إقليم كوردستان على خارطة الطاقة العالمية

جواد ملكشاهي

بعد تغيير النظام السياسي في العراق في 2003 كان لابد لقادة اقليم كوردستان البحث عن موارد اقتصادية جديدة لبناء أقتصاد مستقل يعتمد على الموارد الذاتية وبناء البنية التحتية لتوفير الخدمات كالكهرباء والماء وشبكات الطرق والمواصلات والمستشفيات والمدارس وماتحتاج لها الحياة العصرية،ايماناً منها بأن شعب كوردستان الذي انهكته الحروب وجرائم الابادة الجماعية في عهد الدكتاتورية، لابد ان يبدأ مرحلة الاستقرار الامني والسياسي والاقتصادي.

السيد نجيروان بارزاني على الرغم من تجربته القصيرة في ادارة الحكم في الأقليم اثناء ترأسه الحكومة للمرة الأولى ،وضع برنامجين ستراتيجيين قصير وبعيد المدى لبناء اقليم قوي مزدهر يعتمد على موارده الخاصة،فكان لابد ان يبدأ العمل بخطى حثيثة للأستثمار في مجال الطاقة وفي عام 2006 بدأ العمل في قطاع النفط والغاز وكانت البداية توقيع اكثر من 50 عقدا مع شركات نفطية دولية صغيرة مثل غولف كيستون، وجينيل، وويسترن زاغروس.

باكورة الاستكشافات كان حقل شيخان العملاق الذي تقدر احتياطاته ب 14 مليار برميل من النفط،وبرغم المشاكل والمعوقات التي اختلقتها الحكومة الاتحادية والتي حاولت بشتى السبل أعاقة و وضع العصي في عجلة تنفيذ المشروع من قبل حكومة الأقليم وثنيها عن هذا المشروع الستراتيجي وكذلك المشاكل الأمنية في المنطقة والبحث عن منفذ آمن لتصدير النفط المستخرج للأسواق العالمية، تمكنت من جذب شركات نفط عالمية عملاقة للعمل في المشروع كشركة اكسون موبيل التي باشرت في العمل في 2012 تلتها شركات شيفرون، وتوتال، وغاز بروم.

اليوم بعد مرور 16 عاماً على استثمار الطاقة في اقليم كوردستان ورغم جميع الضغوطات المحلية والأقليمية والمشاكل والمعوقات التي تعترض الصناعة النفطية،اصبح الأقليم ضمن خارطة الطاقة العالمية وله دورآني ومستقبلي مؤثر في اسواق النفط والغاز على مستوى العالم،وهذا مابرز في كلمة السيد مسرور بارزاني رئيس حكومة اقليم كوردستان في مؤتمر الطاقة الذي عقد في دبي الأسبوع الجاري.

وأكد البارزاني خلال كلمته الى عدة امور مهمة تخص صناعة النفط والغاز في اقليم كوردستان اهمها قدرة اربيل لتعويض كمية من حاجة اسواق الطاقة العالمية من الغاز ،بالأخص بعد الحرب الروسية الأوكرانية وفرض عقوبات اقتصادية على موسكو التي اثرت على كمية الغاز المصدر الى دول اوروبا، وأضاف إن إقليم كوردستان سيبدأ بتصدير الغاز الطبيعي الى اوروبا قريباً, منوها الى أن أربيل ستصبح قريباً مصدراً مهماً للطاقة، وسيسهم في تلبية الطلب العالمي كما سيبدأ التصدير إلى تركيا في المستقبل القريب”.

وفي سياق كلمته أشار الى قرار المحكمة الاتحادية العليا الأخير بشأن عدم دستورية قانون النفط والغاز لأقليم كوردستان المرقم (22) لعام 2007 الذي اقره برلمان كوردستان كورقة ضغط سياسية عاداً اياه قرار مسيس غير دستوري لايمكن للأقليم الألتزام والعمل به كونه يمس الحقوق الدستورية لشعب كوردستان.

كما ارسل السيد رئيس حكومة اقليم كوردستان رسالة،طمأن فيها دول الجوار والمنطقة بأن اقليم كوردستان لايشكل تهديداً او خطراً على جيرانه قائلا: إن كوردستان القوية المستقلة اقتصادياً لا تشكل تهديداً لجيرانها أو لشركائها في بغداد والمنطقة بل على العكس،لافتا إلى أن “حكومتنا ملتزمة بالعقود التي وقعناها مع شركائنا في قطاع النفط والغاز”.

من مجمل كلمة السيد رئيس حكومة اقليم كوردستان يمكن الأستنتاج أن الأقليم بدأ مرحلة جديدة لبناء اقتصاد متكامل والأعتماد على موارده الذاتية من خلال حضوره في خارطة الطاقة العالمية وبالأخص في مجال صناعة الغاز واشارته الى تعويض قسم من حاجة دول اوروبا من الغاز بعد فرض عقوبات على روسية بسبب غزوها لأوكرانيا،دلالة على ان اقليم كوردستان سيكون في مصاف الدول الكبرى لتصدير الغاز بعد روسيا وقطر والجزائر.

والأهم من كل ذلك هو ان الأقليم يسعى للتعاطي مع الحكومة الاتحادية لحل الخلافات بين بغداد واربيل من جانب و لربط مصالح دول المنطقة الأقتصادية والسياسية وبالاخص تركيا ودول اوروبا من جانب آخر،لضمان الحفاظ على كيان اقليم كوردستان من المخاطر والتهديدات الداخلية والأقليمية التي تحاول فرض هيمنتها على شعب كوردستان.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here