حكومة الجميع حكومة المحاصصة

حكومة الجميع حكومة المحاصصة

محمد عبد الرحمن

مثل هذه الحكومة جُرّب منذ 2005 وثبت بالدليل القاطع فشله. كما ان الازمات التي يمر بها العراق حاليا وتداعياتها على مختلف الصعد، وفي الأساس على حياة الناس ومعيشتهم، كذلك وصول العراق الى الدرك الأسفل في تصنيفات ومؤشرات دولية مختلفة، برهان ساطع على ذلك .
تصريحات بعض المتنفذين في مقاطع زمنية معينة، وفي لحظة ضغط الحركة الاحتجاجية وزخمها العالي، يجري الان تناسيها او كانهم لم يقولوها. وكان هذا البعض قد قال ما معناه: نحن “يقصد المتنفذين” جميعنا نتحمل المسؤولية، ولا احد منا يستحق ان تسند اليه اية مهمة لاحقة. فما عدا مما بدا ونحن شهود اليوم على هذا التشبث بالسلطة ومواقعها، وعلى السعي المحموم لانتاج ذات المنظومة والنهج، اللذين اوصلا بلادنا الى ما هي فيه من تراجع وأزمات وكوارث؟
حكومة الكل جُربت، والمسؤول فيها بعيد عن الرقابة والمساءلة ، وهو ناقد ومعارض وحاكم ومهيمن على القرار في الوقت نفسه . الكل ينتعش ويغدو بطلا عند تحقيق شيء ما ، والجميع يتهرب من تحمل مسؤولية الإخفاقات، وفريق يلقي باللائمة على الآخر. والحصيلة معروفة، فلا بناء ولا اعمار بل تخلف مريع وتفشي للفساد، ولا احد من هؤلاء يتوجه بحزم لفتح ملفاته. فكم من رئيس وزراء قال عندي ملفات فساد لو فتحت لقلبت الأمور رأسا على عقب، ولكن بقي القول قولا وظلت تلك الملفات في الادراج يغطيها التراب . فاي حديث من هؤلاء الآن عن محاربة الفساد يثير الضحك والقرف في الوقت ذاته .
فحكومة الكل تعني تخادم المصالح وضياع المسؤولية واستمرار تفشي الفساد ، وتعني فلتان السلاح والافلات من المساءلة والعقاب، بقانون يُشرَّع لخدمة هذا الهدف او بغيره الذي بات معروفا، بما في ذلك الضغوطات الكبيرة على القضاء .
حكومة كهذه تعني ببساطة ان معاناة البلد مستمرة ومرشحة للتفاقم، في وقت تلح الحاجة فيه الى بدء خطوات جادة لمعالجة ما تراكم من أخطاء وخطايا، قام بها أساسا المتنفذون ذاتهم الذين يتدافعون اليوم على كراسي السلطة ومغانمها، فهؤلاء في واد وغالبية العراقيين في واد اخر مختلف تماما ، يعانون الفقر والمرض والجوع والحرمان والتمييز وانعدام فرص العمل .
وان من يصر على السير على المنهج الفاشل ذاته، بغض النظر عن المبررات غير المقنعة ومنها الدفاع عن مصالح هذا المكون او ذاك، انما يقف شاء ام ابى بالضد من إرادة غالبية الشعب، التي قالت كلمتها واضحة وصريحة ومدوية، سواء في انتفاضة تشرين ام في انتخابات تشرين 2021، حيث اقتربت نسبة العازفين عن المشاركة والمقاطعين من 80 في المائة .
فمتى يدرك هؤلاء المتنفذون المصرون على ادامة الفشل، انهم يسبحون ضد التيار الشعبي العارم المطالَب بالتغيير، بما يعنيه من قطيعة تامة فاصلة مع نهجهم المدمر، الذي لا يرتجى منه أي اصلاح، ناهيك عن تغيير شامل مطلوب.
ان على هؤلاء المتنفذين اعادة قراءة اللوحة، فالحراك الجماهيري لم يمت، وما التظاهرات والاحتجاجات الأخيرة على سوء الأوضاع المعيشية وارتفاع الأسعار، الا ارهاصات تؤشر القادم وهو كبير وواسع، حيث ان المواطنين اتخذوا قرارهم الشجاع الحريص على الوطن وعلى استعادته، عندما اعلنوا “الاستقالة من السكوت”.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
جريدة “طريق الشعب” ص2
الاحد 27/ 3/ 2022

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here