العراق.. ساحة يلعب بها الآخرون!!

 بغداد-نيرة النعيمي

 لم يكن العراق طوال عهود التاريخ سوى لاعب مهم، تنظر اليه دول العالم وحضاراته بإحترام وتقدير، للمكانة التي إرتضاها العراقيون أن يكونوا هم سادة العالم، ومن بلدهم ينطلق أفق الحضارة والتمدن والاشعاع الحضاري الى كل أصقاع الأرض!!بل لم يكن أي حاكم عراقي منذ عهود البابليين والآشوريين وحضارات سومر وأكد ، وعهود الدولة الاسلامية، وحتى الى عهود وعقود قريبة من تاريخنا المعاصر ، الا وهو من يفرض إرادته على كل من حوله، وهو ، أي الحاكم العراقي، يرى نفسه أنه هو من يقود شعبه ، ولا يسمح للآخرين أن يكون للأخرين من الأغراب أن يفرض إرادته عليه أو يتدخل في تقرير مصير شعبه ونوع النظام السياسي الذي يقيمه العراقيون، بل ليس بمقدور حتى إمبراطوريات المنطقة أن يرفع حكامها أعينهم بوجه العراق ، وهم يرونه هو الأب الراعي للسلام والاستقرار في المنطقة والعالم ، وهو من يعلي شأن الآخرين ، لا أن يريد الآخرون أن يمنحنونه المكانة والدور، بل أن يبقى سيد نفسه على مر الأزمان والعصور!!أما ما نعيشه اليوم، ومنذ أعوام تردي الأحوال وتدهور القيم ما بعد عام 2003 وحتى الآن، فلم يبق هناك نظام سياسي مجاور لنا أو بعيد عنا ، الا وكانت له حصة من التدخل السلبي بل والخطير، في أحوال البلد ، والأنكى من ذلك ان هناك من دول الجوار من تحكمت برقاب العراقيين ، وأصبحت هي من تقرر من يكون الحاكم ومن يليه في سدة الحكم!!لقد أظهر الحاكمون منذ عهود الاحتلال الامريكي للعراق عام 2003 أنهم قاصرون ، لم يبلغوا بعد سن الرشد، ولم يمنحهم أحد الدور والمكانة ، ولو في حدودها الدنيا ، لكي يكون بمقدورهم أن يحكموا بلدهم، بل الأخطر من ذلك أن من يحكم العراق سلم مقادير البلد الى من كان لهم الفضل في أن يمنحه كرسي الحكم ، وليس بمقدور أي حاكم عراقي أن يرفع عينه بوجه من نصبوه وجعلوها من حكامه على شاكلة (خراعات الخضر) لايهشون ولا ينشون!!إن ما يشكل غصة والما وحسرة ضاق بها تفكير العراقيين وأجج الثورة والتمرد على جور السلطة وظلمها ، أن الآخرين هم من يقررون شكل النظام السياسي وكيف توزع الأدوار بين الحاكمين..ولمن .. لمن يوالون الأجنبي القريب والبعيد ، وهم يظهرون أنفسهم له وكأنه هو (السيد) وهم (العبيد) الذين ينفذون ما يؤمرون به عن رحابة صدر!!

 ومن المضحكات المبكيات إن البعض من الحاكمين في هذا البلد من راح يعد المتاريس لنفسه ويهدد الآخرين بالويل والثبور ، إن لم يستجيبوا لمطالبه او فرض أتاواته عليهم، وسرعان ما تجد الآخرين وهم يذعنون له ، ويمدوا له سبل الطغيان له، فهم يشعر انه المتنفذ ، وهو الحاكم والآمر، ولكن ليس على من يحكمونه من الخارج ، ولكن على الشعب المسكين وأتباعه الجهلة ، وهو يقبض ثمن عربداته كراسي حكم على قدر ما يفرض عليهم من إرادات!!

بل ذهب آخرون ، وهم في أعلى سدة الحكم الى إبتكار ألاعيب بهلوانية وفبركات دعائية مصطنعة واستعراضات للقوة ، واتهام الآخرين بالتآمر عليه، وكسب التأييد الدولي، بالرغم من انه هو من أعد سيناريو ومسرح الجريمة المفترضة وطلب من الآخرين تصديقها ، لكي يكون بمقدوره أن يحصل على ولاية أخرى، وهم يرونها أنها أبعد عليه من منال الشمس، وهو الذي لم يستطع ولو لمرة واحدة أن يكون أن يحفظ كرامته أو أن بمقدوره أن يرفع عينيه بوجههم في يوم ما !!

أما مستقبل شعب العراق ومصيره القاتم السواد ومرحل الانهيار والتردي والانحطاط التي خلفها هؤلاء طيلة عهودهم المظلمة، وما تعرض له العراقيون من ظلم وجرائم قتل وترويع مختلفة الأشكال ، فلم تخلف الا خراب البيوت وطيحان حظ العراق ، وتحول العراق من بلد يحكم العالم ، ويكون له شأن في مستقبل الدول والحكومات، الى تابع ذليل يستجدي الكرامة والعطف على أحوال حكامه وشعبه من الآخرين ، لكي يقال عنهم أنهم بمقدورهم أن يحكموا، وهم الذين ليس بمقدورهم أن يحلو رجل داجة، كما يقال!!

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here