وادي الارواح /رواية / الفصل الثاني

الوقت مهم في الكون الأرضي ويتم تنظيم حياة الناس على تقسيماته ، وكذلك يتم الاستفادة من تعاقب الضوء والظلمة ،وبعد ان عبر (بنو البشر)  ملايين السنين توصلوا الى اختصار الوقت وضغط المكان واصبح الكون الأرضي قرية صغيرة واصبحت العلاقات مباشرة عبر (شبكات وهمية يطلقون عليها الانترنت) ولم يدر بخلد أحد إن كل هذه (الانجازات المتحققة) بجهد الاف المخترعين والمغامرين سيكون عرضة للتغيير ، وان من سيغيره كائن لا يرى بالعين المجردة ينتقل أسرع من أخبار الانترنت ويضاعف من مهام عملي ويجعل من القرية الجديدة جزرا متباعدة  مقفلة بعضها عن البعض الاخر ، وتدور أخباره في كل مجلس ويخلق جدلا لم يعهده الكون الأرضي ويترك العلماء مهام التطوير والتقدم التكنولوجي (وهنا لابد أن اعتذر عن استعمالي مصطلحات بشرية أدمنت على سماعها ) ليعملوا على ايجاد المضاد لهذا الكائن ويوقفوا خطورته ، الغريب إن هذا الكائن شديد الذكاء يطور قدراته بذات السرعة التي يخترع فيها العلماء اللقاح المضاد ،اقتربت من مريض تقرر ان انقل روحه الى الوادي ، وحاولت ان أعاين هذا الكائن ، كان بالوان زاهية وبتنسيق غريب ورغم صغره المتناهي كان يشع ذكاء وفي تحركه مناورة غاية في الدهاء ،ولأول مرة يتشعب عملي ليس على مستوى المناطق الجغرافية المتباعدة وإنما على مستوى الكون الأرضي كله وفي مناطق جغرافية متقاربة.

 في الحروب قد يقتل الملايين الذين أحمل ارواحهم الى الوادي ولكن أوسع مكان يشمله كان على مستوى قارة ، وقد يكون في منطقة محصورة بمساحة مئات الأميال المربعة ، كما حدث في الحرب العالمية الثانية مثلا.

خطر ببالي ان هذا الكائن من صنع ( القدير ) فهو الوحيد القادر على مثل هذا الانجاز العظيم ، وتبين اني كنت مخطئا فهو صناعة بشرية تسربت الى الخارج بخطأ بشري أيضا ،

 قال المكلفان بمحاسبة الارواح في الوادي :كيف سيتم تكييف تعرض البشر الى عذابات غاية في البشاعة ، هل يمكن اعفائهم من الذنوب التي ارتكبوها ؟

قال المسؤول عن الماء والنبات  : لقد تم ارتكاب الخطايا قبل أن يتعرضوا له ، ولهذا فمحاسبتهم تظل قائمة.

قال رضوان : القدير هو من يقرر ذلك ، نحن نرى نصف المشهد وهو يراه كله.

كان هذا ايذانا بغلق الحديث ،ومثل هذا الحوار ليس ممكنا الا فيما ندر ، وقد تكون المدة بين حوارين تمتد لمئات السنين

كنت في جزيرة ايطالية  صغيرة ، وهي واحدة من الجزر البركانية التي نادرا ما يستقر بها البشر لأخذ روح صبي في الخامسة عشر كان اسمه في أخر القائمة التي استلمتها فجرا،وكان لابد من مقابلة الصبي لأن هذه هي الطريقة المعتادة لاستلام الارواح ….لابد من أن يكون امامي 

الصبي الذي ابحث عنه غادر الدار فجأة تاركا أمه وحدها ، كانت امرأة متقدمة في السن وبطيئة الحركة وتجد صعوبة في التنقل لجمع ثمر بعض الاشجار المتناثرة ، كان الصبي يؤمن لهما الطعام من البحر ….اسماك وأفاع  ومحار …حين سألتها عنه ،ترددت في الحديث معي ، وبعد مناشدات مني قالت : لقد فعلها

