في الذكرى 19 للعدوان الامريكي والاحتلال على العراق وشعبه…

   والذي لازال يعاني من آثاره المدمرة وافرازاته الخطيرة..

   في مثل هذا اليوم وقبل 19 عاما حين قررت الولايات المتحدة الامريكية وبقيادة بوش الابن متحدية العالم رغم عدم شرعية الحرب وعدم قانونيتها غزت كل من امريكا وبريطانيا العراق بحجج واهية ومدعيات مزيفة؛ الغاية منها تحطيم البلد والسيطرة على المنطقة فيما بعد والهيمنة على شعبه وثرواته ومقدراته، والعودة به الى العصور المظلمة، واحداث الفتنة والفرقة بين ابنائه عبر المشاريع التي جاءت بها الى العراق، وفي مقدمتها ما تسمى بالعملية السياسية التي بنيت على أسس المحاصصة القومية والطائفية المقيتة تارة والعرقية اخرى، على العكس من تلك الوعود التي اطلقتها في بداية حملتها العدوانية من الرفاهية والتقدم والتطور وحقوق الانسان، التي وعدت بها وحملتها عنواناً لغزوها العراق وخلاصه من الحكم الديكتاتوري والاستبدادي الذي أيدته ودعمته وسلّطته على شعب العراق، ولتشكل بغزوها سابقة خطيرة وغير شرعية في دمار بلدٍ وتمزيقه واشاعة الفوضى والخراب بكل مفاصله، فما كان من هذه الحرب الا مزيداً من الآلام والويلات التي جرت وتجري الى يومنا هذا على ابناء العراق رغم التحذيرات التي اطلقتها القوى الوطنية المعارضة والمرجعيات الدينية الواعية في هذه الامة والتي نبّهت الى خطورة ما تقدم عليه الولايات المتحدة الامريكية وحليفتها بريطانيا، والتي مازالت الى اليوم على وموقفها من هذا العدوان وإفرازاته، وهي تحمل البدائل الوطنية للخروج من الازمة القائمة رغم تفاقمها، الّا ان اصرار امريكا ومن سار في مشروعها ادى الى تلك النتائج الكارثية بعد 19 عاماً من خراب ودمار كوارث بيئية وصحية وانهيار البنى التحتية رغم بساطتها وشيوع الفساد والرذيلة وانعدام الامن العام والغذائي والدوائي والاستقرار.

وما الاهداف التي اعلنتها امريكا لإسقاط الديكتاتور وحزبه الفاشي والذي كان اداة طيّعة لهم لتنفيذ مشاريعهم في المنطقة بدءاً من حرب الخليج الاولى والتي دامت لثمان سنوات ليكتشف بعدها انها كانت بداية المؤامرة على العراق ليعالج هذا التآمر بغزو الكويت بعد ان أصغى لنصائح السفيرة الامريكية في بغداد، ولكن سلوك النظام الاستبدادي واسلحة الدمار الشامل والتعامل مع القوى الارهابية لم تكن سوى مدعيات وتبريرات مخادعة لتحقيق الهدف المريع كما اعترف وزير خارجية امريكا امام مجلس الامن الدولي (كولن باول).

