عقدتي الاتفاق النووي والتدخلات الايرانية

محمد حسين المياحي

مايجري في محادثات فيينا ومايقال عن وصولها الى مرحلتها النهائية ومايشاع من إن الامور تجري الى حد ما لصالح نظام الجمهورية الاسلامية الايرانية، قد يعطي ثمة إنطباع لدى البعض بأن النظام الايراني في موقع قوة وإن المفاوضين وبشکل خاص الاوربيين والامريکان في موقع ضعف وکذلك بأن مشاکل النظام الايراني سوف تتضائل أو حتى تنتهي بعد إبرام الاتفاق النووي، لکن ولو دققنا في الامر من مختلف الزوايا لوجدنا إن الواقع ليس کذلك بل وحتى إنه قد يکون على العکس من ذلك!

مشکلة النظام الايراني الحقيقية لن تنتهي أو حتى يتم التخفيف عنها بعد إنتهاء محادثات فيينا وإبرام الاتفاق النووي بل إن المشکلة ستبدأ بعد إبرام الاتفاق ولاسيما عندما ستبقى الاوضاع على ماهي عليها ولن يکون الاتفاق المنتظر بمثابة “عصا موسى”، لکي تضع حدا للمشاکل والاوضاع السلبية بين ليلة وضحاها. الخلاف الجاري بشأن إزالة الحرس الثوري من قائمة المنظمات الارهابية والذي يبدو إن واشنطن تواجه وضعا صعبا على أکثر من صعيد بصدد ذلك إذ أن هناك ثمة رفض في أمريکا نفسها وعلى الصعيد الدولي والعربي لهکذا خطوة لأنها ستنعکس سلبا على السلام والامن والاستقرار في المنطقة وسوف تساهم في زعزعة الاوضاع أکثر من ذي قبل خصوصا وإن تجربة إزالة الحوثيين من قائمة الارهاب أثبتت فشلها بدليل إنها لم تتمکن من لجم التحرکات والنشاطات الارهابية للحوثيين والاهم من ذلك إن الحوثيين وکما يعلم القاصي قبل الداني على علاقة وثيقة بالحرس الثوري ويتحرکون ويتصرفون بصورة عامة کما يريد ويطلب ويرتأي هذا الجهاز.

السٶال: هل سينجح النظام الايراني في التغلب على الموقف الاميركي من عقدتي الاتفاق النووي والتدخلات في بلدان المنطقة وأن يخرج بأقل خسارة ممكنة؟ وما هي التنازلات التي سيقدمها للأميركيين، وهل سيتمكن من الحصول على مكاسب نظير تلك التي حصل عليها مع إدارة أوباما؟ من الواضح جدا إن الاميركان عندما يجلسون على طاولة التفاوض مع الايرانيين فإنهم يضعون عدة أمور نصب أعينهم، منها إنهم في موقف وموقع القوة وإن الاوضاع الداخلية في إيران على أسوأ ما تكون والشعب يحلم بالتغيير وإن شعوب وبلدان المنطقة ترى في التدخلات الايرانية عاملا سلبيا وتريد أن ترى نهايته.

جعل إدارة بايدن لإعادة صياغة جديدة للإتفاق النووي والنفوذ الايراني في بلدان المنطقة هدفين أساسيين لها، يأتي بسبب معرفتها جيدا بأن أغلبية الاموال الايرانية بما فيها التي تم إطلاقها على أثر الاتفاق النووي عام 2015، قد تم صرفها في المجالين ساردي الذكر، وعندما ستنجح الادارة الاميركية في جعل إيران تخرج من كلاهما خالية الوفاض تقريبا، فإن ذلك سيعني بالضرورة جعل رمس النظام جاهزا لدفنه، ذلك إنه ليس النظام وأجهزته الامنية فقط وانما المرشد الاعلى للنظام قد فقد هيبته وصار هدفا داخليا وعندما يصبح الشعب الايراني على علم ويقين كامل بأن الاموال التي كان يجب أن تصرف من أجل بناء مستقبله ومستقبل أجياله قد ذهبت هباء منثورا، فعندئذ إن الذي سينتظر النظام ليس إلا الدخول في مفترق يٶدي معظم طرقه الى الهاوية!

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here