-من ؟

-الشيطان الذي كان يحدثه مساء عند الشجرة

وهل في الجزيرة شياطين ؟

– لم يكن فيها ، ولكن بركان فولكانو الكبير قذف واحدا منهم ، لقد رأيته يخرج من وسط اللهب والصخور المنصهرة ، كان يطير فوق السيل الناري المندفع الى البحر ، ثم توجه الى إبني الذي كان يصيد السمك ، رأيتهما يتحدثان وكان ابني يضحك جذلا فهو لم يتحدث مع أحد منذ الصيف الفائت ، كان الشيطان شابا جميل المنظر مرحا وودودا وكان هذا يرعبني…..ناديته ولكنه لم يرد ….في المساء كان إبني يريني قدرته الخارقة بأعمال سحرية …كان يريني عالما اخر يضج بالحركة ، الشوارع مزدحمة والفتيات غاية في الجمال ، ثم انتقل بي الى صحارى وغابات  ، وقال ، أخيرا لن يتعب بعد اليوم بصيد السمك لأنه يستطيع الطلب للسمك الخروج من البحر الى الضفاف ليلتقطه ….قال بان صديقه علمه كل ذلك ،

– -ولكن كيف عرفت إنه الشيطان ….فاولاد ابليس لا يسكنون البراكين ؟

-لا أنت مخطئ ، إبليس من نار ولهذا فابناؤه يسكنون النار،وهم قادرون على تعليم البشر السحر  بما فيه السحر الاسود ، كل مسيحي قرأ في الكتاب المقدس إخراج بولس الرسول لشيطان نجس من فتاة خادمة وكان ذلك الشيطان قد وهبها القدرة على العرافة وكان أسيادها يجنون المال بسببه.

– نعم صدقت ،

فكرت ان ابليس ارسل أحد أبناءه ليعبث معها ، وإن (القدير ) يمتحنها ، كما حصل حين قدم ادم لنا وسألنا عن الاسماء.

إذا ، ابليس وابنه والصبي يختبرون قدرتي ، لم أرتبك …. ولكني خشيت ان أتأخر في بقية واجباتي ، وربما هذا بالضبط ما قصده ابليس  ليقول لي إنه قادر على أن يعابثني

كان الصبي يغوص في عمق البحر متجها صوب البركان ،حين راني تحول الى سمكة صغيرة ، سقطت السمكة في قاع البحر…. وأنا استلم روح الصبي واخرج بها وارسلها الى الوادي  فراشة حزينة ، لم ترف بجناحيها ،

كان ابليس يبتسم وكأنه يعابث صديقا له ، وكان الشيطان الأبن يكزّ على أسنانه لأنه لم ينجح فيما كلفه به أبوه ، وكانت الام تنظر الى يديّ حزينة ، لم تسألني اين هو ، وبدا عليها انها مقتنعة أن البحر قد ابتلعه  وإن الشيطان هو من دعاه ، فيما كان البحر غير معني بكل ماجرى وكانت الموجات الرخية المتسارعة تصطدم بالصخور المنتصبة على طول الشاطئ وحول الجزيرة ، فيما كانت الاشجار التي لايعرف تاريخها ولا من أين جائت تغطي الجزيرة بظلال وارفة.

شعرت بالرضا عما قمت به فقد افشلت ما خطط له ابليس وأحد أبناءه باستغلال الصبي الذي كان يتوق أن يعبر البحر ليستولي على صقلية اولا ثم يعبر الى ايطاليا ليعيد المجد الروماني كما قرأ عنه في كتاب التاريخ ….كل الاحداث الكبرى تبدأ بحلم ،هذا ما فكر به ابليس ولهذا اراد أن يستولي على الصبي بالتلويح له إن أحلامه ممكنة إذا ما تعاون معه.

حين انتشر خبر الموت الجماعي على كامل مساحة الكون الأرضي ،راودنا شعور مشترك نحن السبعة  الكبار بأن هذا ربما اشارة من( القدير ) بقرب قيام الساعة

استعد اسرافيل وتفحص (الصور) ليكون مستعدا للنفخة الأولى التي تعطيني الفرصة لتحويل ارواح من تبقى ،الى الوادي ، ومن ثم ليبدأ بعدها النفخة الثانية لعودة الفراشات جميعا الى حالتها الاولى  ليبدأ الحساب.

