرلمان كوردستان ؟ من هي الجهة التي خفضت قيمة الدينار العراقي ومن هي الجهة التي تريد اعادته ومن الذي قدم هذا الاقتراح ؟ بناءا على ماذا ؟ من وضع دستور العراق ؟ كيف ان دستور بلد ليس فيه مخارج وليس مخرج واحد للأزمات السياسية والخلافات الدستورية ؟ هل مسؤولي هذا البلد واحزابها وكتلها يعيشون حالة السكارى بحيث لا يدركون هذه التخبطات ؟ انا لا استغرب من ذلك في بلد ممكن فيه ان يكون كل شيء ممكن ، صاحب بسطية ممكن ان يعمل صاحب صيدلية ، او مشعوذ له صلاحية طبيب ، او دجال يستحوذ على محطة بث فضائية او شيخ عشيرة مشرع قوانين ، او كاتب عرائض خارج الدائرة يملك اختام مدير الدائرة وبتخويل كامل الصلاحية . او قائد ميليشياوي يمتلك صلاحيات القوة التنفيذية ، او شاعر شعبي يصرح تصريحات من اختصاص رئيس الدولة و يمنع ظواهر مجتمعية او غيرها . كل شيء ممكن ، البلد يتجه للمجهول بسرعة فائقة ، اشبه ما يكون بقطار يسير بسرعة عالية وبدون مكابح وربانها في سبات عميق وحملها ثقيل ، والمصير مجهول … ولأجل ان تكتمل ملامح شريعتنا وديمقراطيتنا الخاصة جدا ، المطلوب ان تصبح قوانين وسنن العشائر هي البديل عن الدستور الحالي ، وأظنها ستكون كفيلة بحل جميع المشاكل والاشكاليات لإن عقلية قادتنا غير قادرة ان تستوعب شيء اكبر من ذلك وعلى ان يتحمل رئيس البرلمان مسؤوليات رئيس الوزراء ورئيس الجمهورية والعكس صحيح حسب العرف العشائري ويستطيع اي وزير ان يصرح نيابة عن وزارة اخرى غير وزارته … وموظف في الجمارك يعطي بيان اسبوعي مقتضب عن تطور فايروس كرونا ، وبناءا على ذلك وبناءا على كل ما هو غير طبيعي لا نستبعد ان يطالب اتحاد الكرة باعادة النظر بقانون التقاعد ، سفير دولة اجنبية يلتقي رؤساء كتل ورؤساء احزاب وزعماء مليشيات ومسؤولي الدولة في اشارة الى ان كل هؤلاء هم اصحاب قرار ، هكذا يعيش بلد اسمه العراق وسط المجتمع الدولي في عصر التطور التكنلوجي العلمي .
ما هكذا تدار الاوطان ياسادة يا كرام بل هكذا تدمر الاوطان . سارعو الى مغفرة من ربكم ومن شعبكم ، فقد اصبح فشلكم ذا رائحة كريهة تزكم الانوف ولم تعد تطيقها حتى دول الجوار التي كانت متعتها التدخل في شؤون العراق . هذه هي ديمقراطية الغاب وشريعة الغاب ، القوي فيها عزيز والضعيف فيها مهان ، الألسن تنطق متصارعة في الفضائيات والافعال راكدة على الارض ولا تحرك ساكنا ، الكل يقترح الحلول والكل لا يملك الحلول لإنهم تعودوا الحلول بالعنف والقوة ، واليوم اصبحوا مجبرين ان يجدوا الحلول بالمنطق وبما انهم يفتقدون للمنطق اصبحوا في حيرة من امرهم ! !! بالنهاية سيحتاجون الى استشارات اجنبية كعادتهم ، فهم ليسوا برجال دولة ولن يكونوا ابدا .

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here