النظامين البرلماني والرئاسي ووزير الكهرباء وتركيا!!!

النظامين البرلماني والرئاسي ووزير الكهرباء وتركيا!!!
فارس حامد عبد الكريم
ماذكره وزير الكهرباء السابق ونشر وعلق عليه في موقع أحد السادة الفضلاء المتصدين للفساد وجاء فيه ( .. لقد ادعى قاسم الفهداوي – وهو وزير الكهرباء السابق – أنَّ بعض النواب راجعوه وطالبوه بقطع التيار الكهربائي عن بعض المناطق في بغداد لصالح أصحاب المولدات، وأغلب الظن انَّ المولدات لم تكن لغيرهم بل كانت لهم وهذه من أبشع صور النوائب التي قد لا يصدقها بعض الناس لغرابتها)*.
وهذا باضبط ما يختصر الفرق بين النظام الرئاسي والنظام البرلماني في الدول المتخلفة، دون الحاجة الى فلسفة الفكرة!!
فليس للنائب او لغيره في النظام الرئاسي ان يلف الوزارت بحثاً مكاسب شخصية غير مشروعة وابتزازات لانهاية لقذاراتها من الناحية النفسية والسلوكية. لانه يمكن للوزير ان (يطرده) من الوزارة ويقوم بتسجيل دعوى جزائية ضده امام القضاء المختص دون ان يمس شخصه او مركزه الوظيفة اي ضرر مادي او معنوي من الناحية الدستورية والقانونية.
اما في النظام البرلماني في الدول المتخلفة فالأمر مختلف تماماً، فيمكن للنائب ان يلف من وزارة الى وازرة بحجة الرقابة والحرص على مصالح الشعب (التعبير ليس مطلق طبعاً)، ولكن في الواقع انه قد يكون في حالة حمى التكسب غير المشروع على حساب مصالح الشعب وليس لصالح الشعب.
فإن رفض الوزير التجاوب معه فيمكن له (أي للنائب) ان يجمع من امثاله وكانوا (في الهوا سوا) تواقيع لإستجوابه بتهمة مدبرة ( كالفساد او سوء الإدارة، …..)،والتهم الجاهزة متنوعة ولاتعد ولا تحصى، ومن ثم اقالته بناء على تلك التهم وإسقاطه سياسياً… والموضوع سهل وبسيط جداً، لايحتاج سوى ورقة وقلم وجمع التواقيع اثناء تناول الشاي والبسكويت وتجاذب اطراف الحديث حول المنافع المتبادلة.
ولايمكن لهذا الشئ ان يحصل بهذه السهولة في النظام الرئاسي، فالإجراءات الدستورية لإقالة الوزير من منصبه، بسبب الفساد مثلاً، فيجب ان يستجوب امام البرلمان ابتداءاً، فان اتهم بالفساد فيحال للقضاء، وهو الذي له الحق لوحده ان يحكم بفساده او براءته من التهم الموجهة اليه، وهذا ما يتفق مع الدستور والمواثيق الدولية ذات الصلة.
وكم من وزير كان من الشجاعة الادبية واعلن عن هذا الشكل من الفساد، لقد كانوا قلة، ولكن قلتهم لاتشير الى الحجم الحقيقي لهذا النوع من الفساد، لأن الشجاعة الأدبية للوزير النزيه قد تقوده الى الإقالة في النهاية او حتى للسجن اذا لم يتمكن من اثبات دعواه.
ان أصابع الاتهام الموجهة للنظام البرلماني بالفساد في كثير من الدول المتخلفة، تشير اليها وقائع كثيرة فكم من (حافٍ) تحول بين ليلة وضحاها الى اثرى اثرياء البلد وامتلك القصور العملاقة والعجلات الفارهة بينما امسى ابناؤه يلفون الملاهي في البلدان المختلفة وينثرون ملايين الدولارات على أوضع وأرخص الراقصات وتوافه المطربين وهذا هو ديدن المشوهين حينما يستكلبوا على شعبهم بالنباح الدي لاينقطع بينما تراهم منبطحين في الملاهي يرقصون ويمرحون على صوت ايقاع اقدام واحذية قذارات الملاهي كما يحصل في كثير من البلدان المتخلفة ذات النظام البرلماني، وذكرتها مراراً تقارير صحفية عديدة.
