التحولات السياسية في المنطقة قد تغير موقف قطر من حماس

فاضل المناصفة

مما لا شك فيه أن تصريح قيادات حماس الذي باركت فيه العملية الداعشية الأخيرة داخل الأراضي المحتلة قد وضع قطر في حرج كبير خاصة وأنها تتمتع الآن بوضع خاص أمام الإدارة الأمريكية الجديدة التي وضعتها كحليف رئيسي خارج الناتو: ان الإشادة بداعش والدعوة إلى المزيد من الهجمات ضد الاحتلال هو سقطة كبيرة لم تراعي فيها حماس وضع قطر الجديد في ميزان العلاقات الدولية على اعتبارها الداعم الوحيد الذي يحول دون زوالها.

في الوقت الذي تعلن فيه قطر عن افتتاح ورشة لتركيب الأطراف الصناعية الإلكترونية في غزة، لتدعم من خلالها العشرات من جرحى متضرري الحرب، والذي لم يكن ليتحقق لولا متانة علاقات قطر مع الاحتلال التي تسمح لها بقيادة دور في غزة، تخرج حماس يتصريح يصف عملية داعش في مدينة الخضيرة في شمال إسرائيل، بـ”العملية النوعية”، واصفة إياها انها تأتي كردّ طبيعي على قمّة النقب، التي جمعت وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن مع وزراء خارجية إسرائيل والمغرب ومصر والبحرين والإمارات العربية المتحدة..كيف لقطر الان أن تبرر دعمها لبقاء حماس في الوقت تشيد فيه هذه الأخيرة ببسالة وإقدام منفذَي هذه العملية البطولية ثأرا لدماء الشهداء ! وكيف سيكون بالإمكان الحفاظ على قنوات التواصل القطرية مع دولة الاحتلال والاستجابة لمطالبها وتدخلاتها في قطاع غزة في الوقت الذي تعلن فيه حماس اعلانا صريحا انها لا تمانع ان تكون غزة مسرحا لتسلل دواعش الى إسرائيل …هذا يعني أن الاحتلال سيعيد النظر في علاقة قطر بحماس ووساطتها من أجل دعم جهود الاعمار.

لقد أصبحت قطر الان أكثر حذرا مما سبق في دعمها لحماس، فهي لا تريد ان يتحول الدعم الإنساني للقطاع الى دليل ادانة بتمويل ورعاية الإرهاب ولهذا تطرق اجتماع العمادي مع السنوار الى خفض المنحة المخصصة لمسؤولي حكومة حماس في غزة من 10 ملايين دولار إلى 3 ملايين دولار، ويأتي قرار قطر لأن حماس تخفي عن قطر في تقاريرها المالية معلومات تتعلق بمبالغ ومصادر الايرادات. وقال مصدر قطري إن العمادي وبخ السنوار وطالب بالشفافية الكاملة أمام قطر لان حماس لا تفكر في دعم عمليات الاعمار بقدر ما تفكر ان يكون لها جزء من أموال هذا الاعمار لتستمر في دعمها لفصائل الجناح العسكري.

ان الأساس المنطقي الذي إعتمدت عليه قطر في دعمها لحماس هو أن المجموعات الإسلامية تنتشر وستلعب حتماً دوراً في المنطقة، ولكن ومع انهيار التيار الإسلامي في المنطقة العربية أصبح هذا الدعم لا يجلب شيئا خاصة وان التحولات والتحالفات الجديدة في المنطقة تقتضي إعادة الحسابات وتوظيف الدعم المالي فيما يحفظ مصالح قطر ووزنها في المنطقة والعالم.

نحن أمام تحولات سياسية واقتصادية كبيرة في المنطقة، تفرض على قطر إعادة حسابتها تماما مثل ما فعلت تركيا مؤخرا مع حماس، ولا يستبعد أن تقوم قطر بإعادة قراءة المشهد الفلسطيني، اذ لا حاجة لقطر في الاستمرار بدعم حماس مادامت هذه الأخيرة لا تحسب لها حسابا في وزن علاقاتها الإقليمية والدولية الجديدة…. لقد صرفت قطر ملايين الدولارات في علاقة لم تجلب لها الا المتاعب ولم تغير من المشهد البائس للقطاع شيئا، بل كانت مجرد مسكنات لاتعالج العلة.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here