محللون : الوضع السياسي الحالي مخالف للدستور ومعطل للاستحقاقات الانتخابية‎‎

في نهاية الشهر الماضي، قدّم زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، عرضاً للقوى السياسية المناوئة له، وتضمن العرض منح مهلة 40 يوماً لتشكيل الحكومة الجديدة بمعزل عن تياره ، وذلك بعد رفض قوى “الإطار التنسيقي” مشروع الصدر المتضمن تشكيل حكومة أغلبية وطنية ببرنامج واسع يمتد لأربع سنوات مقبلة، في وقت تطالب فيه تلك القوى (معظمها موالية لإيران) بحكومة “توافقية” تشارك فيها كل القوى الفائزة بالانتخابات ولا تقصي أحداً.

ويصف محللون للوضع السياسي الذي يمر به العراق عبر استمرار حالة الانسداد السياسي وتعطيل الاستحقاقات التي نتجت عن الانتخابات بـ”الخطرة” والمخالفة للدستور ، وانه لابد من الوصول الى حلول فورية لتدارك الخرق الدستوري الذي تعيشه البلاد حاليا.

تجديد لحالة التحدي

في هذا الصدد يقول الباحث السياسي والكاتب، الدكتور يحيى الكبيسي في حديث  ان” مهلة الـ(40) يوما تجديد لحالة التحدي بين الاطار التنسيقي والتيار الصدري اللذان مازالا متمسكين بموقفهما تجاه تشكيل الحكومة الجديدة”، مشيرا الى ان “المشكلة اكثر تعقيدا من الأربعين يوم حيث دخلنا في انتهاكات دستورية دون مواجهة أي عقوبة”.

ويرى الكبيسي ، ان “المشهد السياسي في البلاد يدور في نوع من متوالية الانتهاكات الدستورية” ، مبينا ان “هناك إشكالية في طبيعة النظام السياسي في العراق” .

ويضيف ، ” ان النظام السياسي في العراق منح رئيس جمهورية صلاحيات كاملة بالرغم من انه منتهي الصلاحية،وحكومة تصريف اعمال تتصرف وكأنها كاملة الصلاحية لذلك فالمشكلة ليست في القوى السياسية بل في النظام السياسي” وفق قوله.

مهلة الـ 40 يوماً

ويرفض الصدر إجراء حوارات جديدة قبل انقضاء مهلة الأربعين يوما، مع تأكيدات جديدة لمصادر مقربة منه عن رفضه مبادرة تقدم بها “الإطار التنسيقي”، أخيراً، تضمنت منح الصدر حق تسمية رئيس الحكومة الجديد في مقابل موافقته على الدخول معهم بكتلة برلمانية واحدة، لتشكيل الكتلة الكبرى من قبل القوى الشيعية حصراً. وهو ما يعني تفكيك تحالفه الجديد “إنقاذ الوطن”.

وعلى الرغم من مضي نحو 6 أشهر على إعلان نتائج الانتخابات التشريعية العامة التي أجريت في العاشر من أكتوبر/تشرين الأول من العام الماضي مازال الموقف معقدا نتيجة عدم ظهور أي بوادر للاتفاق بين الأطراف السياسية لتشكيل الحكومة الجديدة.

الانتخابات المبكرة “كذبة”

من جانبه يتساءل  المحلل السياسي، كتاب الميزان، عن الفائدة من الانتخابات المبكرة ولم يتبقى سوى 40 يوماً على موعد اجراء الانتخابات الدستورية وانتهاء الدورة الرابعة.

‏ويقول الميزان ،  ان” دماء طاهرة تمت المتاجرة بها و توقيتات دستورية لم يتم احترامها واصفا الاتخابات المبكرة بأكبر كذبة بتاريخ العملية السياسية” وفق قوله .

الى ذلك يقول الكاتب والخبير بالشأن السياسي ،علي البيدر ،  ان ” الازمة في العراق تحتاج إلى حل توافقي جذري ولا يمكن الخروج منها إلا بالتوافق، مشيرا إلى أنّ الخلل ربما يكون بالدستور العراقي أو بالنظام السياسي ، فضلا عن فقدان الرغبة الحقيقية لدى جميع الأطراف لتقديم تنازلات معينة للطرف الآخر”.

وكان زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر قد غرد على تويتر ، مخاطبا قوى الإطار التنسيقي: “لن أتوافق معكم، فالتوافق يعني نهاية البلد، لا للتوافق بكل أشكاله”.

وأضاف ، أن “ما تسمونه بالانسداد السياسي أهون من التوافق معكم وأفضل من اقتسام الكعكة معكم ، فلا خير في حكومة توافقية محاصصاتية”.

وتساءل الصدر “كيف ستتوافقون مع الكتل وأنتم تتطاولون ضد كل المكونات وكل الشركاء الذين تحاولون كسبهم لفسطاطكم”.

وخاطب زعيم التيار الصدري الشعب ، قائلا “أيها الشعب العراقي لن أعيدكم لمأساتكم السابقة، وذلك وعد غير مكذوب ، فالوطن لن يخضع للتبعية والاحتلال والتطبيع والمحاصصة ، والشعب لن يركع لهم إطلاقا”.

وتسود حالة من الجمود الحياة السياسية في العراق منذ الانتخابات العامة التي أجريت في أكتوبر 2021 والتي شهدت أدنى نسبة إقبال، وما أعقبها من تهديدات وأعمال عنف وتأجيل للمصادقة على النتائج استمر أشهرا عدة.

وكان مجلس النواب العراقي قد  فشل في انتخاب رئيس جديد للجمهورية في الجلسات السابقة رغم انقضاء مهلة الثلاثين يوما منذ جلسته الأولى المنصوص عليها في الدستور.

ووفق العرف السياسي المتبع منذ أول انتخابات برلمانية عقدت بالبلاد عام 2005، فإن منصب رئيس الجمهورية من حصة المكون الكوردي، ورئاسة البرلمان للسنّة، ورئاسة الحكومة من نصيب الشيعة. وكانت رئاسة الجمهورية منذ 2005 من حصة حزب الاتحاد الوطني الكوردستاني ، إذ تقلدها الراحل جلال طالباني على مدى دورتين، ثم فؤاد معصوم، فالرئيس الحالي برهم صالح ، فيما يطالب الحزب الديمقراطي الكوردستاني هذه الدورة بالمنصب الذي يقول انه ليس حكراً على جهة سياسية معينة.

وتصدرت الكتلة الصدرية انتخابات العاشر من أكتوبر/تشرين الأول الماضي بـ 73 مقعدا، تلاها تحالف “تقدم” بزعامة محمد الحلبوسي بـ37، وائتلاف “دولة القانون” بزعامة نوري المالكي بـ33، ثم الحزب “الديمقراطي الكوردستاني” بزعامة مسعود بارزاني بـ 31 مقعداً.

 

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
,
Read our Privacy Policy by clicking here