فينبغي للنظام البرلماني لكي ينجح ان يضم اغلبية عالية من شرفاء الوطن الذين يتصارعون من اجل خدمة شعبهم بالطريقة التي يرونها افضل، فالصراع هنا على الوسيلة المناسبة لا على المكاسب الشخصية والعائلية وملأ المناصب في بالاحباب والاقرباء ….
وهذا هو بالضبط أحد اهم الأسباب الرئيسية التي دعت المخلصين الوطنيين من ذوي الغيرة على شعوبهم الى قلب النظام البرلماني على رأس فاسديه، بعد معاناة شعبية طويلة من فساده، والإسراع الى تحويله الى نظام رئاسي.
وخير مثال هلى ماتقدم هو التعديل الدستوري في تركيا؛ الذي حول النظام السياسي من برلماني الى رئاسي، والذي صوت عليه الشعب التركي باغلبية ساحقة، بعد معاناة لسنوات طويلة من فساد النظام البرلماني والمحاصصة المقيتة بصورها المختلفة، والاثراء غير المشروع على حساب الشعب، والتخلف الاقتصادي، وازمات مستعصية مختلفة في الخدمات العامة والبنية التحتية المتهرئة، فقبل سنوات ليست بالبعيدة كان الناس في المدن التركية يتجمعون بالآلاف بانتظار السيارات الحوضية للحصول على كم لترمن الماء الصالح للشرب *.
ولكن الوضع اليوم مختلف تماماً، فقد تحققت قفزة هائلة، بكل معنى الكلمة، في كل مجالات الحياة، ابتدأت بترسيخ النظام القانوني، وتحقيق العدالة الإجتماعية وتكافؤ الفرص، وتوفير كل انواع الخدمات لراحة المواطنين، ولايمكن ان تلاحظ مظاهر للفساد الإداري لان اغلب المعاملات اصبحت تجري وفق نظام الحكومة الالكترونية الذي يسمى في تركيا بنظام (e-dolt) وهو برنامج يمكن تنزيله من الانترنيت ويمكن لك من خلاله ان تجري اغلب معاملاتك الحكومية وتسحب منه جميع مايتعلق بك من وثائق رسمية (طابو، وثائق مدرسية، احكام قضائية وغرامات، ودفع الضرائب والرسوم …) وانت جالس في البيت.
بالإضافة الى برامج اخرى تتعلق بالصحة الشخصية كحجز مواعيد الاطباء في المستشفيات وغيرها وبرامج المعاملات المصرفية المتنوعة…
لانقول ان الوضع اصبح مثالياً ولكنه في الطريق الى ذلك او شيئاً من ذاك.
واذا تمت الإشارة الى الاوضاع الإقتصادية الطارئة فسببها خفض الفوائد في البنوك، ولاحاجة لتذكير القارئ العزيز كم هو مقدار الفوائد المبالغ فيها لدرجة كبيرة على القروض في بلدنا العزيز.
لسنا هنا بصدد مدح احد بلا معنى، ولكن حبنا لشعبنا وبلدنا يقودنا حتماً الى انتقاد الاوضاع السلبية ومقارنتها بتجارب ناجحة وان كان في ذلك النقد مخاطر واضحة على الصعيد الشخصي لاتخفى مظاهرها المتنوعة على اللبيب.
—–
* انظر صفحة السيد حسين الصدر، الفيس بوك، موضوع أهو نائب أم نائبة؟‏
………..
* لاحظ النتائج المتشابهة للأوضاع المتشابهة لفساد النظام البرلماني في العديد من الدول.
وكانت الفلسفة البابلية القديمة بصورتها الأولية اول من لاحظت ان (الأوضاع المتشابهة تعطي نتائج متشابهة بغض النظر عن الزمان والمكان)*
* ان القول ان الفكرة صالحة بغض النظر عن الزمان والمكان يعبر عنه بمصطلح (التجريد) في الفلسفة المعاصرة.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here