كما قام رضوان باختبار أبواب الجنة وسكب على مفاصلها الزيت المستخرج من زيتون بيت المقدس ليتأكد من عملية الفتح والإغلاق بيسر وسهولة ، بالمقابل كان ابليس قد اجتمع بابنائه واحفاده ليتدارسوا مواجهة الموقف ، كان أحد أحفاده، وهو شيطان اهتم كثيرا بدراسة القوانين على تنوعها وكذلك أولى  المرافعات في القضيا القانونية الدولية، اهتماما خاصا ،يقف في وسط حلقة المجتمعين يطلب من جده وقتا مستقطعا ليناقش موضوع العائلة بموجب العرف الالهي بسبب غياب القانون المكتوب في هذا المجال …توقف ابليس عن الحديث وأنصت الجميع فلأول مرة يتم طرح الموضوع والعلاقة بين (القدير ) وعائلة ابليس على هذا النحو،

قال الشيطان الشاب المهتم بالقانون –لقد طلب أبانا من (القدير) أن يمهله حتى النفخة الثانية في الصور ولكن (القدير) لم يوافق على ذلك وحدد بقاءنا بالنفخة الاولى في الصور ، وهنا علينا ان نتوقف … في اية قضية يجب ان يكون هناك تعادلا بين طرفي النزاع ، وهنا نجد أن( القدير) انفرد بالقرار ، كما إن ما طلبه أبونا  يدخل في جوهر القضية، وهي النتيجة التي جرى عليها الاتفاق …كيف سنعرف إن أبانا ونحن عائلته قد حققنا ما قلناه( للقدير) من انا سننجح في عملنا إذا لم يجري الحساب ويتم التعرف على النسبة العالية التي استجابت لإغراءاتنا وما زيناه من الأمور لسكان الكون الأرضي ، صفق الشياطين للشاب ولكن ابليس رفع يده،

– ليسمع الجميع ، علينا أن نعود الى عملنا ، فالحياة على الكون الارضي ما تزال مستمرة ،فكورونا سيتوقف ولهذا فالفناء الكامل لن يكون على يديه ،اما هذا الصغير الذي عرض لنا جانبا كنا قد اهملناه فإني ادعوه الى مكتبي فنحن بحاجة لتعميق هذه الدراسة الجادة

كان ابليس قبل أن يتحدى (القدير) هو الرئيس الحاكم على الكون كلّه تحت رئاسة (القدير ) من هنا كان قادرا على التواجد في اكثر من مكان في ان واحد ولهذا استطاع أن يسترق السمع الى  مادار بين (صديق الانبياء) ورضوان

والذي تضمن اشارة من( القدير )  بأن كورونا لن يكون النهاية ، كان التحدي نتيجة لما كان يدور في ذهنه ومن ثم طفح على سلوكه …كان  يجد في نفسه القدرة على ان يكون مثل ( القدير) …..

“”اصعد إلى السماوات” “ارفع كرسيّ فوق كواكب الله”. “اجلس على جبل الاجتماع”. “اصعد فوق مرتفعات السحاب”. “أصير مثل العلي

كنا (حينها ) نخضع جميعا لسلطة ابليس المطلقة  وكان من الواضح إن (القدير ) يوليه عناية خاصة فيما كان هو شديد الحرص على إبداء طاعته المطلقة (للقدير ) ، وكنا حريصين على التظاهر بأنا ملتزمون بابداء التقدير والاحترام له .وكان هو مسرورا من هذه الطاعة والاحترام ، وحينما كنا نتناول موضوعا بالحديث في أوقات متفرقة كان هو من يبدأ بفتح الحديث كما كان قادرا على انهائه بلباقة متميزة

نحن الملائكة لا نتزوج ولا ننجب ولكن إبليس استطاع تخطي هذه العقبة ولم يكن من الواضح ان كانت زوجته من الجن السفلي أم  من نسل العفاريت المنقرض ، فلم يتحدث احد ،حتى الملائكة ، انه شاهدها ، كما انه كان حريصا على أن لا يوظف بناته في أعماله وكان يعتمد على الذكور فقط ، سمعت مرة أحد الملائكة الصغار يسخر من ذلك ،فقد كان يقول لزميله : إن حرص ابليس على استبعاد بناته من المشهد لأنه كان يخشى على سمعتهن  !!!! كما اني وقد جبت الكون الأرضي الاف المرات لم التقي بأي من بناته ، كنت دائما ارى ابنائه من الذكور،

وفي الحقيقة لم نتوصل الى جزم بهذا الخصوص وما أقوله لا يخرج عن تصوري ،و(القدير) لم يشر يوما الى ذلك …كان ابناء ابليس يجيدون المراغة والزوغان والتلون ، كما إن لديهم القدرة على الظهور باشكال مختلفة ،ربما كان هذا بأمر( القدير ) ليمنح ابليس مساحة من الحرية في عمله كجزء من (عدالة ) الرهان” “

