اشارات الشهيد السيد محمد محمد صادق عن القرآن الكريم من سورة البقرة (ح 16)

اشارات الشهيد السيد محمد محمد صادق عن القرآن الكريم من سورة البقرة (ح 16)

الدكتور فاضل حسن شريف

سورة البقرة اية 249 جاء في منتدى جامع الائمة في خطب الجمعة للسيد محمد محمد صادق الصدر قدس سره: قال الله تعالى “فَلَمَّا فَصَلَ طَالُوتُ بِالْجُنُودِ قَالَ إِنَّ اللَّهَ مُبْتَلِيكُمْ بِنَهَرٍ فَمَنْ شَرِبَ مِنْهُ فَلَيْسَ مِنِّي وَمَنْ لَمْ يَطْعَمْهُ فَإِنَّهُ مِنِّي إِلَّا مَنِ اغْتَرَفَ غُرْفَةً بِيَدِهِ فَشَرِبُوا مِنْهُ إِلَّا قَلِيلًا مِنْهُمْ فَلَمَّا جَاوَزَهُ هُوَ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ قَالُوا لَا طَاقَةَ لَنَا الْيَوْمَ بِجَالُوتَ وَجُنُودِهِ قَالَ الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلَاقُو اللَّهِ كَمْ مِنْ فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللَّهِ وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ” (البقرة 249) لا شك ان افضل ما تفعله اية دولة الى مجتمعها وشعبها هو اعطاء الحرية للتصرف والقيام بشعائرها الدينية والتنفيس عن قناعاتها النفسية والعقلية بالشكل الذي لا يضر الدولة اصلا ولا يمت الى سياستها وكيانها باية صلة بل ان ذلك سيكون اكيدا في نفع الدولة، اية دولة ، وسيكون سببا لمحبة الشعب للدولة ووثاقتهم بها والتفافهم حولها لما يرون من انها متفضلة عليهم بالحرية والفرص المتكافئة للشعائر الدينية مضافا الى الامور الدنيوية والاقتصادية. واذا قامت الدولة بذلك كانت بلا شك اقرب إلى محبة الناس واطمئنانهم لما يشعرون من فضلها عليهم والتفاتها اليهم بخلاف العكس بطبيعة الحال.

اننا الان في نظرهم في ظروف الحصار الاستعماري الاقتصادي الغاشم، إذن يكون من الراجح ان نواجه الاستعمار وان نتشجع ضده وان نقوم بكل عمل لا يرتاح اليه ولا يحبه بما في ذلك الشعائر الدينية عموما والسير الى كربلاء المقدسة خصوصا. اذن فهذه الشعيرة المقدسة ستكون الى جنب الثائرين ضد الاستعمار والمستنكرين للحصار وخطوة جيدة تدريجية يمكن ان تكون تدريجا مفتاحا لفك الحصار والضغط الشعبي على الاستعمار كما قيل هنا من ان ظرف الحصار لا يناسب قبول السير الى كربلاء المقدسة لا يكون امرا مقبولا بطبيعة الحال بل الامر بالعكس بطبيعة الحال ولا يحتاج ذلك الا الى التفاتة بسيطة الى واقع الحال الاجتماعي الذي نعيشه.

إن المفروض ان الشعب والدولة معا ضد الاستعمار وفي مواجهة التحديات العالمية المعادية ومن هنا جاز لكل من الدولة والشعب معا ان يعمل ما يراه مناسبا في هذا الصدد لمضادة الاستعمار والنيل منه وإبعاد شبحه المشؤوم وبذلك يكون الشعب والدولة يدا واحدة ضد من يريد النيل من بلاد الإسلام ومن المجتمع الاسلامي فاذا علمنا ان السير الى الحسين عليه السلام كما هو واضح هو كشف للاستعمار ومراغمة له إذن فستكون كل الأعمال لو تمت هذه المناسبة الشريفة سائرة في هذا الصدد وسيكون الشعب والدولة يدا واحدة بهذا الاتجاه بضرب الاستعمار الغاشم بيد من حديد.

ان شعائر الله سبحانه وتأييد الدين من المتوقع جدا بكل وضوح ان يكون ضمن الحملة الايمانية التي تتبناها الدولة منذ سنين فان المفروض بهذه الحملة ان تدعو الى الايمان لانها ايمانية والى تأييد الشعائر وتكثير الطاعات وتقليل المعاصي وجعل العقوبات المشددة على المنكرات كالحانات والملاهي والمراقص وعلى أي حال فالسير إلى زيارة كربلاء المقدسة هو من جملة الإيمان الذي يقع مصداقا وتطبيقا للحملة الايمانية والمتوقع ممن يدعو إليها ويتمسك بها ان يمشى بهذا الاتجاه الى نهاية الطريق ولا ينبغي الشعور من قبلهم بوجود ايةِ منافاة او تعارض بين الطريقين او الأسلوبين كما نحس به الان.

انه بفضل الله وحسن توفيقه انه بالرغم من ان السير لم يتم بالشكل الموسع الذي تمنيناه له الا انه أثمر ثمرة طيبة وانتج نتائجه الحسنة في سبيل الله سبحانه ونصرة دينه والمذهب من حيث انه اظهر تكاتف الشعب العراقي كله وخاصة في الوسط والجنوب على العمل في سبيل الله والتضحية في سبيل الدين والتعب في سبيل الاشادة بشريعة سيد المرسلين وبدم الحسين المقدس الذي اهريق ظلما في كربلاء المقدسة فان السير الطويل لعدة أيام في البراري والقفار مع عدم توفر الاقل المجزي من وسائل العيش إنما هو لمعة مضيئة في جبين المؤمنين الذين أدوا ما عليهم ولم يقصروا في هذا الطريق جزاهم الله خيرا بحيث رأينا الكثير منهم حين وصلوا الى النجف لم يكن لديهم اية قدرة على شراء الطعام او النزول ليلة واحدة في فندق وهذا امر مجيد وحميد كما قال الشاعر: هكذا هكذا والا فلا لا ليس كل الرجال تدعى رجالا.

أنهم لم يتحملوا الصعوبة المعيشية فقط في هذا السفر المقدس بل تحملوا الصعوبة النفسية ومشقة الخوف والإزعاج في هذا الصدد ولا اريد هنا ان اذكر شيئا الا ان لنا اسوة في ذلك بقادتنا المعصومين عليهم السلام كما قال في الدعاء او الزيارة : (السلام على الأئمة الراشدين السلام على الانبياء والمرسلين السلام على الأئمة المستودعين السلام على خاصة الله من خلقه السلام على المتوسمين السلام على المؤمنين الذين قاموا بأمره و وازروا أولياء الله وخافوا بخوفهم السلام على الملائكة المقربين السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here