لجودتهم ودقة عملهم.. العمّالة السوريون يسحبون بساط البناء من العراقيين

يغادر عماد (33) عاماً لجمع عدته الخاصة بالبناء مضطراً، تلبية لطلب صاحب المنزل الذي يعمل عماد وفريقه من (العمّالة) منذ ما يزيد على الشهر على دق أساساته وفقاً لخريطة البناء التي اختارها صاحب المنزل حيث عمد الأخير الى الاتفاق مع عمال بناء من الوافدين الذين يحملون الجنسية السورية الأمر الذي لم يترك لعماد فرصة استكمال ما بدء به، وفق ما يوضحه عامل البناء المحلي.

عماد وفي حديثه  يقول إن “فرص عمله بدأت تقل في الآونة الأخيرة بعدما زاحمت العمالة السورية عمال البناء العراقيين الذين بالكاد يحصلون على فرصهم التي تؤمن قوت يومهم”.

عمال البناء أو مايعرف محلياً بـ”العمّالة” مهنة تعد من أصعب المهن في العراق، وأقلها أجراً، لا تحتاج سوى إلى ملابس “شبه ممزقة ومتهرئة” وأن تصحو مبكراً وتحمل بيدك معاول أو تعمل ضمن فريق من نظرائك بقيادة “الخَلفَة”- الأسطى-، مهنة لا تنافس الا نفسها ولكن، حتى هؤلاء العمال وجدوا من ينافسهم في بلدهم وهم السوريون الذين استقطبوا إليهم أصحاب المنازل قيد الإنشاء أجوراً وعملاً، ليكون العامل العراقي متفرجاً كعادته، على ما يجري، وينتظر فرصة تأتي إليه مع كل سيارة تفتح بابها بالقرب منهم، عسى أن تفتح له باب دخله اليومي، يسد به قوته او قوت عائلته.

من جهته يشكو محمد (35) عاماً  حال عمال البناء المحليين في البلاد بقوله إن “عمال بناء العراقيين يفترشون أرصفة الشوارع القريبة من التقاطعات الرئيسة في المناطق الشعبية في بغداد وباقي المحافظات، وكثيراً ما يفشلون في الحصول على فرصة عمل إذا لم يلتحقوا بتلك المساطر مع ساعات الفجر الاولى حيث تزدهر بورصة عمال البناء والهدم ورفع الانقاض بأدواتهم البسيطة التي يستعملونها وهي (المعول، والمطرقة، وعربة نقل الأنقاض، والحبال، فضلاً عن شاقول أو شاهول بناء)،

ويضيف محمد أن “طبيعة عملنا ليست فيها قواعد وإنما نتجمع حول أي وافد يقتحم أرصفتنا بحثا عن عمال ليحظى من يختاره بقوت يومه، وتتراوح اجرة العامل 25-30 الف والخلفة (رئيس العمال)، فيصل اجره الى (75) ألف دينار، فيما من لا يتم اختياره فقد يعود الى منزله خالي الوفاض وينتهي يومه بلا أجر مادي، كما أن هناك من يأتي من مناطق بعيدة للعمل هنا سواء من محافظات جنوبية أو غيرها ويسكنون في فنادق بالقرب من مراكز عملهم في منطقة الباب الشرقي ومدينة الصدر وغيرها من المناطق”.

ويحدد علي (29) عاماً، في حديث  احدى الحالات التي يعاني منها عمال البناء قائلاً إن “عمال البناء المحليين ليس لديهم رواتب تقاعدية فتجد الشاب والمسن يعملون هنا ولكنهم، وفي حال تعرض أحدهم لأي حادث بسبب العمل، فإنه يتحمل لوحده المسؤولية كاملة من دون وجود جهة ترعاه او تحميه أو توفر لأسرته راتباً أو مساعدة لحين شفائه، ولهذا نشهد ان البعض يضغط على نفسه وبعضهم يتوفى بسبب تزايد آلام المرض أو كسور لم يشفى منها بعد بسبب حاجته المادية، فنحن مهملون ونحن مجرد رقم في تعداد الشعب العراقي”.

صيت والتزام ولمسة سورية

فتحت هذا الملف مع أصحاب منازل قيد الانشاء في بغداد أسباب تهافتهم على العمالة السورية إذ يقول ابو عبد الله (46) عاماً إن “من بين أهم الأسباب التي جعلتني أعقد اتفاقاً مع مجموعة من عمال تثبيت البلاط ( تطبيك الگاشي) هي جودة العمل ودقة مواعيدهم في التسليم، فضلاً عن استمرارهم بالعمل حتى ساعات المساء دون تململ أو كلل”.

ويجد أبو علي (60) عاماً فإن في حديثه إن “صيت العمالة السورية دفعه للاتفاق مع مجموعة من المتخصصين بعمل الديكورات الداخلية لمنزله كونه يرغب ان تكون البصمة السورية حاضرة في منزله رغم ارتفاع اجورهم”.

وبحسب الرجل الستيني، فأن “العامل السوري لا يتعامل بالاجرة اليومية وأنما يعقد اتفاقا اجماليا وفق مبلغ محدد واذا ما قسمنا المبلغ المافق عليه على ايام العمل سنجد انه أقل مما يتقاضاه العراقي”.

12 الف سوري يعملون في العراق

وبحسب مصادر معنية في وزارة الداخلية، فقد كشفت لوكالة شفق نيوز إن “ما يزيد عن( 8) الاف سوري موزعون على محافظات الوسط والجنوب واغلبهم من النازحين السوريين الذين يقطنون مخيمات النزوح في اقليم كوردستان، فيما يقيم قرابة 4 الاف سوري في بغداد وكربلاء والنجف والبصرة واغلبهم يعملون في المولات أو المطاعم أو المرافق السياحية”.

وأشارت إلى أن “سلطات الاقليم لاتمانع من مغادرة النازحين السوريين مخيمات النزوح باتجاه بغداد او المحافظات الاخرى، وهذا ما استدعى الوزارة لتشكيل فرق راجلة تنفذ إجراءاتها بحق الوافدين خارج الضوابط الاصولية عموما وبالنسبة للنازحين يبقى الامر رهن بالتفاهمات بين بغداد والاقليم ازاء ذلك”.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
, ,
Read our Privacy Policy by clicking here