كان يشغلني قيام البشر بقتل بعضهم البعض ، ورغم ان هذا مسار مكتوب ولكن الامر يتعدى احيانا ذلك ،فحين تعتقل السلطات شخصا ما ثم تنزل به في احد السراديب المعتمة و تقوم  بتقطيعة ، لا أجد ان ذلك ضروريا ، ولكن من الواضح ان هذا الفعل يتكررويتناسب طرديا مع تدني الفكر وعدم القدرة على ايجاد البديل المناسب  للحصول على المعلومات او (تدجين ) المعتقل، وجرى هذا ويجري ايضا في كل جوانب الكون الأرضي،

قال (صديق الانبياء) – تذكر ان البشرية سلالة قاتل

-ولكنهم ايضا سلالة نبي

صحيح ولكن الكون الارضي تحكمه قوانين (الحيازة)

– من نعم (القدير) علينا إنا بلا سلالة

– هل هذا من باب كمالنا أم الخوف علينا من الخطيئة ؟

– ربما كلا اللأمرين

لم يخطر ببالي موضوع ان يكون لي ابناء ، لأن هذا يتطلب ان تكون عندي رغبة لجنس أخر يقوم بمهمة الإنجاب  ، اسمع أحيانا نقاشات بين بعض الناس حول جنسنا نحن الملائكة ويذكرون أن لا جنس بيننا ، لأن الجنس حاجة ملحة لبقاء الإنسان ومخلوقات الأرض المحسوسة، لأن حياتهم قصيرة ويموتون. أما نحن  فحياتنا باقية حتى نهاية الكون و ليس لنا حاجة للجنس والتكاثر….لا أنكر إن فكرة الانجاب استهوتني ، ولكني شعرت بالاحراج من التصريح بها لزملائي،  كما ابعدتها عن مخيلتي لأن (القدير ) يمكنه معرفة خفايا النفوس …..وفي الواقع العملي سيكون علينا أن نتوقع الموت وسأواجه اشكالية في نقل أرواح ابناء الملائكة وشيوخهم الى الوادي  ….ثم من سينقل روحي إذا أدركتني المنية ؟

لم يتركنا سكان الكون الأرضي ، فقد ادعى البعض إنا إناثا وقال البعض الاخر انا بنات الله ، بل وذهب البعض الى ابعد من ذلك فقد رفعونا الى مرتبة (القدير ) وقاموا بعبادتنا  ، وقد دافع (القدير ) وأوجب عبادته فقط،

كنت في معرض فرانكفورت للكتاب حيث كانت أمامي مهمة نقل فراشتين الى الوادي وأصحابهما من العاملين في المعرض، وأثناء تجوالي كان نقاشا حادا بين شخصين يتحدثان لغتين مختلفين ولكنهما يستمران في الاستماع أحدهما للاخر ، كان الحديث يدور حول الاحساس والعاطفة وتباينهما بسبب معايير اجتماعية وبيئية ، أنصت للحديث الذي اسمعه لأول مرة وقد راقني حماسة المتحاورين ، ولكني بعد ان ارسلت الفراشتين الى الوادي جلست في المعرض الذي خلا من الرواد وقد اغلقت ابوابه ….لماذا نحن لا نمتلك هذه المشاعر ؟ حياتنا وجود مستمر دون أية اهتزازات تلون فتراتنا الزمنية التي نسميها الوجود لتتضمن متعة تضفي على هذا الوجود شيئا من التغيير والاثارة ، ولكني سرعان ما تركت كل هذا وانا اتسلم قائمة جديدة كان على رأسها شخص عرّف  بأنه ابو بكر البغدادي،

وحين استلمت فراشة روحه كانت مرتبكة  ، تحاول ان تجد لها طريقا للافلات،وحين نفخت عليها استكانت فقد كان الهواء الذي دفعته نحوها من العطر ولفحة لهب حاد جمدها اولا ثم غير سلوكها فاستسلمت ،على وجهه الذي بدا مشوها جراء رصاصة اخترقت فكه الأيمن ، لم يكن مسترخيا فقد بدا متشنجا وكأنه كان يكره أن يموت على هذا النحو,

الافكار التي تطل في رأسي  أحينا جعلتني أشعر بالتعب …..هل هذه بداية المشاعر الانسانية ….قال لي اسرافيل :حسنا أنت بسبب عملك مع البشر تروادك مثل هذه الافكار ، ولكن ماذا عني !!! أنا بلا عمل غير العبادة ولكن افكارا مشابهة تنتابني ، وأسأل نفسي الى أين أتجه؟

