مواقف الصين مع روسيا ثابتة

مواقف الصين مع روسيا ثابتة، نعيم الهاشمي الخفاجي

العلاقات الروسية الصينية علاقات قديمة وإن كان هناك بينهم خلاف في فهم الفكر الشيوعي سابقا، ورغم الخلاف في السابق ما بين الصين و السوفيت لكنهم هم في معسكر قريب، كلا الطرفين يرفض توحش سيطرة الرأسمالية الإمبريالية، بعد سقوط السوفيت، روسيا ارتكبت خطأ كبير عندما ألغت تبني الفكر الشيوعي وفرطت في الحركات الشيوعية المنتشرة في كل أصقاع دول العالم، واستفاد الغرب من الشيوعيين من خلال ضم الكثير منهم للمؤسسات المجتمع المدني ومنظمات حقوق الإنسان الزائفة للعمل لصالح الامبريالية الغربية المتوحشة والظالمة، الصين بقيت متمسكة في الحزب الشيوعي الصيني في داخل الصين فقط ولم تقم في احتضان الحركات الشيوعية في دول العالم.

في العقدين الماضيين حدث تقارب وتعاون ما بين روسيا والصين، في إدارة ترامب شن حرب اقتصادية ضد الصين وروسيا، تمدد الناتو تجاه شرق أوروبا بل وصل التمدد للجمهوريات السوفياتية نفسها، هذه الأسباب ساهمت في تقوية العلاقات الروسية الصينية، قبل اندلاع المواجهة العسكرية بين روسيا وأوكرانيا زار الرئيس الروسي الصين خلال إفتتاح الألعاب الأولمبية الشتوية الذي أقيم في العاصمة الصينية بكين في 4 فبراير (شباط) الماضي، حيث شاهد العالم وقوف الأمين العام للحزب الشيوعي الصيني شي جينبينغ يستعرض الفرق الرياضية العالمية يمرون أمام منصته، إلى جانبه زعيم القوى العظمى الروسية وريث الإمبراطورية السوفياتية، فلاديمير بوتين الذي تم دعوته بشكل رسمي وخصوصي من القيادة الصينية لحضور الاحتفال.

الصحف المعادية للتقارب الصيني الروسي حاولت القول أن بوتين ظهر بمظهر عدم الاهتمام بالاحتفال، طبيعة القيصر بوتين ينظر إلى الحشود الرياضية كنظرة الأسد لطرائده من خلال إغماض إحدى عينيه، فمن حق صحف الغرب المعادية للتقارب الصيني الروسي أن تقول ماتشاء لكن على أرض الواقع هناك تعاون استراتيجي ما بين الصين وروسيا، زيارة بوتين لم تكن ترفيهية لحضور افتتاح بطولة ألعاب وإنما حضر الرئيس بوتين إلى الصين ومعه وفد من 54 شخصية ضمت كبار رجال الأعمال والصناعيين والتجار والمصرفيين والخبراء في شتى القطاعات، وهؤلاء لم يحضروا الاحتفال مع القيصر بوتين، بل بقي هؤلاء في دور الضيافة الصيني في دراسة ملفاتهم لمحادثات سيقوم بها بوتين في اليوم التالي مع القيادة الصينية، وقد تم التوقيع على عقود لتصدير البترول والغاز الروسي للصين بلغ قيمتها 117 مليار دولار، ومن ضمن العقود التي تم توقيعها من الرئيسين الروسي والصيني عقد مدته 30 سنة لزيادة تزويد الصين من الغاز الروسي عن طريق سيبيريا بكمية 10 مليارات متر مكعب سنوياً تضاف إلى اتفاقية سابقة لتزويدها بـ35 مليار متر مكعب بحلول العام 2025. كذلك تم التوقيع على عقود لتصدير القمح والشعير، وقد أعلن ناطق روسي أن كل العقود سيتم تسديد قيمتها ليس بالدولار وإنما باليورو.

