الحب، اجمل ما فيه، هو لذة العطاء

الحب، اجمل ما فيه، هو لذة العطاء (*) د. رضا العطار

كثيرين من علماء النفس يذهبون الى ان الحب هو – وحده – الجواب السليم على مشكلة الوجود البشري. ولو اننا فهمنا (الحب) على انه اهتمام بحياة الاخرين وشعورنا اننا جزء من كل، نسهم بنصيبنا في العمل من اجل رفاهية البشرية، لكان في وسعنا ان نقول ان (الحب) هو (المعنى) الحقيقي للوجود الانساني باسره. وما كانت الجريمة والانحراف والانتحار والدعارة تجد الارض الخصبة لأنتشارها، والادمان على الخمور وتعاطي المخدرات عادات وامراض نفسية واجتماعية، هي الاخرى صورا مختلفة من صور (الفشل) وان جميعها مظاهر متنوعة لعجز الانسان عن الحب وافتقاره الى الشعور بالاخوة الصادقة وقصوره عن الاهتمام بالاخرين.

فالانسان الذي يخلع على حياته معنى ذاتيا صرفا دون ان يتمكن من تحقيق اي تآزر بينه وبين الغير بل دون ان ينجح في التعاون مع الاخرين من اجل العمل على اسعاد غيره من بني الانسان لا بد من ان يجد نفسه في خاتمة المطاف نهبا لاحاسيس القلق والغربة والضياع. وربما كان اخطر ما يمكن ان يمنى به الانسان هو ان يشعر بان احدا لا يريده او يتصور انه (مخلوق تافه) لا يلتفت اليه احد ! وان الوجود البشري يثقل عليه وانه لا يطيقه، حينها يشعر بانه (وحيد) لا يتجاوب معه احد ولا يجمعه اي رابط بالمجتمع !

الحب هو وحده الذي يحررنا من سجن الفردية، الحب هو الذي يشيع في نفوسنا الرغبة الجامحة الى تحطيم اسوار الوحدة والعزلة والانفصال عن المجتمع. وليس (الجنون)

Insanity سوى العجز المطلق عن الخروج من عالم الذات و التغلب على الانفصال الروحي الأليم – – – انه من المؤكد ان الحب هو السلوك الامثل لمواجهة مشكلة العزلة والانفصال، وآية ذلك ان الحب نشاط ابداعي تتجلى فيه قدرة الانسان على ممارسة ما لديه من قوة بشرية واستخدام ما يتمتع به من حرية – – – والحب – في اصله – عطاء، لا أخذ، الحب في جوهره فعل، لا انفعال، وانت حين تعطي، فانك تقدم الدليل على قوتك ومقدرتك وثرائك وخصوبتك – وانت حينما تجد ما لديك من وفرة وحيوية، فانك تستشعر عندئذ ما لديك من مقدرة و طاقة ابداعية.

وعلى حين ان الضعفاء يتوهمون ان في العطاء فقرا او فقدانا او ضياعا، نجد ان الاقوياء يعرفون ان في العطاء غنى وثراء وتزايدا ! – – – والحب يعلم انه – بحكم طابعه الانتاجي – لا يملك سوى ان يفيض ويسخو ويمنح ويهب، فليس بدعا ان نراه يجد لذة كبرى في ممارسة نشاطه الحيوي الذي يملي عليه (العطاء) بغير حساب ! وانت حين تجد متعة اكبر في العطاء (لا الاخذ) فانك ستكون قد ادركت ان العطاء لا يعني الحرمان او الفقدان بل هو يعني الفيض و السخاء. وليس السخاء سوى التغيير الحقيقي عن حيوية الموجود البشري ! الحق ان الحب يعطي من ذات نفسه لانه يعلم انه ليس اجمل في الحياة من ان يهب المرء ذاته للاخرين.

* مقتبس من كتاب فلسفة الحياة د. زكريا ابراهيم – جامعة القاهرة

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here