وعلى الرغم من كل المعارضة التي ابدتها دول العالم والشعوب وفي امريكا بالذات ومسيراتها الاحتجاجية والمظاهرات المليونية التي عمت العالم كله ومدن الغرب خاصة من لندن إلى مدريد ومن باريس إلى نيويورك وكذلك عشرات المدن بل والمئات حتى وصلت الاعداد إلى عشرات الملايين في العالم كله، ولا ننسى احتجاج بابا الفاتكيان آنذاك (يوحنا بولص الثاني) الصارخ في وجه وحشية القيادة الامريكية الجاهلة والمتهورة، واحتجاج اعضاء مجلس الامن كفرنسا والمانيا وروسيا والصين وباقي اعضاء المجلس الّا ان العدوان قد تم بقرار امريكي جائر وبتأييد بريطاني خبيث وبمشاركة بعض الدول العربية للأسف والتي كانت مطاراتها منطلق لطائرات الاحتلال والعدوان على العراق وشعبه وبمشاركة من قواتها الجوية والبرية البائسة للتشرف بمرافقة قوات الاحتلال والغزو لتنفيذ هذا الهدف البغيض، وعلى الرغم من استقالة وزير خارجية بريطانيا (روبن كوك) قبل بدء العدوان بيومين احتجاجاً على دور رئيس الوزراء البريطاني (توني بلير) الذي كان مؤيداً بشكل اعمى لبوش الرئيس الامريكي الاهوج من خلال كذبه على مجلس العموم البريطاني لتمرير جريمة الغزو، وعلى الرغم من تحذيرات البابا وخطورة المشاركة في هذه الحرب والتي قال عنها: (ان الحرب لا تصلح احوال العالم، وان هذا العدوان سيكون خطيراً على السلم العالمي).

فقد جرى العدوان دون غطاء شرعي او مسوغ قانوني لتعم الفوضى في العراق وليكون ساحة تقاتل وتهاتر والذي أدى الى تطور الاحداث بفعل الاحتلال الى حرب واسعة وصلت نيرانها الى كل ارجاء المنطقة، ومازالت تبحث امريكا عن مخرج لها من ازماتها في العراق بعد النكبات التي احدثتها والفوضى والدمار الذي طاله، وما فشل مشروعها الزائف الّا تصدي ابناء العراق الغيارى له من خلال المقاومة بكل صنوفها وتعدد ادورها في المقاومة العسكرية والمقامة السلبية (أي المناهضة لمشروعها والمقاطعة له) من اول يوم وطأت فيه اقدام الاحتلال ارض العراق، والتي لولاها لما كان للاحتلال وماكنته العسكرية من انسحاب ولو بشكل ظاهري وهو يعترف بهزيمة مشروعه في العراق والخطأ المرتكب بحقه، فقد جوبه العدوان والاحتلال بمقاومة باسلة ادهشت العالم واربكت مخططاته بشكل كامل لتطرح في نفس الوقت القوى المقاومة والمرجعيات الواعية والنخب الخيّرة والمناهضة لمشروع الاحتلال البديل الوطني امام مخطط المحاصصة والتقسيم الطائفي؛ فجاء دور تلك النخب والتي نبّهت منذ البداية لخطورة الاحتلال قبل وقوعه لطرح البديل الوطني والتحذير من افرازات الاحتلال المتمثلة بالعملية السياسية والانتخابات المزيفة التي جرت وقاطعها الشعب العراقي معلناً بذلك انتهاء المشروع ومحتجاً على نزاهتها وممارساته في المكر والخديعة وضياع الحقوق وعدم الجدوى من مشاريعه ليؤكد بشكل كبير وواضح تأييده لقوى الرفض الوطنية في هذه الامة والتي سعت جاهدة لطرح البدائل الوطنية في انشاء عملية سياسية نزيهة تستند الى الثوابت الوطنية المعروفة والمتفق عليها بين ابناء الامة والمتمثلة بالوحدة والهوية والاستقلال لتخليصه من مكائد مشروع الاحتلال ودسائسه، ولكي تضمن لكل ذي حق حقه وتعمل على استعادة العراق لمكانته وقراره السياسي؛ ولن يكون هذا الا عبر هيئة وطنية مستقلة من خارج العملية السياسية تمتلك قرارها الوطني وارادتها الحرة.  

 

مدرسة الإمام الخالصي وكوادر وأعضاء المؤتمر التأسيسي الوطني العراقي

والكوادر والنخب الوطنية الرافضة للإحتلال ومشاريعه

16 شعبان المعظم 1443هـ الموافق لـ 19 آذار 2022م

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
,
Read our Privacy Policy by clicking here