وصرح الرئيس بوتين في مؤتمر صحافي في نهاية الزيارة، بأن الاتفاقات التي توصل إليها البلدان إنما هي أمر طبيعي وامتداد للتكامل التاريخي بينهما. أعلن جينبينغ أن الصين تنظر بكثير من الريبة لتوسع حلف الناتو وتتفهم الموقف الروسي في أوكرانيا.

لذلك عندما اتخذ الرئيس بوتين قرار الحرب المحدودة على أوكرانيا كان قد اتفق مع الصين وغير الصين في التبادل التجاري لأن بوتين يعلم علم اليقين الأوروبيون يحاصرون روسيا من خلال عدم استيراد البترول والغاز الروسي، دول العالم تتجه نحو الطاقة البديلة، كان بترول الخليج والعراق وإيران يباع إلى الصين والهند، بعد أن أصبحت أمريكا دولة مصدرة للبترول والغاز، فقدت دول الخليج التحكم في إغراق الأسواق العالمية في البترول بسبب نعمة الله عز وجل على البشرية عندما أصبحت أمريكا دولة مصدرة للبترول والغاز، وبات سياسة إغراق الأسواق العالمية بالبترول يجلب ضررا إلى الشركات النفطية الأمريكية، دول الخليج فقدت أكبر دولة بالعالم تستورد بترولهم وهي الصين، روسيا فقدت السوق الأوروبية التي تشتري الغاز والبترول الروسي، لكن روسيا ربحت السوق الصينية التي يبلغ سكان الصين ربع نفوس العالم وكذلك كسبت روسيا جزء مهم من السوق الهندية، لذلك روسيا في وضع جيد بعد كسبها للسوق الصينية، الاتفاقيات الاقتصادية بين روسيا والصين كانت لإيجاد سوق تجارية مع الصين كدولة حليفة مضمون بقائها مع روسيا لإيجاد وضع عالمي جديد، بوتين كان يعي أن الدول الأوروبية والولايات المتحدة ستفرض عقوبات ومنع للاستيراد من روسيا سواء حدثت حرب بين روسيا وأوكرانيا أو لم تحدث حرب.

في العقد الأخير فرضت أمريكا والدول الغربية عقوبات اقتصادية ضد الصين، بل عملت الدول الغربية على العمل على خفض الاستيراد من الصين إلى مستوى كبير وهناك دراسات غربية كتبت دراسات حول تخفيض الاستيراد من الصين في العام 2023.

لذلك الطرف الصيني مستهدف من الغرب حاله حال روسيا، بالصراع الحالي تحاول دول الناتو تسليم تايوان للصين للعمل على شق التحالف الروسي الصيني لكن بالتأكيد واضع السياسة الصيني يعرف أسباب التنازلات، واكيد تستمر العلاقات الروسية الصينية.

مايحلل به الإعلام الغربي حول العلاقات الصينية الروسية يثير السخرية، تبقى الصين أهم حليف لروسيا في الصراع مع الغرب، الصين دولة تمثل إحدى الدول الخمسة الكبرى في العالم، تعاملت مع الأزمة الأوكرانية كدولة عظمى مستقلة واتخذت قرارات مستقلة حول قرارات مجلس الأمن والجمعية العامة للأمم المتحدة ضد روسيا، امتنعت الصين عن التصويت بدلاً من التصويت إلى جانب روسيا، الامتناع من دولة كبرى يعني أنها لها موقف مخالف من قرار العقوبات وليس بالضرورة تستخدم الصين الفيتو لأن الفيتو الروسي كافي في إسقاط القرار في مجلس الأمن، الفيالق الإعلامية المأجورة التي تكتب بصحف الرجعية العربية تصور امتناع الصين عن التصويت تعني أن الصين تسحب دعمها من روسيا، وهذا بحد ذاته تحليل ساذج وغبي، تحليلات المحللين العرب حول الازمة الروسية الاوكرانية تحليلات ساذجة، الغالبية من المحللين العرب يحللون مقابل الحصول على المال الخليجي من دول الرجعية العربية فهم يحللون وفق ما تريده منهم مراكز غربية لنشر الشائعات والأكاذيب.

نعيم عاتي الهاشمي الخفاجي

كاتب وصحفي عراقي مستقل.

17/3/2022

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here