مقارنة بين الكائنات الحية :

بقلم ( كامل سلمان )

ننظر الى عالم الحيوان باستغراب ، القوي يأكل الضعيف ، صراع من اجل البقاء ، افتراس ودم بلا رحمة ، من يسقط يترك وحيدا او يؤكل ، لا يوجد رادع قانوني او اخلاقي او ديني ، عالم تحكمه القوة والشراسة فقط ، ورغم كل ذلك احتفظت جميع الحيوانات بوجودها وتناسلها وتكاثرها بعد ملايين السنين من الصراعات المصيرية ، بل الاغرب من ذلك ان الحيوانات الاقوى افتراسا هي التي انحسر تكاثرها وبعض منها تعرضت للانقراض او على وشك الانقراض مع العلم الصراعات لم تحصل بين النوع الواحد وانما بين الانواع المختلفة من الحيوانات اما بين افراد النوع الواحد تجد المحبة والألفة والتعاون والمساندة ، فعلا عالم غريب … وننظر الى عالم الإنسان عالم اغرب من عالم الحيوان لإنه عالم النوع الواحد وياليته لم يكن نوعا واحدا ..
أتألم عندما ارى الغني يحتقر الفقير وأتألم عندما ارى المتعلم يستصغر الجاهل وأتألم عندما ارى القوي يستهزأ بالضعيف وسبب ألمي لإنه ليس من الصحيح ان يحصل هذا في عالم النوع الواحد ( عالم الأنس ) نعم تجد ذلك في عالم الأنس تجد من يتضور جوعا وأخر متخوم البطن لا يبالي ، تجد من يصرخ الما وأخر يسعده ذاك الصراخ . في اللسان تجد الدين وتجد الاخلاق والإنسانية والرحمة وتجد معتقدات وديانات متنوعة تهيمن على العقول وتستطيع هذه المعتقدات المتنوعة ان تخلق تنوع بشري لا يختلف عن التنوع الحيواني في الافتراس والدموية ، فلا نفرح نحن البشر بإننا لسنا متنوعين كالحيوانات بل نحن اكثر تنوعا واكثر دموية بسبب تنوع واختلاف الديانات والمعتقدات والتوجهات وهذه اسباب رئيسية عند بعض الاقوام لينهش ويبيد بعضهم بعضا …يكفي ان يوجد في مجتمع ما معتقد واحد بأفكار مختلفة من ان يجعل المجتمع غابة ذات صراعات دموية أسوأ من اي صراع حيواني . تنوع الشكل وراء الكثير من المشاكل التي صاحبت حياة الإنسان ، تنوع اللسان مشكلة اخرى ، تنوع الاصل والمنشأ كلها مشاكل اتعبت الإنسان واستهلكت قدراته.
ففي الوقت الذي نرى فيه سيادة الإنسان على هذا الكوكب بسبب علو كعبه وقدرته العقلية نرى في نفس الوقت هذا العقل الذي اعطى للإنسان الفارق الكبير عن باقي الكائنات هو سبب الالامه ومآسيه وقد يكون في يوم من الايام هذا العقل سبب انقراض الإنسان والكائنات معا .
الإنسان في اي مجتمع يعرف ما تسببه له الاختلافات الفكرية المتناقضة من مآسي فمنهم من سعى الى ايجاد الحلول وافلح في مسعاه ومنهم من تمادى واصر في فرض فكر او معتقد على معتقد اخر و يستمر في عناده لعله في النهاية يحقق مبتغاه غير مبالي لحجم الدمار والخسائر التي تلحق بالمجتمع وقد يحقق ذلك على حساب الدماء المهدورة لفترة وجيزة ثم يعود ليدفع فاتورة عناده وهذا حال المجتمعات المتجاهلة للحقائق .
اي مكسب يتحقق على حساب دماء الابرياء ليس بمكسب او انتصار مهما خدعته النتائج الآنية لإن النتائج على المدى البعيد تكون عكسية ، فلماذا لا يكون الانسان واقعي في سلوكه يتقبل الحقائق بدون عناد واصرار . انها مشكلة الإنسان منذ القدم وتكاد تكون عملية اذلال الطرف الاخر سنة حسنة استساغها لنفسه دون مراعاة لقيم الإنسان ومنزلته العليا بين الكائنات .
نحن بنو البشر ارقى المخلوقات ونحن سر الحياة ولا مقارنة بنا مع اي كائن حي هذه عندما تكون ارادة الخير هي من تقودنا ، ونحن بنو البشر ارذل المخلوقات ونحن سر مآسي الحياة عندما تكون ارادة الشر هي من تقودنا .
وكلاهما الخير والشر يسعيان لقيادتنا ولكن السر يكمن فينا نحن ، هل ان رغبتنا بالانقياد لقوى الشر او قوى الخير ، فمنا من يرغب هذا ومنا من يرغب ذاك ، وجميع الافكار والمعتقدات والاحزاب والتجمعات تكون بالنهاية خاضعة لواحدة من هذه القوى ، وما يثير الاستغراب وما يخالف العقل والفطرة ويخالف كل قوانين الكون ، كيف يستطيع من يسخر الناس لإرادته وقيادته وليس من وراءه اي منفعة فقط مضرة وهلاك للنفس وللناس بل وينتزع منهم كل صفات البشر ويقنعهم بإنهم خير البشر عندما يتبعوه ؟ فلو سمعت الكائنات الحية الاخرى بذلك لافتخرت بإن عقولها لم ترتقي لتكون بشرا ولأصابها الخجل من تحكم البشر بها.
وللأسف هذا الشيء موجود وبكثرة بل و اصبح الاكثر شيوعا في المجتمعات في ظاهرة عكسية لميزان الطبيعة ومثل هؤلاء الاذلاء الذين ينقادون كالكلاب لغيرهم يشعرون بنشوة العبودية ، ولم اكن اعلم ان للعبودية نشوة ورغبة جامحة عند بعض الناس تفوق ماعند الكلاب وتزداد اعدادهم وتنافسهم فيما بينهم ، ولا ادري ماذا تركوا للكلاب ؟ فعندما نقارن الإنسان بالكائنات الاخرى علينا عدم التسرع في نسب الافضلية للإنسان الا بعد ان نفرز الاغلبية كي نكون منصفين مع العباد !
تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here