حبنا الحقيقي للأخر، هو ابعد من مشاعر اللذة والألم

حبنا الحقيقي للأخر، هوابعد من مشاعر اللذة والألم * د. رضا العطار

اذا كان الناس دأبوا على تركيز انظارهم حول القيمة الانفعالية للحب فذلك لانهم قد وجدوا في الحب عاطفة ايجابية الى ابعد الحدود حتى لقد اقترنت هذه العاطفة في نظرهم باعمق انفعالات الغبطة والنشوة والسعادة! وليس من شك في ان خبرة الحب هي من اكثر خبرات البشر قيمة وخضوبة وثراء وربما كان من طبيعة الحب انه حين ياخذ بمجاميع قلبين فانه كثيرا ما يصور لهما انه ازلي ابدي عالي على الزمان على الرغم من ان تجربة الحب نفسها تجربة زمانية سيكولوجية عاطفية لها بدايتها ونموها وانحلالها.

والواقع ان المحبين يشعرون بان للحب معنى خالدا وكأن من شان الحب ان يكشف لهم عما في نفوسهم من نزعة خالصة هي افضل ما في ذواتهم – – – ان كل حب شخصي هو بطبيعته فردي مثله في ذلك كمثل حامله من جهة والموضوع الذي يتجه اليه من جهة اخرى. ولكل حب ايضا وجوده المثالي الخاص به وهو (الوجود) الذي لا بد من ان يبدو للكائنين المتحابين حقيقة خالدة ! صحيح ان دوام الحب رهن بمدى قدرة (الانسان التجريبي) على استبقاء هذه الحقيقة خصوصا وانه هو الذي (يحب) ! ولكن من المؤكد انه قلما يخلو (الحب) من مثل هذا الاحساس السامي، عال على الزمان. ىلا شك ان الخارجين عن دائرة الحب لا يرون في هذا الاحساس سوى مجرد (وهم) ولكنه في نظر المحبين انفسهم (حقيقة) لا يتطرق اليها ادنى شك.

واذا كان الناس كثيرا ما يتحدثون عن (سعادة) الحب فان هذا الوصف قد لا ينطبق تماما على خبرة الحب وآية ذلك ان الشحنات العاطفية التي تنطوي عليها هذه الخبرة لا تتطابق مطلقا مع انفعالات الغبطة والسرور، ان لم نقل بان (السعادة) نفسها امر ثانوي في الحب. والحق ان الحب يجمع بين اللذة والالم، بين النشوة والعذاب بين السعادة والشقاء وربما كان اعجب ما في الحب انه حين يبلغ درجة معينة من العمق العاطفي فان الالم والسرور عندئذ لا يلبثان ان يستويا، وكانما هو لا يبالي بالواحد منهما. وهذا هو السبب في ان عذاب المحبين قد يصبح مصدر سعادة لهم كما ان سعادتهم قد تصبح مصدر الم وشقاء ! او لعل الاقرب الى الصواب ان نقول ان القيمة العاطفية المميزة للمحب تقع فيما وراء كل من السعادة والشقاء لانها تمثل عاطفة من نوع آخر او عاطفة ذات رتبة مختلفة ومعنى هذا ان الصبغة الوجدانية للحب تشتمل على مضمون روحي خاص وكأن الذبذبات المتلاحقة لموجات اللذة والالم لا تمثل في حياة الحب سوى عامل فرعي او عنصر ثانوي بحت.

وليس من المستبعد ان ياتي المحب بمحبوب يسومه سوء العذاب او ان يقع المحبوب تحت طائلة محب جائر تسيطر عليه ارادة التملك. ولكن كل هذه الصور الشاذة من الحب تمنعنا من القول بان القيمة العاطفية الحقيقية للحب هي فيما وراء كل مشاعر اللذة والالم.

وحينا يستحيل الحب الى هوى عميق يطوي نفس صاحبه في جو روحي عامر بالسكينة فهنالك تصبح المشاركة القائمة بين القلبين المتحابين اعمق بكثير من كل ما تنطوي عليه حياة الوعي او الشعور كانما هي قد استحالت الى نور صاف يلمس برقة ناعمة اعماق (الحياة الروحية) للكائنين المتحابين.

· مشكلة الحياة د. زكريا ابراهيم القاهرة

· www.alattaronline.com
أفضل فني ستلايت بالكويت العطار 66889775 تركيب برمجة صيانة
أفضل فني ستلايت في الكويت 66889775 خدمات تركيب ستلايت تصليح صيانة رسيفر دش متخصصون في تركيب وصيانة وب
www.alattaronline.com

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here