قطارات العراق مشرّعة على التجاوزات

بغداد.. زيد سالم

رحلات القطارات تتعرض لتجاوزات (حيدر كارالب/ الأناضول)

يواجه سائقو القطارات في العراق مجموعة من التحديات الصعبة في عملهم. فإلى جانب تهالك خطوط السكك الحديدية التي لم تشهد أي تطوير أو إصلاحات كبيرة منذ عقود بسبب الأزمات الأمنية والسياسية، تتعرض رحلات القطارات الحالية لتجاوزات ومضايقات عدة خصوصاً لدى مرورها داخل المدن، وبينها اصطفاف سيارات على الخطوط أو على مساحات قريبة منها قد تتواجد فيها مساكن ومحال تجارية وأكشاك أيضاً، ما يجبر سائقي القطارات أحياناً على التوقف لساعات، أو الاصطدام لاستكمال مساراتهم.
وفي الأشهر الماضية، نشر ناشطون وصحافيون مقاطع مصوّرة كثيرة أظهرت اصطدام قطارات بعجلات وأكشاك، وأشار مسؤولون إلى سقوط ضحايا أحياناً، فيما واجه السائقون مشاكل اجتماعية بسبب رفضهم التجاوزات على خطوط السكك الحديدية، ودخولهم في مشادات كلامية ومشاجرات تطوّر بعضها إلى مشكلات عشائرية، بحسب ما كشفه بعضهم في تعليقات على مواقع التواصل الاجتماعي، أو في شكاوى رسمية قدموها إلى المديرين.
واللافت أن تاريخ إنشاء السكك الحديدية في العراق يعود إلى مطلع القرن العشرين، ما يجعله بين أوائل دول الشرق الأوسط التي استخدمت القطارات لنقل المسافرين والبضائع بين المحافظات. وغطت خطوط النقل خلال فترات محددة مساحة أكثر من ألفي كيلومتر في الشمال والجنوب والغرب، لكن حدود عملها تراجعت مع خروج خطوط عن العمل بسبب الإهمال الذي أعقب الغزو الأميركي عام 2003.

يقول محمد حسين العزاوي الذي يعمل فنياً في مصلحة القطارات، وتحديداً على الخط الذي يربط بين بغداد والبصرة: “تلحق التجاوزات الكثيرة أضراراً بالقطارات، وبينها رمي مواطنين أطفال وبالغين معاً حجارة لدى مرور القطارات في بعض مناطق الجنوب، ما يتسبب في كسر زجاج ومصابيح الإنارة، والاصطدام بسيارات ومواشٍ، وحتى باعة متجولين. كما تحوّلت أراضٍ قريبة من خطوط القطارات إلى أماكن لبيع بضائع مستعملة ومواشٍ، والتي يبتعد أصحابها كلما مرت عربات القطار في طريقهم ليعودوا لاحقاً إلى مواقعهم مجدداً”.
يضيف: “يتسبب الازدحام المروري للسيارات بحوادث اصطدام أو توقيف قطارات. وقد يحاول باعة متجولون في الشوارع الصعود إلى القطارات لبيع مياه أو عصائر. كما يتعدى مسافرون أحياناً على محتوياتها عبر تكسير مقاعد والتشاجر مع سائقيها الذين يطالبونهم بالنزول قبل المحطات أو بعدها”.
من جهته، يشير سائق القطار في محطة قطار الناصرية (جنوب) عبد الله رشيد، في حديثه لـ”العربي الجديد”، إلى أن “القطارات تصطدم عادة بأكشاك تتعدى على خطوط السكك الحديدية، وسيارات وقطعان مواشٍ، ما يُعرّض العاملين في القطارات لمساءلة عشائرية. وحصلت أكثر من جلسة عشائرية دفع فيها العاملون في القطار غرامات للمتجاوزين تُعرف باسم الفصل العشائري”.

تراخي السلطات مع المخالفات يزيد الحوادث (حيدر كارالب/ الأناضول)

تراخي السلطات مع المخالفات يزيد الحوادث (حيدر كارالب/ الأناضول)

ويوضح أن “المواطنين يستمرون في ارتكاب تجاوزات رغم أن قوات الأمن شرعت في إزالتها خلال الأشهر الماضية. فالمتجاوزين يعودون بسرعة إلى خرق القانون. كما يستهدف أطفال القطارات بحجارة، ما يتسبب في أضرار كبيرة، ويصيب مسافرين بجروح”.
ويخبر مدير الشركة العامة للسكك الحديدية طالب جواد الحسيني “العربي الجديد” أن “الشركة شكلت لجاناً متخصصة عدة كلفتها مهمة رفع التجاوزات بالتعاون مع قوات الأمن، خصوصاً شرطة السكك الحديدية. ونجحت فعلاً في رفع تجاوزات كثيرة تعيق سير القطارات، ووجهت إنذارات إلى بعض المعتدين الذين يتراخون أحياناً في الاستجابة للقانون، ما يتسبب في حوادث سير بين القطارات والعجلات المركونة في محاذاة خطوط”.
ويلفت إلى أن “الشركة اتخذت أيضاً إجراءات قانونية عدة في حق المتجاوزين على المناطق المحظورة، لا سيما تلك القريبة جداً من خطوط السكك الحديدية، من أجل ضمان سلامة المسافرين وحتى المتجاوزين أنفسهم. لكن ذلك لم يمنع حصول أكثر من حادث خطير، وتحديداً احتراق سيارات، وتضرر أحواض للوقود في القطارات”.

وتدأب وزارة النقل على إنذار المعتدين على الأراضي التابعة لخطوط السكك الحديدة، في وقت تسعى عبر عناصر الأمن إلى إبعاد الباعة المتجولين الذين يعملون قرب خطوط مرور القطارات، تمهيداً للحد من وقوع الحوادث، لا سيما في القطارات التي تنقل الوقود والنفط.
ويؤكد المسؤول في وزارة النقل علي الخفاجي، في حديثه لـ”العربي الجديد، أن “الوزارة تعمل منذ فترة لرفع التجاوزات وتوجيه إنذارات إلى أصحاب المنازل المشيّدة قرب خطوط النقل، علماً أن أكثر الحوادث تقع في محافظتي ذي قار وواسط، وتلحق عادة أضراراً في القطارات، وتهشّم سيارات تعترض الطريق”.
يتابع: “يحتاج العاملون على الخطوط إلى اهتمام أكبر من قبل الحكومة، لأن بعضهم يواجهون حالياً مشاكل اجتماعية وعشائرية بسبب حوادث تعرضوا لها من متجاوزين. وتجب تقويتهم ودعمهم لفرض القانون ضمن محيط المدن التي تمر فيها القطارات. وقد كلفت الوزارة فرقاً هندسية وفنية وتشغيلية تابعة لدائرة السكك الحديدية في الناصرية القيام بحملة مكثفة، لتوجيه إنذارات فورية لجميع المعتدين على الخطوط”.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
,
Read our Privacy Policy by clicking here