الربيع او النوروز آية من آيات الله في القرآن الكريم (ح 1)

الدكتور فاضل حسن شريف
ورد اسم العيد باسم الفرح في القرآن الكريم “قُلْ بِفَضْلِ اللهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ” (يونس 58). ويسمى العيد لأنه يعود كل سنة بفرح مجدد. ومن العبارات الشائعة في الاعياد (كل عام وأنت بخير) أو (كل سنة وأنت طيّب) أو (من العائدين الفائزين) (أسعد الله أيامك).
وفي الربيع تنبت الارض وتخرج المحاصيل “مِمَّا تُنْبِتُ الْأَرْضُ مِنْ بَقْلِهَا وَقِثَّائِهَا وَفُومِهَا وَعَدَسِهَا وَبَصَلِهَا” (البقرة 61) فلولا قدرة الله لما نبت الزرع وخرجت المحاصيل. فمن حق الناس ان يشكروا الله على نعمه ويفرحوا في أيام الربيع ليأكل الفقير ويستفيد المزارع والتاجر. الاسلام يهتم بالربيع واعياده والبهجة فيه على أساس الشكر والحمد لله على عودة الحياة للارض والمخلوقات كل عام والخير يدوم. بالاضافة الى التأمل والتفكر والتدبر في خلق الله والبعث.
وحول آيات البعث وعلاقتها بآيات التفكر في الأرض جاء في قوله تعالى “وَالْأَرْضَ مَدَدْنَاهَا وَأَلْقَيْنَا فِيهَا رَوَاسِيَ وَأَنْبَتْنَا فِيهَا مِنْ كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ * تَبْصِرَةً وَذِكْرَى لِكُلِّ عَبْدٍ مُنِيبٍ * وَنَزَّلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً مُبَارَكًا فَأَنْبَتْنَا بِهِ جَنَّاتٍ وَحَبَّ الْحَصِيدِ * وَالنَّخْلَ بَاسِقَاتٍ لَهَا طَلْعٌ نَضِيدٌ * رِزْقًا لِلْعِبَادِ وَأَحْيَيْنَا بِهِ بَلْدَةً مَيْتًا كَذَلِكَ الْخُرُوجُ” (ق 7-11) حيث آيات التفكر ان النبات يخرج في الربيع من كل زوج بهيج مما يضفي بهجة وسرور لهذا الفصل “وَأَنْبَتْنَا فِيهَا مِنْ كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ” (ق 7). فكيف لا يكون عيدا فيه الشكر لله على جنات الأرض التي بالاضافة الى روعة جمالها من الأشجار والنخل الباسقات “فَأَنْبَتْنَا بِهِ جَنَّاتٍ وَحَبَّ الْحَصِيدِ * وَالنَّخْلَ بَاسِقَاتٍ” (ق 8-9) فإنها رزق للمخلوقات لما تحوي من حب الحصيد والطلع النضيد “وَحَبَّ الْحَصِيدِ * وَالنَّخْلَ بَاسِقَاتٍ لَهَا طَلْعٌ نَضِيدٌ * رِزْقًا لِلْعِبَادِ” (9-11). فهذا الفرح نتيجة الحياة الذي دب في البلاد بعد موت أرضها “وَأَحْيَيْنَا بِهِ بَلْدَةً مَيْتًا” (ق 11). والتفكر يؤدي بالمؤمن السعيد بعيد الربيع او النوروز بان يرى ان الله يخرج الميت من الحي “كَذَلِكَ الْخُرُوجُ” (ق 11).
النوروز او النيروز يعتبر عيدا شرقيا يمتد من التبت شرقا إلى مصر غربا ممتدا بايران وكردستان. وهو من الاعياد المشهورة في هذه المنطقة منذ آلاف السنين، فهو قبل الاسلام في العهد الاخميني والاشكاني والساساني وخاصة ان الفرس كانت حضارة عريقة وكانت رعاياها تمتد من باكستان شرقا حتى العراق وبلاد الشام غربا والطاجيك شمالا. وفي صدر الإسلام خلال الخلافة الراشدة في زمن الامام علي عليه السلام احتفل البعض بمناسبة عيد النوروز وقدموا للامام حلوى بالمناسبة فقال مبتسما: نوروزنا كل يوم. وقد روى الشيخ الصدوق: وَأُتِيَ عَلِيٌّ عليه السلام بِهَدِيَّةِ النَّيْرُوزِ، فَقَالَ عليه السلام: مَا هَذَا؟ قَالُوا يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ الْيَوْمُ النَّيْرُوزُ، فَقَالَ عليه السلام: اصْنَعُوا لَنَا كُلَّ يَوْمٍ نَيْرُوزاً. وفي رواية أخرى قال: نیرزونا کلُّ یوم. وجاء عن دعائم الإسلام: انَّهُ أُهْدِيَ إِلَيْهِ (اي الامام علي عليه السلام) فَالُوذَجٌ، فَقَالَ عليه السلام: مَا هَذَا؟ قَالُوا: يَوْمُ نَيْرُوزٍ. فقال عليه السلام: فَنَيْرِزُوا إِنْ قَدَرْتُمْ كُلَّ يَوْمٍ. يَعْنِي تَهَادَوْا وَتَوَاصَلُوا فِي اللَّه.
تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here