اشارات الشهيد السيد محمد محمد صادق عن القرآن الكريم من سورة آل عمران (ح 22)

اشارات الشهيد السيد محمد محمد صادق عن القرآن الكريم من سورة آل عمران (ح 22)

الدكتور فاضل حسن شريف

جاء في كتاب الصلاة للسيد الشهيد محمد محمد صادق الصدر قدس سره: أشهد أن لا إله إلا الله: الشهادة هنا هي الإقرار والإعتراف والإذعان بالتوحيد، ولا أقلَّ من إبراز القناعة به، كما يبرز الشاهد قناعته بما يشهد به ويعبر عنه، وذلك من أجل صحته وكونه حقاً. ومن هنا قال سبحانه وتعالى: “شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلا هُوَ وَالْمَلائِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ قَائِماً بِالْقِسْطِ” (ال عمران 18). بمعنى أنَّ هذه الصفة هي الحقُّ المطابق للواقع.

وقولنا: لا إله إلا الله, هي صيغة التوحيد المتعارفة، وإن كان يوجد غيرها كقوله تعالى: “الله أَحَدٌ”. وقوله: “هُوَ الحَقُّ”. وغيرها. إلا أنَّ هذه الصيغة: لا إله إلا الله، تحتوي على نفيٍ وإثبات، فيكون مؤداه نفي الشريك، وهو معنىً ملازمٌ للتوحيد. غير أنَّ المنفيَّ هنا يختلف بالحيثية، من زاوية أنَّ لا النافية للجنس تحتاج هنا إلى خبرٍ مقدر، وأيَّ شيءٍ قدرناه فقد قصدناه، وكلُّ التقديرات يمكن أن تكون صحيحة، وإن كانت ساكتةً أو غير دالَّةٍ على كلِّ الجهات، كقولنا: لا إله موجودٌ إلا الله، ولا إله واجب الوجود إلا الله، ولا إله خالقٌ إلا الله، ولا إله معبودٌ إلا الله، ولا إله مستحقٌّ للعبادة بالحقِّ إلا الله، وهكذا.

وحسب فهمي فإنَّ الصيغة الأخرى الدالَّة على التوحيد، كالتي ذكرناها فيما سبق، هي أفضل من هذه الصيغة، لاحتواء هذه الصيغة على النفي واحتياجها إلى التقدير وإمكان تقديراتٍ مختلفة، وكلُّ ذلك غير موجودٍ في مثل قوله: الله أحد. فإن قيل: إنَّ قوله: الله أحد.. لاينفي الشريك، قلنا: بل ينفي الشريك، لأنَّ مقتضى الأحدية الإلهية هو الوحدانية المطلقة ونفي الشريك، كما ثبت في علم الكلام والفلسفة والعرفان. كلُّ ما في الأمر أنه غير مبيَّنٍ لفظياً بحيث يفهمه الغافل والجاهل. ومن هنا احتاجت الشريعة إلى لفظٍ واضحٍ في النفي، لأجل حفظ الظاهر، فقالوا: لا إله إلا الله. ولأجل ذلك بالذات، كان وجود هذه الصيغة في الأذان أولى من غيرها من صيغ التوحيد. واتضح أيضاً وجود عدة معانٍ لها، باعتبار إمكان تعدد التقديرات فيها، إذن، فتكرارها في الأذان، لا يعني أنها جاءت على معنىً واحدٍ من جميع الجهات, بل المعنى متعدد، ويمكن أن يختلف باختلاف القصد، كما قلنا في التكبير.

جاء في كتاب اضواء على ثورة الحسين لسماحة السيد الشهيد محمد محمد صادق الصدر قدس سره: لا شك أن التقية واجبة عندنا بنص القرآن الكريم والسنة الشريفة اجماع علمائنا: أما القرآن الكريم ففي أكثرمن آية واحدة كقوله تعالى “ِلَّا أَنْ تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقَاةً” (ال عمران 28). وأما السنة الشريفة فأكثر من نص كقوله عليه السلام: (التقية ديني ودين آبائي) . وقوله عليه السلام (لا دين لمن لا تقية له). وقوله عليه السلام (التقية درع المؤمن الحصينة). ويغر ذلك وأما الاجماع فهو واضح لمن استعرض فتاوى علمائنا، بل الحكم يعتبر من ضروريات المذهب.

إذن فالتقية واجبة. وهذا ما حدى بالمعصومين عليهم السلام جميعاً العمل بها إلا الحسين عليه السلام. فلماذا لم يعمل بها هذا الإمام الجليل. إذ من الواضح أن أحداً من المعصومين غيره لم يتحرك مثل حركته، بل كانت الثورات متعددة، والحروب في داخل البلاد الإسلامية وخارجها موجودة. وهم معرضون عنا لا يشاركون بأي شيء منها. حتى لو كان الثوار والمحاربون من أبناء عمومتهم كذرية الحسن أو الحسين الذين تحركوا خلال العهدين الأموي والعباسي بكثرة، عدّ منهم في مقاتل الطالبيين عشرات. الا أن المعصومين سلام الله عليهم.لم يكونوا من بينهم بأي حال من الأحوال بل كانوا يسلكون سلوكا مغايراً لذلك تماما عملاً بالتقية الواجبة التي يحسون بضرورتها التشريعية والواقعية عليهم سلام الله.لا يستثني من ذلك إلا واحد معين منهم هو الإمام الحسين عليه السلام في حركته العظيمة.

إن العمل بالتقية رخصة لا عزيمة. ومن هنا يمكن القول ان الإمام الحسين عليه السلام كان مخيراً يومئذ بين العمل بالتقية وبين تركها ولم يكن يحب العمل بالتقية في حقه. وما دام مخيراً فقد اختار الجانب الأفضل في نظره، وهو فعلاً الأفضل في الدنيا والأفضل في الأخرة، وهو نيله للشهادة بعد صموده ضد الانحراف والظلم والظلال. ومن هنا أيضاً كان عمل أصحاب الأئمة والمعصومين عموماً. مع العلم أنهم كانوا عارفين بالأحكام متفهمين للشريعة مرتفعين في درجات الإيمان فعمار بن ياسر عمل بالتقية حين طلب منه مشركوا قريش الطعن بالإسلام ونبي الإسلام .

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here