قلت له –هل نستشير (صديق الانبياء )؟

رد بعجالة قاطعة – لا….لا

لم أعلق فقد وصلتني قائمة تضم 800 اسم في ثلاثة مواقع مختلفة في الكون الارضي ، وهم خليط من الجنود الامريكان والمدنيين الافغان والاطفال ،كان الأول في مطار افغانستان  ، والثاني في العراق وكانوا 3 جنود وفلاح يتفرج على الهجوم الذي حصل على الجنود والثالث في تركيا واليونان حيث دمرت الفياضانات والعواصف مناطق مختلفة …..وسمعت ان البعض من البشر عاد ثانية ليتحدث عن ان من المتوقع أن ينفخ اسرافيل في الصور ومن ثم قيام الساعة، ونسوا ان مثل هذه الكوارث التي تصيب الكون الارضي متكررة وهي تشير الى وجود خلل فيزيائي في علاقة الكون الارضي بالكواكب التي يتألف منها مجرة هذا الكون،

أتذكر إن (ابليس ) قبل ان يطرد من ملكوت( القدير ) قال مرة وهو يحدثنا عن العالم بشموليته المطلقة إن (القدير ) صنع علاقات هذا العالم بكل مجراته وكواكبه على اساس معادلات فيزيائية بالغة الدقة ، كنا نسمع هذا لأول مرة وقد شدنا ونحن نصغي بانتباه شديد ، فما نعرفة هو بالحدود التي فرضها (القدير ) ولم نك نعرف أبعد من ذلك ، ابليس الذي كان مع (القدير ) وهو يصنع العالم كان في السفر الديني ،ملما بكل التفاصيل ، قال ان الفيزياء هي التي تفسر حركة الاكوان والكواكب وتحسب سرعتها بدقة متناهية لضمان عدم التصادم بينها لأن السرعة التي تتحرك بها تمنحها قوة تدميرية هائلة تشكل كارثة لكل الاكوان

بعد ذلك واثناء عملي في الكون الارضي تعرفت على العديد من مجالات المعرفة التي استطاع الانسان التمكن منها ، وبدأت تتشكل لدي مفاهيم معرفية مختلفة،ولكني  تحاشيت ان أختلط بالبشر كما فعل الملكان هاروت وماروت الذين بعثمها (القدير ) الى بابل ولكنهما علما الناس السحر مقابل المال والنفوذ ، ولم ينفعهما أنهما كانا يخبران المتعلم إن هذا السحر مضر ، وقد انقطعت عنا اخبارهما ولم يعودا الينا ،ولكن اخبار قدرة سحرهما على تفريق الزوجة عن زوجها كانت  في السفر الديني.

لم تكن بابل غريبة علي فقد كنت أجد فيها مدينة تتسم بالعالمية ،ففيها من كل اجناس الكون الارضي وكانت عاصمة العالم القديم، وقد فسرت الاهتمام بالسحر فيها الى انتشار اليهود في كل طبقات الجنائن المعلقة، وهم من روجوا للسحر فقد كانت عصى موسى  التي التهمت افاعي سحرة فرعون في مصر اعلى مراتب السحر رغم انها كانت بأمر (القدير)،وكانت دكاكين السحرة اليهود تعج بالنساء على وجه الخصوص ، ومن أغرب ما صادفت فيها وأنا استلم روح أحد كبار السحرة   وأحد الضباط في الجيش البابلي  وأرسلهما الى الوادي ، أن الساحر أعطى أحد  صغار الضباط في الجيش البابلي تعويذة تمكنه من الحصول على مراتب متقدمة في الجيش ، في اليوم التالي وصلت وشاية من مجهول الى مسؤول الضابط من أنه يتامر مع العدو ….استدعاه المسؤول ، وحين تم تفتيشه وجدت التعويذة المكتوبة باللغة العبرية وحين تم ترجمتها  ،كانت تتضمن الدعاء الى رب يهوذا بخراب بابل وموت الامبراطور البابلي وعودة اليهود الى بيت المقدس…..اعدم الساحر اليهودي والضابط البابلي . 

كانت الافكار تتعبني وأحاول أن ابعدها عن ذهني ، وأحيانا أرى ابليس متعمدا يعترض طريقي فأستعيذ بالله وأنشغل بعملي 

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here